بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

نظرة امل

لا اجتهاد مع نصِّ القرآنِ الكريمِ

فى السنواتِ الأخيرةِ تعالتْ أصواتٌ تنادى بالمساواةِ التامةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ فى كلِّ جوانبِ الحياةِ، ومنها قِسمةُ الميراثِ، ويستندُ أصحابُ هذا الرأىِ إلى شعاراتٍ عامةٍ كـ«العدالةِ» و«الحقوقِ»، ويطالبونَ بتعديلِ ما وردَ فى الشريعةِ الإسلاميةِ من أحكامٍ تخصيصُ الذَّكرِ بنصيبٍ يفوقُ نصيبَ الأُنثى فى بعضِ حالاتِ الميراثِ، وهنا لا بدَّ من الوقوفِ على هذه الدعوى والردِّ عليها من منطلقٍ شرعيٍّ وعقلىّ.

أولًا: الميراثُ فى الإسلامِ قائمٌ على العدلِ لا على التساوى، ومن الخطأِ الفادحِ الخلطُ بينَ «العدلِ» و«المساواةِ»، فالمساواةُ تعنى إعطاءَ الجميعِ نفسَ الشىءِ بغضِّ النظرِ عن الظروفِ، أما العدلُ فهو إعطاءُ كلِّ ذى حقٍّ حقَّهُ بحسبِ حاجتِهِ ووظيفتِهِ وواجبِهِ، والإسلامُ دينُ عدلٍ، لا يظلمُ أحدًا، وقد راعى فى تقسيمِ الميراثِ المسئولياتِ الماليةَ والاجتماعيةَ المُلقاةَ على عاتقِ الرجلِ مقارنةً بالمرأةِ.

ثانيًا: الرجلُ مُكلَّفٌ بالنفقةِ، والمرأةُ لها حقُّ المالِ دونَ تكليفٍ، ففى الإسلامِ، الرجلُ هو المسئولُ عن الإنفاقِ على الزوجةِ، والأبناءِ، وحتى أهلِهِ فى بعضِ الأحيانِ، بينما المرأةُ -حتى وإنْ كانتْ ثريةً- لا تُلزَمُ شرعًا بالإنفاقِ لا على زوجِها ولا أولادِها، بل مالُها خالصٌ لها، فهلْ من العدلِ إذًا أنْ يتساويا فى الميراثِ، مع اختلافِ الأعباءِ؟

ثالثًا: الميراثُ فى الإسلامِ منظومةٌ متكاملةٌ وليستْ أحكامًا مُجتزأةً، ليس صحيحًا أنَّ المرأةَ ترثُ أقلَّ دائمًا، فهناك حالاتٌ ترثُ فيها المرأةُ مثلَ الرجلِ أو أكثرَ منهُ، أو ترثُ وهو لا يرثُ، مثل:

* ترثُ الأمُّ سُدسَ التركةِ مثلَ الأبِ فى حالِ وجودِ أولادٍ.

* البنتُ الواحدةُ ترثُ نصفَ التركةِ إذا لم يكنْ معها أخٌ، بينما الابنُ يرثُ كلَّ التركةِ فى حالِ كانَ وحدَهُ.

* الأختُ الشقيقةُ ترثُ النصفَ إنْ لم يكنْ لها شقيقٌ.

هذه أمثلةٌ تدحضُ الزعمَ بأنَّ المرأةَ دومًا ترثُ أقلَّ من الرجلِ.

رابعًا: الحكمُ الشرعيُّ ثابتٌ لا يتغيرُ بتغيرِ الأهواءِ

الميراثُ حكمٌ إلهيٌّ منصوصٌ عليهِ فى القرآنِ الكريمِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} «النساء: 11»، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ قدْ أعطى كلَّ ذى حقٍّ حقَّهُ، فلا وصيةَ لوارثٍ»، فالأحكامُ الشرعيةُ فى الميراثِ ليستْ اجتهاداتٍ بشريةً قابلةً للنقاشِ أو التعديلِ، بل هى من عندِ اللهِ، ومن الواجبِ التسليمُ لها، لا التلاعبُ بها تحتَ شعاراتٍ زائفةٍ.