بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

"طريق العذاب".. معاناة المواطنين بقرى برشوم في ظل غياب المسئولين بالقليوبية

جانب من الاهمال
جانب من الاهمال

في الوقت الذي تتسابق فيه المحافظات المصرية نحو التطوير وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى، تقبع قرى برشوم الكبرى، برشوم الصغرى، طنط الجزيرة، الرجالات، أكياد دجوى، جزيرة الأحرار، السيفا، الصالحية تحت وطأة الإهمال والتجاهل المزمن، وسط غياب تام للمسؤولين، وعلى رأسهم محافظ القليوبية.

طريق الموت

أصبح الطريق الواصل من برشوم المحطة إلى طنط الجزيرة بمثابة "طريق الموت"، بعدما تحول إلى فخ قاتل نتيجة استمرار أعمال الحفر الخاصة بمشروع الصرف الصحي المتعثر منذ سنوات. هذا الطريق الحيوي الذي يخدم آلاف المواطنين من سكان هذه القرى، بات شاهدًا على يوميات من المعاناة والتهديد المستمر لحياة الأهالي، الذين أصبحوا بين مطرقة الطرق المتهالكة وسندان الغياب الكامل للخدمات الأساسية.

مشروع صرف صحي بلا نهاية

بدأ العمل في مشروع الصرف الصحي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسط وعود متكررة من المسؤولين بسرعة الانتهاء منه، إلا أن الواقع يحكي قصة مختلفة تمامًا. فبدلًا من أن يتحول المشروع إلى نقلة حضارية لسكان المنطقة، صار عبئًا يوميًا، وتسبب في دمار كامل للطريق الرئيسي دون وجود حلول مؤقتة أو متابعة فعلية من الجهات المعنية.

الأهالي يؤكدون أن الطريق لم يعد يُحتمل، الحفر في كل مكان، والمياه الراكدة تعيق حركة السير، ولا توجد أي وسائل أمان أو تحذيرات، مما أدى إلى وقوع العديد من الحوادث، خاصة في فترة الليل.

معاناة يومية وتعطيل للأرزاق

المئات من أبناء القرى المتضررة يضطرون إلى الذهاب يوميًا لأعمالهم ومصالحهم المختلفة في طوخ أو بنها أو القاهرة. إلا أن حالة الطريق السيئة أدت إلى تأخير دائم، وتعطيل مستمر، دفع بالكثيرين لاتخاذ قرار صعب بالانتقال للعيش في القاهرة رغم الأعباء، فقط للحفاظ على وظائفهم التي باتت مهددة بسبب التأخير المزمن.

يقول أحمد علي، محامٍ من برشوم:
"الوضع بقى لا يُحتمل.. مش بس الطريق متهالك، إحنا كمان بندفع شهريًا أكثر من ألف جنيه لسيارات الكسح اللي بتستغل الوضع. مفيش صرف، ومفيش متابعة، ومفيش مسؤول بييجي يسأل. الوحدة المحلية في أكياد دجوى لا تقدم أي خدمات، وكأننا مش تابعين للدولة."


من جانبه، أشار محمود سليم، مهندس زراعي، إلى حجم المعاناة التي يتكبدها يوميًا في طريقه إلى العمل، قائلاً:
"كل يوم بنسافر من وسط الرمال والمياه، والطريق بقى بيشكل خطر حقيقي. عربيات بتغرز، ناس بتقع، وحوادث بتحصل باستمرار. نفسيًا وماديًا الوضع مرهق جدًا. وإحنا مش عارفين نهاية المأساة دي إمتى."


أمام هذا التقاعس الرسمي، لم يجد الأهالي بدًا من التحرك الشعبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث تم إطلاق حملة "إماطة الأذى"، وهي مبادرة شعبية أطلقها المواطن خالد شفيق البدوي، تهدف إلى ترميم الطريق بشكل مؤقت لحين الانتهاء من أعمال الصرف الصحي.

وبالفعل، تم تنفيذ عملية ترميم منذ حوالي عشرة أشهر تحت إشراف الحاج أحمد منتصر، أحد رموز العمل العام في المنطقة، غير أن الترميم لم يصمد سوى شهر واحد فقط، قبل أن يعود الطريق إلى حالته المزرية بسبب استكمال أعمال الحفر دون تنسيق.

في تطور جديد، نشر خليفة محمود، نائب رئيس حزب الوفد بالقليوبية ومحامٍ بارز، نداءً مؤثرًا عبر صفحته الشخصية يناشد فيه المسؤولين سرعة التدخل، مؤكدًا أن الوضع لم يعد يُحتمل، وأن المواطنين يعيشون كارثة حقيقية تستحق تحركًا عاجلاً.

واستجابة لهذا النداء، تم تنظيم لقاء جماهيري حاشد يوم الخميس الموافق 17 إبريل 2025، بحضور ممثلين عن مجلس مدينة طوخ، والقيادات الشعبية، وأهالي القرى المتضررة.

وتم خلال اللقاء مناقشة أسباب تعطل مشروع الصرف الصحي، والمطالبة بخطة زمنية واضحة لإنهائه، حتى يتم البدء في رصف الطريق.

أكد خالد شفيق، مؤسس حملة "إماطة الأذى"، أنه التقى بمحافظ القليوبية مؤخرًا وعرض عليه المشكلة بالتفصيل، مشيرًا إلى أن المحافظ أبدى تفهمه للأزمة، وأكد أنه على علم تام بها، ويحاول العمل على حلها. لكن رغم هذه التصريحات، لم يرَ الأهالي حتى الآن أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، وهو ما زاد من مشاعر الغضب والإحباط بين سكان القرى.

سرعة التدخل

يطالب المواطنون في قرى برشوم جميع الجهات المعنية بسرعة التدخل لعدة نقاط أساسية:

-الإعلان عن جدول زمني دقيق وواضح للانتهاء من مشروع الصرف الصحي.
-توفير حلول بديلة مؤقتة تضمن سلامة الطريق وتخفف من معاناة المواطنين.
-إلزام الوحدة المحلية ومجلس المدينة بمتابعة الطريق بشكل دوري، والتعامل مع أي طوارئ تحدث بشكل عاجل.

-إجراء تحقيق شفاف حول أسباب تأخر المشروع، ومحاسبة المتسببين في تعثره لسنوات.

في ظل كل هذه الوقائع، يبقى السؤال الذي يشغل بال الجميع: إلى متى تستمر هذه المعاناة؟ وإلى متى سيبقى طريق برشوم شاهدًا على الإهمال واللامبالاة؟

أهالي القرى لا يطلبون مستحيلاً، بل أبسط حقوقهم في طريق آمن، وصرف صحي يليق بكرامة الإنسان. فهل نجد من يستجيب قبل أن تتحول المأساة إلى كارثة أكبر؟ أم أن "لا حياة لمن تنادي" ستظل العنوان الأبرز لمشهد الإهمال المتكرر؟.