بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الشائعات في ميزان الإسلام.. خطرها وأسبابها وسبل مواجهتها

بوابة الوفد الإلكترونية

في زمن تتسارع فيه الأخبار وتتعدد فيه الوسائط، أصبح التثبت من صحة ما يُقال وينشر ضرورة دينية وأخلاقية ومجتمعية، فالمسلم الحق لا ينقل خبراً حتى يتأكد من صحته وصدقه وكونه نافعاً، وإلا أصبح شريكاً في الضرر المترتب على انتشاره.

 

 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يُحدث بكل ما سمع» [رواه مسلم]، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا...} [الحجرات: 6].

في هذا السياق، تحدث الدكتور عطية لاشين، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عن موضوع الشائعات، موضحاً مفهومها، أنواعها، أهدافها، أسباب انتشارها، مخاطرها، وموقف الإسلام منها.

 

أولاً: مفهوم الشائعة
الشائعة – بحسب الدكتور لاشين – هي خبر زائف أو مجموعة أخبار كاذبة تنتشر بسرعة في أوساط المجتمع، ويظن الناس صحتها من دون دليل. وغالباً ما تعتمد الشائعات على عنصر الإثارة والتشويق، مما يجعلها مادة جذابة للتداول، خاصة في أوساط غير الواعين، رغم افتقارها للمنهجية والمصداقية.

 

ثانياً: أهداف الشائعات
تتنوع الأهداف التي تقف خلف بث الشائعات، ومنها:

  • أهداف ربحية: مثل ترويج شائعة عن قرب نفاد سلعة معينة أو ارتفاع أسعارها لجذب المشترين.
  • أهداف سياسية: كتشويه سمعة مسؤول أو زعزعة ثقة الناس بقيادات الدولة.
  • أهداف ترفيهية أو خبيثة: كإطلاق شائعة عن وفاة فنان أو لاعب شهير بدافع الحسد أو اللهو.
  • أهداف استطلاعية: حيث يطلق المجتمع نفسه شائعة معينة لجس نبض الرأي العام حول قضية ما.

 

ثالثاً: أسباب انتشار الشائعات
يفسر الدكتور لاشين الانتشار السريع للشائعات بعدة أسباب:

  • غياب المعلومات الرسمية الدقيقة: مما يترك فراغاً معلوماتياً يملؤه العامة بالتكهنات.
  • انخفاض الوعي والتعليم: حيث يسهل على الجاهلين تصديق ونقل الشائعات دون تمحيص.
  • غياب الأجهزة الرقابية: التي ينبغي أن تكشف زيف الأخبار وتفند الشائعات.
  • وسائل التواصل الاجتماعي: كالفيسبوك والواتساب والتي تسمح بتداول الشائعات بسرعة فائقة، تصل إلى أجزاء من الثانية.

 

رابعاً: أنواع الشائعات من حيث الانتشار
يشير الدكتور لاشين إلى أن الشائعات تتنوع بحسب نمط انتشارها، ومن أبرز أنواعها:

  • الشائعة الزاحفة: تنتشر ببطء وسرية حتى تشمل الجميع، وغالباً ما تستهدف المسؤولين.
  • شائعات العنف: تنتشر بسرعة وقت الحروب والكوارث لتضليل الرأي العام أو بث الرعب.
  • الشائعة الغائصة: تظهر ثم تختفي، ثم تعود إلى السطح في توقيت معين لخدمة غرض ما.

 

خامساً: مخاطر الشائعات على المجتمع
يحذر الدكتور عطية لاشين من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة للشائعات، والتي قد تزعزع استقرار المجتمعات، وتقلب الحقائق، وتنشر الفتنة، وتخرب الاقتصاد، وتزرع الشكوك في النفوس.

 ويضرب مثالاً على ذلك بجائحة كورونا، التي رافقتها شائعات علمية وطبية تسببت في حالة من الفزع والارتباك على مستوى العالم.

 

سادساً: موقف الإسلام من الشائعات
منهج الإسلام واضح في مكافحة الشائعات، ويقوم على التثبت والتبين والوعي بخطورة الكلمة. وقد نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا...} بشأن حادثة ادعى فيها الوليد بن عقبة ارتداد بني المصطلق عن الإسلام، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد للتثبت، ليتبين كذب الشائعة. 

ويعلّق الدكتور لاشين بأن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم يعكس قمة الحكمة في إدارة الأزمات وتفادي الكوارث. ويضيف: "وصف الله مروج الشائعة بالفسق، ولن يرتفع عنه هذا الوصف إلا إذا ثبت صدق ما نقله".