بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ترامب يراهن على التفاوض المباشر بين بوتين وزيلينسكى

الاتحاد الأوربى يقر حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو

بوابة الوفد الإلكترونية

تراجع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن موقفه المتشدد تجاه روسيا بشأن الحرب فى أوكرانيا، مؤيدًا مبادرة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لبدء مفاوضات مباشرة مع كييف، فى محاولة جديدة لإنهاء النزاع المستمر. هذا التحول جاء عقب مكالمة هاتفية مطولة بين ترامب وبوتين استمرت أكثر من ساعتين، وصفها ترامب بأنها كانت «صريحة ومثمرة»، وأعلن خلالها أن بوتين وافق على مفاوضات «فورية» تهدف إلى التوصل إلى اتفاق سلام شامل.

وأكد ترامب أن شروط الاتفاق ستترك للطرفين المعنيين، قائلاً: «هذه الدول تعرف تفاصيل الحرب أكثر من أى طرف ثالث». ويعد هذا الموقف تراجعًا واضحًا عن تصريحاته السابقة التى هدد فيها بفرض عقوبات مصرفية جديدة على موسكو، متهمًا بوتين بعدم الرغبة فى إنهاء الحرب، ومؤكدًا أن التعامل معه «يجب أن يكون مختلفًا».

فى خطوة مفاجئة، اقترح ترامب أن يتولى الفاتيكان دور الوسيط، مشيرًا إلى اهتمام البابا ليو الرابع عشر باستضافة جولة مقبلة من المفاوضات، وقال: «فلتبدأ العملية!»، وهو تصريح عكس رغبته فى نقل الوساطة إلى جهة دينية دولية. بحسب نيويورك تايمز الأمريكية.

ورغم أن ترامب اعتبر المبادرة الروسية «تنازلًا»، فإن موقفه بدا مماثلا مع الطرح الروسى القديم الذى يدعو إلى مفاوضات موسعة بدلًا من وقف فورى لإطلاق النار، ما دفع مراقبين إلى القول إنه بات أقرب إلى رؤية الكرملين.

فى السياق، اعتمد الاتحاد الأوروبى حزمة العقوبات السابعة عشرة ضد روسيا، مركزا على ما يسمى «أسطول الظل» الروسى من ناقلات النفط، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان والتهديدات الهجينة، وفق ما أعلنته مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد كايا كالاس. وكتبت كالاس على منصة X: «كلما طال أمد الحرب الروسية، ازدادت صرامة ردنا»، داعية الولايات المتحدة إلى اتخاذ «إجراءات قوية» فى حال لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار غير المشروط.

وعلق المستشار الألمانى فريدريش ميرز على الاتصال بين ترامب وقادة أوروبيين قائلًا إن الاتحاد الأوروبى «سيزيد الضغط» على موسكو بعقوبات إضافية، مؤكدًا تماسك الموقف الأوروبى فى دعم أوكرانيا.

عبر الرئيس فولوديمير زيلينسكى عن قلقه من تغير الموقف الأمريكى، مؤكدًا أن أى مفاوضات لا بد أن تشمل تمثيلًا أمريكيًا وأوروبيًا مناسبًا. وقال فى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: «من الواضح أن روسيا تحاول كسب الوقت من أجل مواصلة حربها واحتلالها». ومع ذلك، لمح إلى أن الحل يجب أن يكون عبر المفاوضات، لكنه طالب بمقترحات واضحة وواقعية، وبمواصلة الضغط الدولى على روسيا من خلال العقوبات.

وأوضح زيلينسكى أنه تحدث مرتين مع ترامب ضمن جهوده لضمان انخراط الغرب، كما أجرى محادثة مع الرئيس الفنلندى ألكسندر ستوب، وسيتحدث مع مزيد من الحلفاء فى اليوم ذاته.

وكان لقاء قد جرى يوم الجمعة الماضى فى إسطنبول بين مسئولين روس وأوكرانيين، فى أول مفاوضات مباشرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، انتهى باتفاق على تبادل ألف أسير من كل طرف، دون إحراز أى تقدم بشأن وقف إطلاق النار. وأظهر اللقاء أن رهان ترامب على قدراته الشخصية فى التفاوض يصطدم بتعقيدات الحرب وتباعد مواقف الطرفين.

