شركات السكر تهدر حقوق المزارعين
اﻟﻔﻼﺣﻮن: زراﻋﺔ اﻟﺒﻨﺠﺮ.. »ﺳﻘﺘﻨﺎ اﻟﻤُﺮ«

المصنع يحدد الوزن وجودة المحصول دون حضور المزارع أو توضيح معايير الخصم
62 ألف جنيه تكلفة زراعة الفدان وسعر الطن لم يتجاوز 2400
احتقان بين المزارعين وشركات التصنيع بسبب مواعيد التوريد بالإسكندرية
يُعتبر محصول بنجر السكر من المحاصيل الاستراتيجية التي تسعى الدولة المصرية إلى التوسع في زراعتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إلا أن هذا المحصول الحيوي يواجه مؤخراً أزمات متعددة أدت إلى تلف كميات كبيرة منه بسبب نقص مياه الري وارتفاع أسعار الأسمدة، ما كبدهم خسائر مالية فادحة، خاصة صغار الفلاحين.
لم تقف الأزمة عند هذا الحد، بل امتدت إلى تأخر صرف مستحقاتهم المالية، بسبب انخفاض أسعار التوريد التى لا تغطي تكاليف الزراعة بالنسبة للمزارعين، ما أدى إلى حالة من الاحتقان بين الفلاحين ومصانع السكر، ما أدى إلى حالة الاحتقان بين مزارعي البنجر في المحافظات والشركات التي يتعاملون معها بموجب عقود سنوية.
أزمة المزارع مع بنجر السكر تبدأ منذ زراعة المحصول نتيجة نقص مياه الري وارتفاع أسعار الأسمدة، ما كبدهم خسائر مالية فادحة، خاصة صغار الفلاحين الذين طالبوا الحكومة بتوفير الدعم الكافي من الأسمدة والمبيدات، ورفع سعر توريد المحصول، لمواجهة ارتفاع تكاليف الزراعة وأجور العمالة.
وتشهد محافظة الإسكندرية حالة من الاحتقان بين المزارعين وشركات ومصانع السكر بسبب تأخر توريد محصول البنجر، وإتلاف كميات كبيرة بعد ترك المحصول على الطرق،
يقول المزارع شعبان الصياد: «هذه أول وآخر مرة أزرع فيها البنجر. طوال السنة ونحن في شقاء، وتكلفة الفدان تصل إلى 13 ألف جنيه، منها 7500 جنيه إيجار الأرض لمدة ستة أشهر».
وتابع أن تكلفة العمالة عالية؛ العامل الواحد يتقاضى 110 جنيهات في اليوم، فضلًا عن تكلفة التنقية والتحميل، قائلاً: «نشتري 10 شكائر أسمدة للفدان بسعر 500 جنيه للشكارة وفي النهاية المصنع يحدد الوزن وجودة المحصول من دون حضورنا أو توضيح معايير الخصم».
ويضيف: «بعد ستة أشهر من التعب، نحصل على 6 آلاف جنيه فقط من المحصول، تذهب كلها في تجهيز المحصول الجديد من تقاوي وحرث وأسمدة، وكل عام نواجه نفس الدائرة المغلقة».
من جانبه، قال جابر السيد، مزارع بمنطقة كينج مريوط: «نزرع البنجر منذ أكثر من 32 عامًا، ونفضّل التقاوي وحيدة الأجنة لإنتاجيتها العالية، البنجر محصول قومي مدعوم من الدولة، ويوفر دخلاً جيدًا للمزارع».
ويشير الفلاح منعم السكرى، إلى أن ارتفاع أسعار الأسمدة وتكاليف الزراعة من بذور وعمالة وحرث وتسوية الأرض تسبب في عزوف عدد كبير من الفلاحين عن زراعة البنجر، مشيرًا إلى أن الفدان يحتاج من 6 إلى 8 شكائر يوريا، بينما لا توفر الجمعية الزراعية سوى 3 شكائر فقط، ما يدفع المزارعين للجوء للسوق السوداء بأسعار مضاعفة.
وأوضح المزارع عمرو السيد، الذي يزرع البنجر منذ 12 عامًا، أن ارتفاع أسعار الأسمدة والعمالة وتحضير الأرض (بالليزر وتخطيطها وتسميدها) زاد من أعباء المزارعين، خاصة أن المحصول يحتاج إلى رعاية كاملة خلال العروة المبكرة، التي تبدأ في أغسطس.
