بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ترامب يُلغي كاميرات المراقبة عن وكلاء DEA في خطوة صامتة

بوابة الوفد الإلكترونية

في عام 2021، بدا أن إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) تتجه نحو مزيد من الشفافية. ففي بيان صحفي نُشر آنذاك، عبّر أحد مسؤولي الإدارة عن ترحيبه باستخدام كاميرات الجسم، مؤكدًا تقديره لما توفره من شفافية وضمانات إضافية. لكن، كما كشف تقرير استقصائي جديد نشرته "بروبابليكا" يوم الثلاثاء، لم تستمر هذه الروح طويلًا.

فبحسب ما أظهره التقرير، تخلّت إدارة مكافحة المخدرات في عهد الرئيس ترامب عن برنامج كاميرات الجسم بهدوء ومن دون أي إعلان رسمي أو توضيح علني. التغيير أُبلغ به داخليًا فقط، عبر رسالة بريد إلكتروني حصلت عليها بروبابليكا، دون أن يصدر عن الوكالة أي بيان يفسر هذا التراجع المفاجئ عن التزامها السابق.

الرسالة الداخلية أشارت إلى أن إلغاء البرنامج جاء "تماشيًا" مع أمر تنفيذي أصدره ترامب يوم تنصيبه، يهدف إلى إلغاء سلسلة من الأوامر والسياسات السابقة التي وُصفت بأنها "ضارة". هذا القرار شمل إلغاء 78 أمرًا تنفيذيًا من عهد بايدن، منها الأمر الذي كان يُلزم الوكالات الفيدرالية باستخدام كاميرات الجسم.

لكن تبرير الإدارة لهذا التراجع يبدو موضع تساؤل، بحسب بروبابليكا. فرغم أن إدارة الهجرة والجمارك (ICE) سبقت DEA في التخلي عن الكاميرات، فإن وكالات أخرى في وزارة العدل – مثل خدمة المارشالات الأميركية ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (ATF) – ما زالت تلتزم باستخدامها.

بعيدًا عن الادعاءات، تكشف الإحصاءات والدراسات أن وجود كاميرات الجسم يُسهم بشكل ملحوظ في تقليل عدد الشكاوى ضد ضباط إنفاذ القانون. المدعي العام الأميركي السابق ديفيد ديفيلرز صرّح لـ"بروبابليكا" قائلاً: "في الغالبية العظمى من المرات التي شاهدت فيها تسجيلات كاميرات الجسم، كانت تستجيب لادعاءات مقدمة من محامي دفاع ضد ضباط شرطة. وفي 95% من الحالات، برّأت اللقطات الضابط من أي خطأ".

لكن رغم هذه الفوائد الملموسة، ما زال الجدل قائمًا حول السبب الحقيقي لانخفاض الشكاوى: هل هو لأن الناس أصبحوا أقل اندفاعًا لتقديم بلاغات غير جادة، أم لأن الضباط أنفسهم باتوا يتصرفون بانضباط أكثر عندما يُدركون أنهم مراقَبون؟ في كلتا الحالتين، فإن البيانات تدعم الرؤية الإيجابية التي تبنّتها إدارة مكافحة المخدرات سابقًا.

عام 2021، كانت وزارة العدل الأميركية قد بدأت بالفعل في فرض ارتداء الكاميرات على العملاء الفيدراليين، في ظل الغضب الشعبي المتواصل بعد حادثة مقتل جورج فلويد. حينها، كتب المدعي العام ميريك جارلاند: "إنفاذ القانون يكون أكثر فعالية عندما يسوده شعور بالمساءلة والثقة بين الشرطة والمجتمع".

ومما يزيد الصورة تعقيدًا، أن وزارة العدل كانت قد وقّعت في العام نفسه عقدًا ضخمًا مع شركة "أكسون" بقيمة 30.4 مليون دولار لتزويد الوكالات الفيدرالية بالكاميرات والبرامج المصاحبة لها. العقد لا يزال ساريًا حتى اليوم، ووفقًا لأكسون، لا يزال نحو خمسة أسداس المبلغ مستحقًا الدفع.

هذا التناقض بين التخلي عن البرنامج واستمرار الالتزام المالي تجاهه يسلّط الضوء على مفارقة صارخة: كيف يمكن لمن يرفع شعار "كفاءة الحكومة" أن يتخلى عن أدوات مساءلة مدعومة بالأدلة، بينما يستمر في دفع عشرات الملايين على برنامج لم يعد مستخدمًا بالكامل؟