تعيشى يا بلدي
إهمال أفضى إلى الحرق
ما حدث يوم الأربعاء الماضى كارثة إنسانية بكل المقاييس ونموذج صارخ للإهمال الجسيم واللامبالاة من كافة الأطراف المسئولة عن انفجار خط الغاز بمدينة ٦ أكتوبر، بداية من شركة المقاولات التى كسرت ماسورة الغاز ومرورًا بجهاز مدينة ٦ أكتوبر الذى أهمل فى متابعة مكان الحفر ونهاية بشركة الغاز التى لم تنتبه لوجود كسر بماسورة غاز رئيسية رغم انبعاث الغاز ما يقرب من يوم كامل.
وباعتبارى من سكان أكتوبر فقد تابعت عن قرب أصداء حادث الانفجار الكارثى لخط الغاز على طريق الواحات والتى ما زالت تلقى بظلالها الحزينة على أهالى المدينة الذين أفزعهم المنظر الرهيب للحريق وما تلاه من إصابات وتشوهات ووفيات لعدد من الأشخاص الذين ساقهم القدر لموقع الانفجار.
الحادث فى البداية اكتنفه الغموض وانشغل أهالى ٦ أكتوبر ومصر كلها بمتابعة أخبار الضحايا وعددهم ١٩ منهم ٣ توفوا فى الحال وهم مهندسة وطفلها وسيدة إلى جانب ١٦ مصابًا بحروق من الدرجة الأولى حتى الرابعة كلهم فى ريعان الشباب، وللأسف أغلبهم تعرضوا لمهازل خلال رحلة البحث عن أسرّة عناية مركزة لعلاج لآثار الحروق فى مستشفيات وزارة الصحة وهو ما كشف عن قصور شديد فى الخدمات المقدمة لمصابى الحروق تتطلب محاسبة المسؤولين عنها.
ونتيجة لتدهور حالة المصابين توفى ثلاثة آخرون من خيرة الشباب هم محمود وحذيفة متأثرين بإصابتهم بحروق فى أنحاء جسديهما ثم إسلام نجل الكاتب الصحفى عصام سالم، بينما ما زالت هناك ١٣ حالة تعانى من آلام جسدية ونفسية رهيبة نتيجة الحروق، منهم طالبة طب الأسنان الشابة سما.
الكارثة الحقيقية فى هذا الحريق ليس الإهمال فقط وإنما انعدام الضمير وهو ما أثبته تقرير أصدرته نقابة المهندسين كشفت فيه عن تفاصيل انفجار خط غاز أمام جامعة نوال بطريق الواحات.
فقد قام سائق اللودر التابع لإحدى شركات المقاولات بكسر الخط أثناء أعمال الحفر ثم قام بردمه بدم بارد دون إخطار الجهات المختصة، وهو ما تسبب فى تسرب كميات كبيرة من الغاز. وكشفت المعاينة وشهادات شهود العيان، أن رائحة الغاز ظلت منتشرة فى الموقع دون أى تحرك من المسؤولين، لا فى جهاز مدينة ٦ أكتوبر ولا فى شركة الغاز ما أدى إلى اشتعال النيران فى اليوم التالى بفعل تشبع الهواء بالغاز، وارتفاع درجات الحرارة، وحركة المرور، مما أسفر عن خسائر بشرية فادحة بين ضحايا، سواء الذين انتقلوا إلى رحمة الله أو الذين تعرضوا لإصابات بالغة.
نتائج معاينة نقابة المهندسين الفرعية بالجيزة أثبتت عدم وجود أى لافتات تحذيرية أو إشارات دالة على وجود خط غاز فى موقع العمل.
ولذلك يجب ألا يمر هذا الحادث مرور الكرام، بإدانة شركة المقاولات التى قامت بأعمال الحفر باستخدام «لودر» دون الحصول على تصاريح أو الجهات المختصة، وإنما لابد من محاسبة المسؤولين عن جهاز مدينة ٦ أكتوبر الذين تركوا شوارعها مستباحة دون رقابة وكذلك شركة الغاز باعتبارها مسؤولة عن عدم وضع لافتات تحذيرية بوجود خط غاز فى المنطقة، ومسؤولة أيضًا عن عدم الانتباه لوجود تسرب قوى فى المنطقة أدى لوقوع الكارثة.