وأشار المزارع علي السيد، إلى أن ارتفاع أسعار الوقود أسهم في زيادة تكاليف الزراعة من ري وحرث وعمالة، فضلًا عن غلاء الأسمدة بالسوق السوداء، ما يعرض الفلاحين لاستغلال التجار.
من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم قاسم، وكيل أول وزارة الزراعة بالإسكندرية، بدء موسم حصاد البنجر بالعامرية، مشيرًا إلى أن المساحة المنزرعة هذا العام بلغت 8418 فدانًا، بزيادة عن السنوات السابقة، موضحاً أن الدولة قدمت دعماً فنياً ومادياً للمزارعين، مع تحسين سعر التوريد الذي بلغ 2400 جنيه للطن بنسبة سكر 16%، إضافة إلى علاوة نظافة وعلاوة تسكير.
وأضاف أن كل زيادة بنسبة 1% في نسبة السكر يقابلها علاوة بقيمة 100 جنيه، ما يشجع المزارعين على تحسين جودة المحصول، متوقعاً أن تصل إنتاجية الفدان إلى 27 طنًا في المتوسط، بينما تسجل الحقول الإرشادية إنتاجية أعلى بفضل التوصيات العلمية الحديثة.
وذكر المهندس يسري الشريف، استشاري المحاصيل السكرية، أن هناك نوعين من تقاوي البنجر: «عديد الأجنة» و«وحيد الأجنة»، مشيرًا إلى أن الأخير يعطي إنتاجية أعلى رغم مخاطره، لافتاً إلى أن هذا العام شهد ارتفاعاً في نسبة السكر وحجم الثمار، ما زاد من العائد الاقتصادي.
من جهته، أوضح الدكتور أحمد راضى، مدير إدارة العامرية الزراعية، أن البنجر من المحاصيل التعاقدية، التي يعرف فيها الفلاح كل تفاصيل الزراعة مسبقاً، ما يساهم في زيادة المساحة المزروعة سنوياً، موضحاً أن دورة زراعة البنجر تستغرق 180 يومًا، وتتطلب متابعة دقيقة من الإدارات الزراعية لمواجهة الآفات وتقديم الدعم الفني.
وأوضح أن هناك ثلاث عروات لزراعة البنجر، العروة المبكرة في أغسطس، والمتوسطة في سبتمبر، والمتأخرة في أكتوبر، وأن بعض المحافظات حققت إنتاجية بلغت 60 طنًا للفدان، بينما وصلت الإسكندرية إلى 35 طنًا بفضل الإرشاد الزراعي.
وقال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن الأزمة بين المزارعين وشركات السكر تتكرر سنويًا بسبب استعجال بعض المزارعين تقليع المحصول مبكرًا لزراعة محاصيل مثل الأرز أو القطن، ما يتعارض مع مواعيد استلام الشركات، مشيراً إلى أن هذا يؤدي إلى رفض الشركات استلام البنجر قبل الموعد المتفق عليه، بينما يضغط المزارعون لتسليمه قبل أن يصيبه التلف، ما يخلق صدامًا متكرراً كل عام.
وانتقد غياب خطة زراعية واضحة، وضعف التوعية، رغم أهمية البنجر كمحصول قومى، تزرع منه مصر نحو 650 ألف فدان سنويًا، متابعًا أن إنتاج الفدان يتراوح بين 20 و30 طنًا، بحسب نوع التقاوي ومكان الزراعة وطرق الخدمة، وأن نسبة السكر تتراوح بين 16 و20%، ويُورد البنجر للشركات بسعر يبدأ من 1180 جنيهًا للطن، وقد يصل إلى 1500 جنيه مع احتساب العلاوات.
كفر الشيخ عدم تحديد الاسعار يقضي على جهود المزارعين
اشتكى مزارعو بنجر السكر بمحافظة كفر الشيخ من ارتفاع تكلفة أسعار مستلزمات إنتاج الفدان بسبب لجوء الفلاح إلى السوق السوداء لتوفير احتياجاته من الأسمدة الزراعية بأسعار مرتفعة جدًا، متهمين الجمعيات الزراعية بعدم الالتزام بمنحهم الحصص اللازمة.
