بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في الذكرى الـ115 لميلاده.. شيخ الأزهر الذي نازع السادات دفاعًا عن المؤسسة

بوابة الوفد الإلكترونية

احتفلت الأوقاف اليوم بالذكرى الـ115 لميلاد الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود، أحد أبرز شيوخ الأزهر ومجددي الفكر الإسلامي في العصر الحديث، والذي ولد في 12 مايو 1910 بقرية السلام، مركز بلبيس بمحافظة الشرقية.

عبدالحليم محمود لم يكن مجرد فقيه أو إداري تولى مشيخة الأزهر، بل كان صوفيًا، فيلسوفًا، ومجاهدًا في ميدان الفكر والدعوة، مدافعًا بشجاعة عن استقلال المؤسسة الأزهرية، متحديًا السلطة التنفيذية حين حاولت النيل من صلاحيات الأزهر.

من الأزهر إلى السوربون.. مسيرة علمية فريدة

التحق الإمام بالأزهر في سن صغيرة، وحصل على شهادة العالمية في 1932، ثم قرر أن يشد الرحال إلى فرنسا على نفقته الخاصة، حيث درس الفلسفة الإسلامية ونال درجة الدكتوراه من جامعة السوربون عام 1940. عاد بعدها إلى الأزهر ليعمل أستاذًا، ثم عميدًا، فوكيلًا، إلى أن عُيّن شيخًا للأزهر عام 1973.

صاحب "الثورة الروحية" في التصوف

عرف الإمام عبدالحليم محمود بلقب "أبي التصوف في العصر الحديث"، إذ أعاد للتصوف الإسلامي رونقه الأصيل، وربطه بالعقل والواقع، مؤلفًا أكثر من 60 كتابًا بالعربية والفرنسية، منها: "أوروبا والإسلام"، "التوحيد الخالص"، "أسرار العبادات في الإسلام"، و"المدرسة الشاذلية الحديثة".

وقدّم الإمام رؤية وسطية تنويرية متوازنة، تجمع بين روحانية المتصوفة وصرامة العلماء، وفتح بذلك أبوابًا جديدة للفكر الإسلامي المعاصر.

موقفه من السادات.. استقالة تهز الدولة

في 7 يوليو 1974، فوجئ عبدالحليم محمود بقرار رئاسي يقيد صلاحيات شيخ الأزهر لصالح وزير الأوقاف، فما كان منه إلا أن قدّم استقالته فورًا اعتراضًا على انتقاص سلطة الأزهر. استقالة الإمام هزت العالم الإسلامي، ودفعت بالرئيس السادات للتراجع وإلغاء القرار، ما أعاد للأزهر هيبته، وللإمام مكانته.

مواقف جريئة وفتاوى شجاعة

لم يكن الإمام متقوقعًا داخل المؤسسة، بل كان منخرطًا في قضايا المجتمع. أصدر فتاوى مؤيدة لموقف طياري "مصر للطيران" الرافضين لنقل الخمور، ورفض سفر الفتيات للعمل منفردات خارج البلاد. كما عُرف عنه الزهد والكرم، وكان يتصدق بمعظم دخله، وقيل إنه كان يشعر بليلة القدر في كل عام.

الإمام الإنسان

رغم مكانته العلمية، كان الإمام قريبًا من الناس، بلا حجاب أو وساطة، حريصًا على قضاء حوائجهم، حتى لقبه البعض بـ"الشيخ الولي". وكان أول شيخ للأزهر يلقي خطابًا في الكونجرس الأمريكي ويتلو فيه القرآن الكريم.

رحيله وبقاء أثره

توفي الإمام الأكبر عبدالحليم محمود في 27 أكتوبر 1977، الموافق 15 ذو القعدة 1397 هـ، بعد أن قضى عمره في خدمة الدين والفكر والعلم. ومع مرور 115 عامًا على ميلاده، لا تزال مؤلفاته تُقرأ، وأفكاره تُتداول، ومواقفه تدرّس في الأزهر وخارجه.