بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مافيا أدوية التخسيس القاتلة.. بين هوس النحافة وسراب الموت 

بوابة الوفد الإلكترونية

«هيئة الدواء»: نفذنا 15 ألف حملة على الصيدليات آخر  شهرين

نبيل عبدالمقصود: موضة استخدام أدوية السكرى للتخسيس قتلت إعلامية شهيرة

«الحق فى الدواء»: التحقيق مع طبيب ابتكر وصفات للتخسيس و«الداخلية» تطارد مواقع بث الإعلانات

«المركز المصري»: حقن مونجارو والساكسيندا الخاصة بعلاج السكرى تقتل الباحثين عن الرشاقة

 

فى ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعى وإعلانات المنتجات «السحرية» لفقدان الوزن، برزت موجة جديدة من أدوية التخسيس غير المصرح بها، التى تبيعها مافيا الأدوية عبر الإنترنت أو فى بعض الصيدليات دون رقابة طبية، هذه الأدوية تعد الباحثين عن النحافة بخسارة سريعة فى الوزن خلال أيام، إلا أنها فخ قاتل حاصد لأرواح العشرات وأدخل المئات غرف العناية المركزة، بسبب مكوناتها القاتلة.

ضحايا الهوس بالنحافة

تقول هناء، طالبة جامعية تبلغ من العمر 22 عامًا، إنها اشترت كبسولات لإنقاص الوزن بعد أن رأت إعلانًا على إنستجرام يعد بخسارة 10 كيلوغرامات خلال أسبوعين، مشيرة إلى أنها لم تكن تعلم أن هذه الكبسولات تحتوى على مادة «السيبوترامين» المحظورة، والتى سببت لها اضطرابًا حادًا فى ضربات القلب نُقلت على إثره إلى المستشفى.

وأضافت هناء أنها شعرت بضربات قلبها وكأنه قنبلة موقوتة فى صدرها ستنفجر من شدتها، فأصيبت بالإغماء وكان الموت على بعد خطوات قليلة منها، ولكن الله كتب لها عمرًا جديدًا، موضحة: «كنت أظن أننى سأحصل على جسم مثالى بسهولة، لكنى كدت أفقد حياتي».

قصة بدأت من الألم وانتهت بالمأساة

تروى «داليا»، فتاة فى العشرينيات من عمرها، قصة أختها التى فقدت حياتها بعد تناولها كبسولات تخسيس اشترتها عبر الإنترنت، وقالت: إنها كانت تريد أن تنحف بسرعة قبل زفافها، فأخذت دواء قيل إنه طبيعى 100%، وبعد أسبوعين بدأت تشعر بآلام حادة فى القلب، ثم توفيت فجأة، موضحة: الطبيب قال إنها جرعة زائدة من مادة محظورة كانت فى الدواء.

هيئة الدواء تنفذ 15 ألف حملة على الصيدليات

يؤكد الدكتور ياسين رجائى مساعد رئيس هيئة الدواء، أنه لا يجوز أن يتم الإعلان عن دواء أو منتج طبى إلا إذا كان حاصلا على موافقة الهيئة، وهناك بعض الصيدليات التى تبيع أدوية مجهولة المصدر أو مغشوشة أو مخالفة وفى هذه الحالة يتم الرقابة ومحاسبة المخطئ.

وأضاف مساعد رئيس هيئة الدواء، فى تصريح لـ الوفد، أن الهيئة نفذت حوالى 15 ألف حملة على الصيدليات والمخازن خلال الشهرين الماضيين، ويتم عمل الإجراءات اللازمة مع الصيدليات التى تبيع الأدوية الغير مرخصة.

موضة أدوية مرض السكرى فى التخسيس 

لم يتوقف الأمر عند أدوية التخسيس التى تصنعها شركات تعمل خلف الستار، بل وصل الأمر إلى استخدام بعضا ممن يطلقون على أنفسهم خبراء التغذية، لحقن مخصصة لمرضى السكرى، والتى تحتوى على بعض المواد التى تساهم فى انخفاض الوزن.

دكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية الطب جامعة القاهرة، كشف للوفد، عن موضة استخدام أدوية مرض السكرى فى التخسيس، لأن أحد أعراضه الجانبية أنه يقلل الوزن، مشيرا إلى أنه أمر غير معترف به علميا.

وحول منتجات التخسيس والرشاقة، أشار أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية الطب جامعة القاهرة، إلى أنه ممنوع تداول أى عقار لا يتم صرفة من خلال الصيدليات، لأن هناك الكثير من الأدوية المتشابهة المغشوشة والمحظور تداولها داخل الصيدليات، لذلك يتم بيعها أون لاين أو من خلال تجار متخصصين فى هذه الأعمال.