قال خالد رزق مزارع بمركز بيلا، يحتاج الفدان الواحد 8 شكائر يوريا، و5 سوبر، ولا توفر لنا الجمعية عدد 3 شكائر فقط عن كل فدان ونضطر إلى الشراء من السوق السوداء بفارق سعر كبير جدًا لتعويض الفارق إذ تتوفر الشيكارة فى الجمعية بسعر 275 جنيهًا بينما تباع فى السوق السوداء بسعر 1350 جنيهًا.
وأشار إلى امتناع الكثير من مزراعى كفر الشيخ عن زراعة البنجر هذا الموسم بعدما اكتشفوا أن العائد لن يكفى التكاليف والمجهود المبذول بسبب شراء مستلزمات الزراعة من السوق السوداء.
وأكد إبراهيم ذكي نشوب أحد المزارعين، مشادات ومشاجرات يومية بين المزارعين ومسئولى الجمعيات الزراعية بسبب عدم توفير حصص الأسمدة في الجمعيات، لافتاً إلى أن محصول البنجر يحتاج لكمية كبيرة من الأسمدة حتى يعطى محصولًا جيدًا فى فترة الحصاد، وأنه يستهلك أسمدة أزوتية، مؤكدًا أن أهم المشكلات التى تواجه المزارعين خلال موسم زراعة محصول البنجر، هى توفير الأسمدة الزراعية ، خصوصًا أن المحصول يحتاج إلى التسميد مع كل نوبة رى، للحصول على إنتاجية عالية.
وأوضح حسن الإمام أن هناك مشاكل كثيرة تواجه مزارعي البنجر في محافظة كفرالشيخ من بينها أن تعاقد المزارعين مع مصنع السكر تعاقد من طرف واحد وهو المزارع فقط، وهذا غير طبيعي ويجب أن يحرر العقد ويتضمن تحديد سعر طن البنجر، ويتحمل أيضاً المصنع خسائر المحصول في حال عدم نقله إلى المصنع وتركة على الطريق لأيام كثيرة قد تعرضه للإتلاف.
وأشار إلى أن هذه المشاكل تتكرر سنويًا في لأسباب مختلفة في ظل غياب تام لحل جذري من المسئولين مع غياب التوعية وعدم وجود خطة زراعية واضحة لزراعة البنجر رغم زراعته علي مبدأ الزراعة التعاقدية.
وأضاف الإمام أن استعجال عدد من المزارعين التقليع قبل الموعد المتفق عليه بينهم وبين الشركات يتسبب في مشكلات وتبادل اتهامات بين الشركات والمزارعين، حيث ترفض الشركات استلام البنجر إلا في المواعيد المتفق عليها ويطالب المزارعون مندوبي الشركات استلام المحصول قبل مرض الثمار ونقص وزنها وقد تصاب بالتعفن أحيانًا ما يزيد نسبة التالف ويقلل من جودة المحصول.
ويعيش مزارعو محافظة الدقهلية، أزمة حقيقة نتيجة في إتلاف كميات كبيرة منه، بسب تراكم كميات ضخمة من محصول بنجر السكر على أجناب الطرق بنطاق محافظة الدقهلية لتقاعس شركة الدقهلية لصناعة وتكرير السكر بقلابشو عن استلامه ما أدى لتأثره بالعوامل الجوية، وخسارة نسبة من وزنه وانخفاض نسبة الحلاوة به وتعرضه للتعفن، الأمر الذى يلحق بخسائر فادحة للمزراعين، الأمر الذي أدى الي اندلاع موجة من الغضب بين المزارعين، وسط مناشدات لوزارتى الزراعة والتموين للتدخل من أجل إنهاء الأزمة وإنقاذ محاصيلهم.
وأكد المزارعون أن محصول البنجر من المحاصيل الاستراتيجية، التي تسعى الدولة المصرية إلى التوسع في إنتاجها لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتوقف عن استيراد المحصول، إلا أنه تعرض مؤخراً إلى العديد من الأزمات.
وأوضح المزارعون إلى أنهم يتعرضون لكارثة وخسائر فادحة، بسبب تأخر الشركة فى استلام محصول البنجر منهم رغم التعاقد مع المزارعين.
