إضراب المحامين في الشرقية ينجح بنسبة 100% احتجاجًا على «الرسوم الجديدة»

في تحرك مهني يعكس وحدة الصف داخل جموع المحامين، أعلن عادل عفيفي، نقيب المحامين بمحافظة الشرقية، عن نجاح الإضراب الذي نظمه محامو المحافظة أمام محاكم الجنايات بمدينة الزقازيق، يوم الأحد الموافق 18 مايو 2025، بنسبة بلغت 100%، وذلك رفضًا لفرض رسوم جديدة تحت مسمى «مقابل خدمات مميكنة»، والتي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية خلال الأيام الأخيرة.
وأوضح عفيفي أن الإضراب جاء استجابةً للقرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين العامة، والذي دعا جموع المحامين على مستوى الجمهورية إلى مقاطعة الجلسات أمام محاكم الجنايات خلال يومي الأحد والاثنين 18 و19 مايو، احتجاجًا على تلك الرسوم التي اعتبرتها النقابة مخالفة للقانون، ومجحفة بحقوق الدفاع، وتمثل عبئًا ماليًا إضافيًا لا مبرر له على المحامين والمتقاضين على حد سواء.
وأكد نقيب محامي الشرقية أن جميع المحامين بالمحافظة التزموا بالإضراب بشكل كامل، ولم يُسجّل حضور أي منهم لجلسات محاكم الجنايات، مما يعكس وعيًا نقابيًا متقدمًا لدى أعضاء الجمعية العمومية، وإيمانًا عميقًا بضرورة الدفاع عن كرامة المهنة وحماية الحقوق المهنية والاقتصادية للمحامين في مواجهة أي قرارات قد تُقيّد أداءهم أو تُثقل كاهلهم المالي دون سند قانوني واضح.
وأشاد عفيفي بروح التعاون والالتزام التي ظهرت خلال تنفيذ الإضراب، مؤكدًا أن هذا النجاح يبعث برسالة قوية مفادها أن المحامين قادرون على فرض إرادتهم المشروعة عبر الوسائل القانونية والنقابية المنظمة، وأنهم لن يقفوا صامتين إزاء أي تعدٍّ على مكتسباتهم المهنية أو الحقوق الدستورية في ممارسة مهام الدفاع.
وكانت نقابة المحامين العامة قد شددت، في بيان رسمي لها، على أن قرار الإضراب يُعد ملزمًا لجميع المحامين، وأن أي مخالفة له ستُقابل بإجراءات تأديبية صارمة، تشمل الإحالة للتحقيق، ووقف المخالف عن مزاولة المهنة مؤقتًا، فضلًا عن تعليق كافة الخدمات النقابية المقدمة له لحين انتهاء التحقيقات.
ويأتي هذا التحرك في إطار السعي للحفاظ على وحدة الصف النقابي، والتأكيد على التزام جميع الأعضاء بتطبيق قرارات مجلس النقابة، باعتباره الممثل الشرعي والمنتخب للجمعية العمومية.
كما أكدت النقابة، في بيانها، أن هذه الخطوة التصعيدية ليست نهاية المطاف، بل تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها تدريجيًا في حال عدم التراجع عن فرض الرسوم محل الاعتراض، مشيرة إلى أن مجلس النقابة في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف، وتقييم النتائج، وتحديد خطوات التصعيد التالية بما يحقق مصلحة المحامين ويحافظ على مكانة النقابة وهيبتها أمام الجهات القضائية والتنفيذية.
وشددت النقابة على أن تلك الرسوم، التي تم فرضها دون تشاور مسبق مع النقابة أو عرضها على الجهات الرقابية والتشريعية المختصة، تمثل خرقًا لمبادئ العدالة الناجزة، وتُشكل تهديدًا لحق الدفاع، باعتبار أن المحامي أحد أعمدة منظومة العدالة.
وأشارت إلى أن الخدمات المميكنة المشار إليها يجب أن تكون ضمن تطوير البنية الرقمية للمحاكم، دون تحميل المحامين أعباء مالية جديدة تحت مسميات غير قانونية.
وأعرب عدد من المحامين المشاركين في الإضراب عن تأييدهم الكامل لموقف النقابة، مؤكدين أن القرار جاء في توقيت مناسب، وأنه يمثل نقطة انطلاق نحو المزيد من التكاتف المهني في مواجهة السياسات التي تهدف إلى إضعاف دور المحامي أو النيل من استقلاليته.
وطالب المحامون الجهات المعنية بفتح حوار جاد مع النقابة لبحث آليات تطوير المنظومة القضائية، دون الإضرار بالمحامين أو الانتقاص من حقوقهم.
ويُعد هذا الإضراب، الذي وصفته قيادات نقابية بأنه الأنجح خلال السنوات الأخيرة، مؤشرًا قويًا على تنامي الوعي النقابي، وعودة الروح الجماعية داخل صفوف المحامين، في ظل تحديات اقتصادية ومهنية متزايدة، الأمر الذي يُحتّم على جميع الأطراف التعامل مع النقابة باعتبارها شريكًا أساسيًا في تطوير العدالة، لا مجرد فئة مهنية يمكن فرض القرارات عليها من طرف واحد.