وأكد الدكتور نبيل عبد المقصود، أن أعراض هذه الأدوية يكون سيئًا جدا وينتج عنها تأثير مباشر على الجهاز العصبى والكلى والكبد والقلب وتؤدى إلى الوفاة، سواء استخدمها أصحاب الأمراض المزمنة، والأشخاص الأصحاء أيضا.

إحالة طبيب لمحاكمة تأديبية ابتكر وصفات للتخسيس

محمود فؤاد رئيس جمعية الحق فى الدواء، هناك الكثير من المنتجات يتم تصنيعها «تحت بير السلم» داخل مصر، وعند البحث عن المصنع أو الشركة نجدهم أشباحا غير معلوم أماكنهم وليس لهم سجل، وهناك أكثر من 62 قناة فى التليفزيون تروج لمثل هذه المنتجات للمواطنين، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية منذ أيام هاجمت موقع فى 6 أكتوبر كان يبث من خلاله لمثل هذه المنتجات.

وأوضح أن هذه المنتجات التى يتم التسويق لها عبر السوشيال ميديا أو التلفزيون، تستهدف الفتيات الباحثات عن الرشاقة أو الكبار فى السن، الباحثين عن دهانات تعالج الآلام والروماتيزم.

وكشف رئيس جمعية الحق فى الدواء، أنه منذ فترة قريبة تم إلقاء القبض على سيدة تدعى « د. س « تحت مسمى أنها خبيرة تغذية، وهى فى الحقيقة خريجة خدمة اجتماعية ولا تفقه فى الطب شيئًا، استطاعت أن تخلق امبراطورية كبيرة لها عبر القنوات تحت مسمى عنوان «مشروع ضخم للتخسيس وعلاج السمنة» وبعد الكشف عنها تبين انها تستخدم مادة «سيبوترامين Sibutramine»، وهى مادة تغلق خلايا المخ المتعلقة بالجوع، وهى محظورة عام 1998 وقادرة على إتلاف المخ، وإحداث جلطة بالقلب وإتلاف الكبد، وهذه المادة يتم استخدامها فى المنتجات التى تقوم بالترويج لها فى أدوية التخسيس.

وأكد محمود فؤاد، أن هذه السيدة تم حبسها لمدة العام، ولكنها بعد ذلك عادت مرة أخرى لتروج لتجارتها القاتلة، عبر قناة فضائية، وتمتلك صفحات كبيرة على السوشيال ميديا ومسخرة فريقًا كبيرًا للتعامل مع رواد الصفحات.

ولفت إلى أن هناك طبيب يدعى «ص. ج « خضع أول أمس لتحقيق فى نقابة الأطباء، للمرة الثانية بعد تحقيق 2022، مشيرا إلى أن هذا الطبيب الخميس الماضى تم إحالته لمحاكمة تأديبية، لأنه ادعى ابتكر وصفات غير طبية للتخسيس، وهو أخصائى جهاز هضمى.

وحذر رئيس جمعية الحق فى الدواء، من مسميات «خبير أو خبيرة تغذية» لأنه لا يوجد مثل هذا التخصص ويحاسب عليه القانون، بل طبيب أو طبيبة تغذية فقط، لأنهم أطباء درسوا فى كلية الطب وعلى دراية بالمواد الطبية والمرض، مناشدا وزارة الداخلية بمراقبة مصادر بث القنوات التى تروج للأدوية القاتلة والوصول لمافيا أدوية التخسيس ومحاسبتهم وتغليظ العقوبات، وأهمية توعية المواطنين بالطرق السليمة للتخسيس، لحمايتهم من مافيا الأدوية المغشوشة.

عدم وجود أطباء متخصصين فى التخسيس

قال دكتور ياسر خاطر، مدير ملف الدواء والصيدليات بالمركز المصرى للحق فى الدواء، إن هناك عشوائية فى استخدام أدوية التخسيس، وهو أمر نابع من عدم وجود أطباء متخصصين فى هذا الأمر، وللأسف يسقط العديد من الضحايا فى فخ المسوقين عبر السوشيال ميديا.