وفى تصريح لاحق، تحدث ترامب عن الجانب الاقتصادى للنزاع، معتبرًا أن إنهاء الحرب قد يفتح آفاقًا «لتجارة واسعة النطاق» بين موسكو وواشنطن. ونقل مستشار الرئيس الروسى للشئون الخارجية، يورى أوشاكوف، عن ترامب قوله إن «روسيا شريك تجارى رئيسى محتمل». وكتب ترامب عبر منصة «تروث سوشيال»: «هناك فرصة هائلة أمام روسيا لخلق كميات هائلة من الوظائف والثروة»، ملمحًا إلى مكاسب اقتصادية ممكنة فى مرحلة ما بعد الحرب.

مع ذلك، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن ترامب «يشعر بالإحباط من الطرفين»، ورفضت الإفصاح عما إذا كان قد حدد مهلة زمنية للاتفاق. وقال ترامب للصحفيين إنه يتوقع تقدمًا فى المفاوضات، وإنه «سيتراجع» فى حال تعثرت، دون توضيح المقصود بذلك.

المكالمة بين ترامب وبوتين جاءت بعد أسابيع من التوتر، حيث سبق أن حمّل ترامب بوتين مسئولية استمرار الحرب، موجهًا له توبيخًا علنيًا أواخر أبريل بعد قصف روسى عنيف لأوكرانيا. لكنه لم يعلق هذه المرة على هجوم بالطائرات المسيرة عشية المكالمة أسفر عن مقتل امرأة وعدة إصابات، واكتفى بالإشارة إلى أنه قال لبوتين: «فلاديمير، متى سننهى هذا؟»، مشيرًا إلى أن بوتين كان يخاطبه بالاسم الأول طوال المكالمة، فى دلالة على طابعها الشخصى.

من جانبه، أكد بوتين أنه أجرى «محادثة صريحة ومهمة» مع ترامب، دون أن يُظهر أى تراجع فى مواقفه، مشددًا على أن روسيا مستعدة للتفاوض على مذكرة تفاهم «تعالج جذور الأزمة»، فى إشارة إلى مطالب موسكو بشأن السيادة على أراضٍ أوكرانية.

وفى إسطنبول، كررت روسيا هذه المطالب خلال المحادثات الأخيرة، بينما شددت أوكرانيا على رفضها المطلق لأى انسحاب من أراضيها. وأسفر اللقاء فقط عن اتفاق مبدئى لتبادل الأسرى، دون تحقيق أى اختراق فى القضايا الأساسية.

وقال زيلينسكى فى بيان أعقب المكالمة إن الاجتماع «أظهر التزامنا بالسلام، وضرورة استمرار الضغط على روسيا لوقف الحرب». من ناحيته، خفف الكرملين من سقف التوقعات، وقال المتحدث باسمه دميترى بيسكوف إن إنهاء الحرب «يتطلب جهدًا شاقًا وربما طويل الأمد».

وأضاف الكرملين لاحقًا أن الزعيمين ناقشا أيضًا تحسين العلاقات الثنائية، بما فى ذلك احتمال تبادل أسرى بين روسيا والولايات المتحدة بنسبة 9 مقابل 9، وهو ثالث تبادل منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ما يعكس اهتمامًا روسيًا بتخفيف العقوبات الأميركية عبر مسارات إنسانية.

وفى مكالمة لاحقة مع زيلينسكى، شدد الأخير على رفضه القاطع لأى انسحاب من أراضى أوكرانيا أو الرضوخ لإنذارات روسيا، وقال إنه طلب من ترامب عدم اتخاذ قرارات بشأن أوكرانيا دون إشراك كييف. وكتب فى بيانه: «إنها لحظة حاسمة، العالم يراقب ليرى ما إذا كان قادته قادرين على تحقيق وقف إطلاق نار وسلام دائم».

أما بيان ترامب، فاكتفى بالإشارة إلى أن «أوكرانيا، مثل روسيا، يمكن أن تحقق مكاسب تجارية ضخمة»، دون الكشف عن تفاصيل حديثه مع زيلينسكى، الذى انضم لاحقًا إلى مكالمة موسعة ضمت ترامب وعددًا من القادة الأوروبيين الذين جددوا دعمهم لأوكرانيا.