بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

عمرو الليثي: فيلم "بئر الحرمان" من أهم الأعمال التي تناولت المرض النفسي

الإعلامي د. عمرو
الإعلامي د. عمرو الليثي

 أكد الإعلامي د. عمرو الليثي، أن فيلم "بئر الحرمان" إنتاج عام 1969 لأستاذه المخرج الكبير كمال الشيخ، عن قصة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس يُعد واحدًا من أهم الأعمال السينمائية، التي تناولت المرض النفسي بعمق إنساني وجرأة غير معتادة في السينما المصرية آنذاك، لافتًا إلى أن الفيلم لا يكتفي برواية حكاية درامية مشوقة، بل يغوص في أعماق النفس البشرية.

 

 كاشفًا عن صراع داخلي لامرأة ممزقة بين صورتها الاجتماعية المثالية واحتياجاتها النفسية المكبوتة، وأضاف، أنه وقد حكى له كمال الشيخ المخرج الفذ بناء شخصية بطلة الفيلم "ناهد"، التي أدت دورها ببراعة سعاد حسني، هي فتاة من الطبقة الراقية، ملتزمة، هادئة، وتعيش في كنف أسرة محافظة في الصباح، تظهر كالسيدة المثالية التي تحترمها العائلة والمجتمع.

 

 وتابع : "أما في المساء، فتتحول إلى امرأة ساقطة تبحث عن لذة مؤقتة لا تدرك سبب اندفاعها نحوها.. هذه الازدواجية ليست سلوكًا اختياريًا، بل نتيجة لاضطراب نفسي عميق، ونتيجة لأم اكتشفت خيانة الأب لها والأب اكتشف خيانة الأم له، وكل منهما ينتقم من الآخر والضحية الابنة.

 

 وأضاف: "وأذكر أن الرائعة سعاد حسني شرحت له كيف أن الفيلم استطاع أن يطرح موضوع المرض النفسي بطريقة واقعية وإنسانية.. بعيدًا عن المبالغة أو الوصم، لم يُقدم "الانفصام" كجنون مرعب، بل كحالة مأسوية تعيشها امرأة ضحية لأسرة شاذة لا تمنح المرأة حق التعبير عن مشاعرها، أو احتياجاتها.

 

 واستكمل حديثه قائلًا: "استخدام كمال الشيخ للإضاءة والظل والموسيقى التصويرية الهادئة والمقلقة في آن، كان له دور كبير في تجسيد الحالة النفسية المضطربة للبطلة مما يجعل المشاهد يشعر بارتباكها ويعيش حالتها.

 

وتابع الليثي: "أن أهمية الفيلم لا تقتصر على الطرح النفسي فحسب.. بل تمتد إلى كونه نقدًا اجتماعيًا حادًا، فقد أظهر كيف يمكن أن تتحول المرأة - تحت ضغط الكبت والخوف من الأب والأم مزدوجي الشخصية - إلى كائن مزدوج.

 

وأضاف: "يحيا بوجهين في عالمين متناقضين، النهار يفرض عليها قناع الفضيلة، بينما الليل يطلق سراح اللاوعي المكبوت منذ الطفولة، هذه المفارقة هي جوهر "بئر الحرمان".. الذي يعبر عن الفتاة التي تُجبر على قمع مشاعرها باسم الشرف والتقاليد، وقد تأثر الفيلم بنظريات فرويد في مجال التحليل النفسي.

 

 وتابع: "قد تكون ناهد حالة متطرفة، لكنها ليست بعيدة عن واقع كثير من النساء اللاتي يعشن تمزقًا داخليًا بين ما تفرضه الأسرة المتناقضة بين الأقوال والأفعال وبين ما يطلبه الجسد والنفس.. وقد كانت السينما المصرية عبر هذا الفيلم.. جريئة في أن تضع المشاهد أمام هذا التناقض الحاد وتدعوه للتفكير لا في "الخطأ" بل في أسبابه.

 

 واختتم حديثه قائلًا: "فيلم "بئر الحرمان" ليس مجرد فيلم عن مرض نفسي.. بل هو دراسة عميقة في النفس الأنثوية، وهناك الكثير من الأفلام المصرية التي كانت تمثل صرخة للتعبير عن المرض النفسي وضد أسر متناقضة لا تسمح للمرأة بأن تكون كيانًا كاملًا.. إنه مثال نادر على كيف يمكن للسينما أن تمارس دورها الثقافي والنفسي والتوعوي بصدق وجرأة.