إعادة طرح قضية تجنيد الحريديم في إسرائيل تثير جدلاً سياسيًا جديدًا (فيديو)

قالت دانا أبو شمسية، مراسلة "القاهرة الإخبارية" من القدس المحتلة، إن قضية تجنيد اليهود الحريديم في الجيش الإسرائيلي قد عادت للواجهة بقوة، في ظل تصاعد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإلزام هذه الفئة بالدخول في الخدمة العسكرية، مشيرة إلى أن مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي لشؤون الحريديم قد نشر تسريبًا صوتيًا، كشف فيه عن خلافات داخل الحكومة حول قانون تجنيد الحريديم، مما أعاد تسليط الضوء على هذه القضية الحساسة.
ضرورة إلزام الحريديم بالخدمة العسكرية
وأضافت خلال رسالة على الهواء، مع داليا نجاتي، أن الجدل حول هذا الموضوع يعود إلى الخلافات المستمرة في إسرائيل حول ضرورة إلزام الحريديم بالخدمة العسكرية، خاصة في ظل تزايد الاحتجاجات من قبل هذه الفئة، التي ترى أن خدمتها في الجيش تتعارض مع تعاليمها الدينية، من جهة أخرى، يعارض بعض قادة الحكومة، مثل وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، هذا الإعفاء، معتبرين أن الجميع يجب أن يتحمل المسؤولية العسكرية من دون استثناء، الأمر الذي أدى إلى توتر في الائتلاف الحكومي.
نقص أعداد الجنود في الجيش الإسرائيلي
وتابع أن المشكلة قد تفاقمت مؤخرًا بسبب نقص أعداد الجنود في الجيش الإسرائيلي، خاصة مع توسع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد أعداد الجنود الاحتياطيين الذين يرفضون العودة إلى الخدمة، ما دفع الجيش إلى محاولة تجنيد الحريديم لسد هذا العجز، ومع ذلك، لا تزال استجابة الحريديم ضعيفة، حيث يتظاهرون في مدن مثل بني براك ومئش عريم ضد القانون الجديد، ما يؤدي إلى اشتباكات مع قوات الشرطة.
قال أحمد الصفدي، الكاتب والباحث السياسي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، إن عودة ملف تجنيد الحريديم إلى الواجهة جاء نتيجة التوترات داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، حيث يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإرضاء مختلف الأطراف، لا سيما الأحزاب الدينية، عبر تقديم ميزانيات ودعم خاص لهم.
إسرائيل تواجه نقصًا حادًا في عدد الجنود
وأوضح الصفدي، خلال مداخلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن إسرائيل تواجه نقصًا حادًا في عدد الجنود، حيث تحتاج إلى 14 ألف مجند جديد من الحريديم، لكنها غير قادرة على تجنيد حتى ألف منهم، فالحريديم اعتادوا على تلقي المعونات من الدولة دون المشاركة في القتال، بينما يتحمل جنود الاحتياط العلمانيون العبء الأكبر في الجيش والاقتصاد.
وأضاف أن هذه الفجوة تسببت في صراع داخل الحكومة، إذ يدفع بعض وزراء اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، نحو استئناف الحرب، مما يتطلب زيادة أعداد الجنود، لكن الحريديم يرفضون التجنيد، ما يهدد بانسحاب أحزابهم من الحكومة، في المقابل، فإن عدم تجنيدهم يعرقل استمرار العمليات العسكرية، وهو ما يهدد بانسحاب سموتريتش من الائتلاف.
التظاهرات في إسرائيل لم تعد تقتصر على فئة واحدة
وأشار الصفدي إلى أن التظاهرات في إسرائيل لم تعد تقتصر على فئة واحدة، بل اتسعت لتشمل نقابات ومنظمات مجتمعية، مما يعكس تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي، موضحًا أن نتنياهو حاول تفتيت الحراك الشعبي، لكنه فشل، إذ توحدت المعارضة والمجتمع ضد حكومته.
على صعيد متصل، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الخميس، قرارا بإرسال ما يقرب من ألف أمر تجنيد لرجال من الحريديم الأحد المقبل، في أول خطوة على طريق تنفيذ قرار محكمة العدل العليا الذي صدر في يونيو الماضي، وأنهى رسميا إعفاء هذه الطائفة من الخدمة في الجيش.
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الدفاع، يعتزم الجيش الإسرائيلي إرسال ألف أمر تجنيد على 3 مراحل، من أجل تحقيق هدفه المتمثل في 3 آلاف مجند حريدي هذا العام.
وذكر البيان أن الجيش سيجري "عملية تعلم" في نهاية كل مرة، مؤكدا أن إرسال أوامر التجنيد المتبقية التي تبلغ ألفي أمر، سيتم في الأسابيع المقبلة.
وتطرق البيان لسياسة الجيش الإسرائيلي في "التجنيد الناجح"، التي انتقدها أعضاء الكنيست، ومعظمهم من المعارضة.
وتتمثل هذه السياسة في استهداف الرجال الحريديم الذين يعتقد الجيش الإسرائيلي أنهم يتمتعون بإمكانات عالية لأداء الخدمة العسكرية.
وفي 25 يونيو الماضي، قررت المحكمة العليا إلزام الحريديم بالتجنيد في الجيش، ومنع المساعدات المالية عن المؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.
الحاخام الأكبر في إسرائيل يرفض تجنيد الحريديم
وجدد الحاخام الأكبر في إسرائيل يتسحاق يوسف، الثلاثاء، رفضه الخدمة الإلزامية للمتدينين "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي.
وقال زعيم طائفة اليهود الشرقيين في تصريح جديد: "من وصله قرار التجنيد فليمزقه. لو تم سجنه سيحضر له رئيس المعهد الديني لتعليمه في السجن".
من هم "الحريديم"؟
تشكل طائفة الحريديم نحو 13 بالمئة من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.9 ملايين نسمة.
لا يخدم شباب الحريديم في الجيش ويقولون إنهم يكرسون حياتهم لدراسة التوراة بالمدارس والمعاهد الدينية، للحفاظ على "هوية الشعب".
يلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية.
لطالما أثار استثناء الحريديم من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية، لكن تخلفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في "تحمل أعباء الحرب".