بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

جمعة: السنة النبوية حُجّة تشريعية وأخلاقية لا غنى عنها

بوابة الوفد الإلكترونية

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية الأسبق، أن السنة النبوية المشرفة ليست مجرد تكميل للقرآن الكريم، وإنما هي حُجّة تشريعية قائمة بذاتها، يُحتج بها كما يُحتج بالقرآن، وهي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله تعالى، بل إنها تمثل في الواقع العملي تفسيرًا وتفصيلًا وبيانًا للقرآن الكريم، بل وتُشرّع أحكامًا لم ترد في نصوص القرآن بشكل مباشر.

وقال الدكتور جمعة في منشور له على صفحته الرسمية:"دلت الأحاديث النبوية على حُجّيتها، ومن ذلك قول النبي ﷺ: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» [رواه أحمد]، وهذا تصريحٌ نبوي واضح بأنّ ما أُوتيَه من الوحي لا يقتصر على القرآن الكريم فقط، بل يشمل أيضًا السنة".

كما حذر النبي ﷺ منذ بداية الرسالة من النزعة إلى الاكتفاء بالقرآن وترك سنته، فقال في حديث آخر:«ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالًا استحللناه، وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه، وإن ما حرم رسول الله ﷺ كما حرم الله» [رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي واللفظ له].

ويوضح هذا الحديث – بحسب جمعة – أن النبي ﷺ كان يدرك خطر هذا المسلك الذي يحاول أن يفصل بين القرآن والسنة، وهو في الحقيقة محاولة لهدم الدين من أساسه تحت دعوى التمسك بالقرآن وحده.

وفي حديث رواه البخاري، يقول النبي ﷺ:«كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».
وفي ذلك تأكيد صريح بأن طاعة النبي شرطٌ لدخول الجنة، ومن ثم فإن الالتزام بما جاء في سنته هو جزء من العقيدة والعمل الصالح.

وعن طبيعة الوحي الذي نزل عليه، نقل الدكتور جمعة قول حسان بن عطية:«كان جبريل ينزل على رسول الله ﷺ بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن» [رواه أبو داود في مراسيله، وابن المبارك في الزهد]، وهو دليل على أن السنة ليست اجتهادًا بشريًّا صرفًا، بل هي وحيٌ من الله يُلقى إلى النبي ﷺ بأسلوبٍ مختلف عن أسلوب نزول القرآن.

 الإجماع على حجية السنة

وأضاف فضيلة المفتي الأسبق أن الأمة الإسلامية بأسرها أجمعت على حُجية السنة، بدءًا من عهد الخلفاء الراشدين، وحتى يومنا هذا، قائلًا:"لم يُعرف في تاريخ الأمة الإسلامية أي خلاف يُعتد به بين العلماء حول وجوب العمل بالسنة النبوية".

وأشار إلى ما ورد في سلم الوصول من أن:«الإجماع العملي من عهد الرسول إلى يومنا هذا على اعتبار السنة دليلًا تستمد منه الأحكام، فإن المسلمين في جميع العصور استدلوا على الأحكام الشرعية بما صح من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يختلفوا في وجوب العمل بما ورد في السنة» [سلم الوصول، ص 261].

 السنة.. منهاج تشريعي وأخلاقي

واختتم الدكتور جمعة حديثه بالتأكيد على أن السنة النبوية ليست مجرد مصدر للتشريع، بل هي أيضًا "منظومة أخلاقية ومنهج روحي وسلوكي"، يرشدنا فيه النبي ﷺ إلى أفضل الطرق التي تُرضي الله وتحقق سعادة الدارين. فكل موقف، وكل توجيه، وكل خلق نبوي، يمثل نموذجًا يُحتذى في طريق الوصول إلى الله عز وجل."فالتمسك بالسنة هو تمسك بالوحي الإلهي، والابتعاد عنها هو انحراف عن الطريق المستقيم، والعصمة من الضلال لا تتحقق إلا بالتمسك بالقرآن والسنة معًا"، يؤكد الدكتور جمعة.