بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

سوريا تلاحق الفتنة المتنقلة

بوابة الوفد الإلكترونية

جرمانا تشتعل بين فوضى السلاح وغضب المقدسات

 

اندلعت اشتباكات عنيفة فجر أمس فى محيط مدينة جرمانا بريف دمشق، بين مسلحين من داخل المدينة وآخرين من خارجها، ما أدى إلى سقوط نحو ٧ قتلى وقيل تسعة من قوى الأمن ومدنيين وتصاعد التوتر الطائفى، عقب تداول تسجيل صوتى منسوب لشخص يتهم بالإساءة لمقام النبى محمد. وبينما نفت قوات الأمن السورى مشاركتها فى القتال، أكدت مصادر محلية أن العناصر الأمنية تدخلت فقط لفض النزاع ومنع تفاقم الأوضاع، فى وقت تعززت فيه قوات الأمن العام على أطراف المدينة.
واستخدم المسلحون، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان، أسلحة خفيفة ومتوسطة خلال المواجهات التى استهدفت أحياء سكنية داخل المدينة. وتضاربت الروايات حول حصيلة الاشتباكات، ففى حين ذكرت وزارة الداخلية السورية أن الاشتباكات لم تكن بين قوات حكومية وأطراف مسلحة، أفادت تقارير أخرى بمقتل عنصرين على الأقل من الأمن العام، من دون ورود أنباء دقيقة عن ضحايا بين المدنيين.
وتزامن التصعيد مع موجة غضب دينى وشعبى واسعة بعد تداول تسجيل صوتى قيل إنه يعود لشخص من الطائفة الدرزية، يحتوى على عبارات مسيئة للنبى محمد. وعلى إثر ذلك، سارعت وزارة الداخلية السورية إلى إصدار بيان أكدت فيه أن التحقيقات الأولية لم تثبت بعد صحة نسب الصوت للشخص المعنى، مشيرة إلى أن العمل جار لتحديد هوية الفاعل وتقديمه إلى العدالة. كما شددت الوزارة على أهمية ضبط النفس والالتزام بالنظام العام، محذرة من أى تصرفات من شأنها الإخلال بالأمن أو التعدى على الأرواح والممتلكات.
وتحولت الحادثة إلى أزمة أمنية- اجتماعية بعد أن أصدرت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز بياناً شديد اللهجة دانت فيه «الهجوم المسلح غير المبرر على مدينة جرمانا»، واعتبرت أن ما جرى هو اعتداء على مدنيين آمنين وروع السكان من دون وجه حق. وحملت المرجعية الدينية السلطات السورية المسئولية الكاملة عما حدث، وعن أى تصعيد قد يليه، داعية إلى حماية السلم الأهلى ومحاسبة المسئولين عن التصعيد.
وجاء بيان الداخلية السورية متناغماً مع موقف المرجعية، إذ شدد على أن «الدولة قائمة بدورها الكامل فى حماية المقدسات»، وأكد اتخاذ إجراءات صارمة ضد أى تجاوزات قانونية أو طائفية. كما عبرت الوزارة عن شكرها للمواطنين الذين أبدوا غيرتهم الدينية، لكنها طالبت فى الوقت ذاته بعدم الانجرار وراء أى محاولات لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
ورغم محاولات التهدئة، بقيت حالة التوتر قائمة فى جرمانا، خاصة مع استمرار تداول روايات متضاربة بشأن هوية المتورطين فى إطلاق النار وملابسات اندلاع الاشتباك. وشهدت المدينة استنفاراً أمنياً لافتاً، وسط مخاوف من تجدد المواجهات، فى وقت يتصاعد فيه القلق من انتقال التوتر إلى مناطق أخرى، ما لم تحسم التحقيقات بشكل شفاف وسريع.
وتأتى هذه التطورات فى وقت تعانى فيه سوريا هشاشة أمنية متزايدة، وتنامى نفوذ مجموعات مسلحة غير خاضعة لسلطة الدولة فى بعض المناطق، ما يهدد السلم الأهلى الهش. ومع انكشاف عمق الاحتقان الطائفى والاجتماعى فى مناطق مثل جرمانا، يتجدد السؤال عن قدرة الدولة على ضبط الأمن ومنع تكرار مثل هذه الحوادث التى قد تستغل سياسياً وطائفياً فى أى لحظة.