بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

أمين البحوث الإسلامية: بناء الوعي مسئولية كبيرة ينبغي إدراك قيمتها

بوابة الوفد الإلكترونية

التقى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي بمبعوثي الأزهر لدول العالم في لقاء افتراضي بعنوان: (بعثات الأزهر للعالم .. بناء الوعي وحماية الفكر).

جاء ذلك في إطار توجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر، بضرورة الاهتمام بمبعوثي الأزهر إلى دول العالم لما يقع عليهم من دور مهم في أداء وتحقيق رسالة الأزهر العالمية.

وخلال اللقاء أوصى الأمين العام المبعوثين بضرورة التمسك بالمنهج الأزهري المنضبط في أداء رسالتهم التوعوية، خاصة فيما يتعلق ببعض القضايا المهمة والمعاصرة والتي تحتاج إلى خطب مناسب لها يناسب الزمان والمكان، حيث يأتي هنا عظمة الدين الإسلامي الذي يتجاوز حواجز الزمان والمكان؛ فهو صالح لكل الأزمنة مهما تعاقبت، ولكل الأمكنة مهما اختلفت وتنوعت وتباعدت.
وخاطب «الجندي» المبعوثين، قائلًا: عليكم دور كبير ومسئولية عظيمة في تعليم مبادئ وقيم الإسلام وسبل مواجهة الفكر بالفكر وما يتطلبه ذلك من فهم الخلفيات التاريخية والجغرافية والسياسية والعادات والتقاليد الثقافية للمناطق التي تتواجدون بها والتي ينبغي مراعاتها في خطابكم الموجهة لأهل هذه البلاد، لافتًا إلى أهمية استحضار وبيان المعالم الحقيقية للإسلام ورؤيته للتعايش السلمي واحترام الآخر في التعامل مع القضايا الشائكة والتي يحيط بها بعض الاختلافات، مؤكدًا أن مبعوث الأزهر الشريف يمثل المنهج الوسطي الأزهري الذي يرسخ للاعتدال والتسامح والحوار وقبول الآخر واحترام التعددية، وكيفية مواجهة التحديات المعاصرة التي تختلف باختلاف المجتمعات والدول والثقافات.

البحوث الإسلامية يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «الأزهر وصناعة المصلحين»

وعلى صعيد اخر، شارك مجمع البحوث الإسلامية، في فعاليات مؤتمر الأزهر الشريف الذي تنظمه كلية العلوم الإسلامية والعربية للوافدين بعنوان: «الأزهر وصناعة المصلحين»، بحضور كوكبة من كبار العلماء والقيادات، في مقدمتهم الأستاذ الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، وفضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف، والأستاذ الدكتور محمد الجندي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ الدكتور محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، الأستاذ الدكتور أحمد معبد عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ عبد العزيز الشهاوي شيخ السادة الشافعية، والدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر ورئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، إلى جانب عدد من السفراء، وقيادات الأزهر، ونخبة من العلماء والمفكرين.

وقد سلط المؤتمر الضوء على الدور المحوري الذي يضطلع به العلماء ومؤسسة الأزهر في تشكيل الوعي وبناء الإنسان، وذلك من خلال مشاركة علمية واسعة من باحثين يمثلون مختلف دول العالم الإسلامي.
وألقى الدكتور حسن يحيى الأمين المساعد للجنة العليا للدعوة بالمجمع كلمة نيابة عن الأين العام أ.د. محمد الجندي، تناول فيها نموذج الإمام المربي الشيخ صالح الجعفري، أحد رموز الأزهر الشريف، باعتباره مصلحًا ومربِّيًا اهتم ببناء الإنسان من الداخل، جامعًا بين الإصلاح السلوكي والتربوي والروحي في منهج متكامل، حيث أوضح أن الإمام الجعفري أولى الجانب الأخلاقي والسلوكي عناية فائقة، فركّز على مراتب النفس الإنسانية، محذرًا من غواية النفس الأمارة، وداعيًا إلى مجاهدتها والارتقاء بها حتى تبلغ مقام النفس الكاملة. كما أبرزت الورقة أن منهجه الإصلاحي لم يكن نظريًا فحسب، بل تمثَّل عمليًا في سيرته وسلوكه، فكان داعيةً بمحبة، ومربيًا بسَمته، ومصلحًا بقدوته.
وأكد الجندي أن استلهام فكر الشيخ الجعفري في هذا السياق هو امتداد طبيعي لرسالة الأزهر في نشر الوسطية والاعتدال، وبناء الوعي، وتزكية النفس، مشيرةً إلى أن الأزهر سيظل منارةً للإصلاح الشامل، يبدأ من الفرد ويتسع ليشمل المجتمع بأسره.

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر في إطار جهود الأزهر الشريف لتعزيز دوره الريادي في صناعة المصلحين والدعاة المؤثرين، القادرين على التعامل الواعي مع متغيرات الواقع وتحدياته، انطلاقًا من تراث علمي وروحي عريق، تمثّله شخصيات رائدة كالإمام الجعفري وسواه من أعلام الإصلاح والفكر.
وقال الجندي في كلمته إن الإمام الجعفري يرى أن الأزهر هو الحصن المنيع لحماية هوية الأمة وتراثها الديني والعلمي. ففيه تُدرس المذاهب الأربعة، وتُروى كتب الحديث، وتُحفظ علوم اللغة والتفسير. ويقول: "وكأن جميع المحدثين جاءوا وحشروا هنا، وكأن الأزهر هو المجمع لعلماء التفسير والحديث والفقه"، مشددًا على أن هذا الصرح لا يُخرّج عالماً فحسب، بل سفيراً للهداية والتنوير في الأرض، فهو مركز إشعاع عالمي يحمل ميراث النبوة، ويحمي الأمة من الضلال والفساد، وفي كلماته المؤثرة، وصف الأزهر بأنه "قوي الحجة، واضح المحجة، لا يظلم إذا أظلم الكون"، مؤكدًا أن علماءه هم "أسود بعمائمهم، تيجانهم الإيمان، وعدّتهم العلم"، والعلماء الأزهريين لا ينطقون إلا بحكمة، ولا يفتون إلا بعلم، ويأخذون علمهم بالسند المتصل إلى النبي ﷺ. فعباراتهم، كما يصفها، "تفصل الخطاب وتملك أعناق المعاني، وتبارى شهب الظلام ونوابغ الحكم".                          
وأوضح أن منهج الإمام الجعفري لم يقف عند حدود التعليم والوعظ، بل امتد إلى إصلاح باطن الإنسان، فقد رأى أن إصلاح المجتمع لا يكون إلا من خلال قلوب طاهرة ونفوس مطمئنة، وجعل من العزلة والخلوة والذكر وسائل أساسية لتزكية النفس، قائلاً: "إذا أردت أن تدخل في شهداء المعارك لتنال إحدى الحسنيين، فاقتحم ميدان الرياضة والعزلة والانفصال". كان اهتمام الإمام الجعفري بتهذيب النفس ومجاهدتها محوريًا في دعوته الإصلاحية، فصنف مراتب النفس من "أمارة بالسوء" إلى "كاملة"، داعيًا السالكين إلى تطهير أنفسهم والارتقاء بها نحو الصفاء الروحي.