وأوضح مدير ملف الدواء والصيدليات بالمركز المصرى للحق فى الدواء، أنه فى فترة من الفترات عرضت الصيدليات دواء اسمه كان مصرحًا به طبيا ومرخصًا عالميا وهو «سيبوتريم» واستمر تداوله عامين وكان هذا الدواء يعمل على التأثير على جزء مسؤول عن مركز الشبع فى المخ، ولكن بعد فترة كشفت الأبحاث الطبية أنه يؤثر على مخ الإنسان، وتم سحبه من السوق عالميا.

وأكد أن أدوية التخسيس غير المصرح بتداولها تدخل البلاد بالتهريب أو بالتصنيع فى أماكن خلف الستار داخل البلاد، وتحتوى هذه الأدوية على مادة الـ سيبوترامين، القادرة على قتل الإنسان.

وأضاف دكتور ياسر خاطر، أن من ضمن أدوية السكرى حقن مثل «مونجارو» و»الساكسيندا» وهى مصرح بها طبيا وتنتجها شركات عالمية ويتم تداولها لعلاج مرضى السكرى، موضحا أن هذه الحقن يتم استخدامها على غير أهدافها، لأن من ضمن آثارها الجانبية خسارة الوزن، فيقوم بعض الأطباء بالتوصية باستخدامها للتخسيس، دون مراعاة دقة الاستخدام أو المعايير المطلوبة، الأمر الذى يؤدى للوفاة وهناك الكثير من الباحثين عن النحافة لقوا حتفهم بسبب ذلك وأبرزهم إعلامية شهيرة ماتت بسبب استخدام إحدى هذه الحقن بشكل عشوائى وبتوصية من طبيب غير متخصص وهى لم تكن تعانى من داء السكرى.

مافيا السوشيال ميديا 

إلى جانب أدوية السكرى، هناك الكثير من الكبسولات المحظور تداولها «فات زورب، وليبوتريم، ماجيك بوكس، سبيرولينا امريكان دايت، يورو سليم، OPS، كوجاك، تيربو سليم، تيربو وان، فيتارم، براند كبسول، هارفى، افريكان مانجو، ماجيك ماجستيك، اكتيف سليم»، وغيرها من كبسولات تباع بمبالغ باهظة وتحتوى على مادة الـ سيبوترامين القاتلة.

يتم تداول هذه الأدوية تحت مسمى أنها تحتوى على أعشاب ومواد طبيعية، قادرة على التخسيس خلال أسبوعين 10 كيلو، ويكون شكل العلب التى تحتوى على الأقراص مثالية لتوهم المشترى أنها مستوردة كما أنها تحتوى على العلامة المائية، والـ 30 كبسولة تبدأ من سعر 500 حتى 1500 حسب النوع، وهى صفقة كبيرة بالنسبة لشركات مجهولة المصدر تتاجر بأرواح الباحثين عن الرشاقة، وعند سقوط الضحية فى فخ المنتج لا يجد مكان محدد للشركة أو المندوب  الذى ورد الدواء.

أدوية التخسيس غير المرخصة والتى تحتوى على مواد محظورة دوليًا وتأثيرها، سيبوترامين (Sibutramine)، مادة تسبب ارتفاع ضغط الدم ومشاكل فى القلب، وتم حظرها فى الولايات المتحدة وأوروبا.

ديورتيك Diuretics ومدرات البول، تفقد الجسم السوائل والمعادن الأساسية، وقد تؤدى للفشل الكلوى، ومنشطات الجهاز العصبى، التى تؤثر على الحالة النفسية وقد تؤدى للاكتئاب أو الانتحار.

تسويق مضلل وخطر صامت

تستغل هذه المنتجات ضعف المستهلكين ورغبتهم فى فقدان الوزن السريع، وتستخدم مصطلحات مثل «طبيعى 100%» أو «معتمد من وزارة الصحة» دون وجود أى وثائق رسمية أو تراخيص طبية، كما يتم ترويجها عبر مؤثرين على السوشيال ميديا لا يمتلكون خلفية علمية أو طبية.

غياب الرقابة وارتفاع الضحايا

تشير تقارير صادرة عن وزارة الصحة إلى رصد عشرات الأنواع من منتجات التخسيس المغشوشة، إلا أن الرقابة لا تزال عاجزة عن السيطرة الكاملة على ما يُباع عبر الإنترنت أو يُهرب من الخارج.

ويقدر حجم تجارة أدوية التخسيس غير المرخصة بمليارات الدولارات سنويًا عالميًا، وهى سوق تنمو باستمرار مع تزايد الطلب، وتُباع هذه المنتجات دون رقابة، عبر الإنترنت أو فى صيدليات غير ملتزمة، أو حتى عبر أفراد على وسائل التواصل.