وحمل الفلاحون إدارة الشركة المسئولية والمطالبة بتعويض عن الخسائر التى يتعرض لها محصول بنجر السكر وطالبوا بوضع حل عاجل لأزمة استلام المحصول من قبل وزير التموين.
وطالب المزارعين بوضع سعر عادل لمحصول البنجر في ظل المنافسة مع المحاصيل الأخرى، وتحرير عقد من ثلاث نسخ (الشركة والمزارعون ووزارة الزراعة متمثلة في مجلس المحاصيل السكرية) لتحديد مواعيد الزراعة والحصاد وفرض غرامة على المخالف، ووضع خريطة زراعية تحدد أماكن ومواعيد زراعة البنجر، وتحديد مناطق استلام محصول البنجر لكل مصنع لتوفير تكاليف النقل والنولون، وضرورة تمثيل وزارة الزراعة في لجنة التسعير في مجلس الوزراء لعلمها بالتكاليف والعوائد لكل المحاصيل. كما طالبوا بضرورة إعطاء حافز تبكير لمزارعى العروة المبكرة.
وعبّر عبدالله الظريف فايد عن مأساة مزارعى البنجر بالدقهلية قائلاً: «الشركة خربت بيوتنا، فقد استدنا للإنفاق على محصول البنجر، فتكلف الفدان الواحد أكثر من 62 ألف جنيه لشراء أسمدة ومبيدات وتقاوى وتجهيز الأرض للزراعة، بالإضافة لتكلفة الأيدى العاملة والسولار، وفى النهاية لم يتجاوز سعر الطن 2400 جنيه، بالإضافة لتحميلنا الشوائب، فمن سيتحمل هذه الخسائر؟، خاصة أن الدائنين بدأوا فى مطاردتنا، والسجون أصبحت فى انتظارنا»، مضيفاً أن نضطر إلى زراعة البنجر لأننا نعانى أيضاً عند توريد محصول القمح.
وأكد السيد كسبة من مزارعى البنجربالدقهلية أن الفلاح يعانى من إهمال الدولة له فبعد خسارتنا فى زراعة القطن ولا نعرف كيف نسدد الديون التى تراكمت علينا صدمنا من موقف شركة الدقهلية لصناعة وتكرير السكر بقلابشو بتأخير استلام محصول بنجر السكر.
وتابع: «للأسف هناك مئات من الفلاحين لديهم المحصول قارب على التلف»، قائلاً: «زراعتنا تلفت والمسئولين قاعدين فى التكييف إحنا اتدمرنا ولا أحد يشعر بنا والدولة أهملتنا ولا أحد يشعر بنا أين المسئولون من تلك الكارثة».
ووصف زكريا أحمد من مزارعى البنجر بالدقهلية العقود المبرمة مع مصنع السكر بأنها «عقود إذعان»، فهى تضمن حقوق المصنع وحده، دون وجود بند واحد بها لصالح الفلاح، موضحاً أن مندوب المصنع يبلغ المزارع بموعد تقليع البنجر شفوياً وليس كتابياً، رغم أنه المفترض حصول المزارع على صورة من الإخطار، خاصة أن المندوب يتنصل عادة من ذلك، عند ظهور أى مشاكل فى التوريد أو تكدس المحصول، مدعياً أنه لم يبلغ المزارع رسمياً بالتقليع، كما لا يتم تعويض المزارع عند تعرض المحصول للتلف بعد تحميله، أو تعرض السيارة لحادث.
وأشار زكريا إلى أن المسئولين بمصنع السكر لا يسمحون للمزارعين بحضور أوزان محصولهم (البنجر) ولا يم إبلاغهم بنسبة الشوائب ولا نسبة السكر.
من جانبه قال إيهاب الطنطاوى من مزارعى البنجرالفلاح وصل لدرجة اليأس من كل شيء حوله لعدم اهتمام مسئولى الدولة به، قائلاً: «لقد أصبح الفلاح محاصرًا بالأزمات من جميع الجوانب فهو يخرج من أزمة لأخرى مش عارف يلاقيها منين ولا منين فهو يعانى من نقص كميات الأسمدة ويقوم بشراء الأسمدة من السوق السوداء بأسعار باهظة حيث يتم شراء شيكارة الأسمدة بـ1600جنيه، كما يعانى من ضعف مياه الرى وعجز شديد فى تقاوى المحاصيل مما يجعله عرضة لجشع السوق السوداء».
