على بعد أمتار من أمام المتحف المصرى الكبير
الإهمال والعشوائية في استقبال ضيوف مصر

ينتظر المصريون والعالم افتتاح المتحف المصرى الكبير فى 3 يوليو المقبل، حيث تعمل الدولة المصرية بكافة أجهزتها على إخراج صورة الافتتاح فى أبهى صورة، باعتباره أحد أهم مشاريع القرن الحادى والعشرين، وهو الحدث المرتقب عالميًا، بحضور لفيف من الرؤساء والملوك والقادة.
وعلى الرغم من تشديد الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس مجلس الوزراء فى أكثر من اجتماع مع الجهات المعنية ومحافظ الجيزة على تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، فإن الإهمال ما زال قائمًا، بالرغم من اقتراب موعد الافتتاح، إذ إن الواجهة الخارجية لهذا الصرح العظيم لا تليق به، ولا بتاريخ أمة تمتد جذورها لآلاف السنين.
«قمامة، حيوانات نافقة، اصطفاف الأتوبيسات والميكروباصات لغسل سياراتهم دون رقيب، بائعو رومى ودواجن بطريقة عشوائية تحت كوبرى غطاطى، طرق غير ممهدة، ترعة مكشوفة أصبحت ملجأً للحشرات والزواحف ومصدرًا للأمراض والأوبئة، أكشاك شاى عشوائية على طول الطريق»... هذا هو المشهد الأبرز أمام المتحف المصرى الكبير، والذى شوه الصورة الجمالية والحضارية لهذا الصرح الضخم، الذى يعكس عراقة الحضارة المصرية.
ليس هذا فحسب، بل أيضًا انتشار قاعات الأفراح فى منطقة الرماية، للمتجهين إلى المتحف المصرى على طريق كفر غطاطى وكرداسة، أصبح أمرًا لا يمكن السكوت عنه، وذلك بعد أن انتشرت مظاهر البلطجة من قبل بعض «السيّاس»، إلى جانب الازدحام المرورى والشلل التام لحركة السير؛ بسبب اصطفاف السيارات على جانبى الطريق أمام تلك القاعات.
ويزداد الأمر سوءًا فى ظل غياب الرقابة الميدانية من أجهزة المحليات، حيث تمر الشكاوى دون رد، وتغيب الحلول الجذرية رغم حساسية وخطورة الموقع، كونه البوابة الأمامية التى سيطل منها ملايين الزوار على مصر خلال العقود المقبلة.
المشهد الحالى لا يعكس فقط حالة إهمال، بل يهدد بإجهاض الجهود الضخمة التى بذلتها الدولة المصرية فى تنفيذ مشروع المتحف على أعلى مستوى من الحداثة والتقنية، إذ إن زائر المتحف لا يمكنه الفصل بين الداخل والخارج، والصورة التى تنطبع فى ذهنه تبدأ من اللحظة الأولى التى تطأ فيها قدماه المنطقة المحيطة.
السؤال الذى يطرح نفسه: كيف لمنطقة سياحية حيوية، تضم عشرات الفنادق وتستعد لاستقبال أكبر حدث ثقافى فى تاريخ مصر، أن تكون بهذا القدر من الإهمال، وأين دور محافظ الجيزة، ورئيس حى الهرم، والأجهزة التنفيذية من هذا الوضع الكارثى، وهل ستتدخل الجهات المعنية فى الوقت المناسب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الموعد المنتظر؟
المتحف المصرى الكبير ليس فقط مشروعًا أثريًا أو سياحيًا، بل هو واجهة حضارية لمصر كلها، ويجب أن تكون المنطقة المحيطة به على قدر هذا الشرف، فالتاريخ لا يكتب داخل جدران المتاحف فقط، بل يرسم أيضًا على أرصفة الشوارع ومداخل الطرق المؤدية إلى تلك المواقع الخالدة.
