د. محمد شعراوى العضو المنتدب لشئون التدريب والتطوير بشركة «أسطول القابضة للاستثمارات المالية»:
رسوم ترامب «فاتحة خير» لتدفق الأموال الأجنبية

4 مستهدفات لنشر الثقافة المالية
كن أنت مصدر الضوء لنفسك، اكتشف صفاتك التى تدفعك إلى الأمام، لا تضيّع وقتك فى محاولة أن تتشبه بالآخرين، فلا يوجد على وجه الأرض من يشبهك، كن أفضل ما يمكنك أن تكونه وواصل تقدمك، ستكون فى أفضل حالاتك عندما تكون نفسك وليس آخر.. اعلم أن مسيرتك ليست قصة تروى، بل مغامرة تحياها، الأشياء العظيمة لا تحدث دفعة واحدة، إنما سلسلة من الخطوات، فما بداخلك أعظم من أى عقبات.. وكذلك محدثى فلسفته لا يجعل من نفسه الخيار الثانى لأحد، لكن الأول أو لا يكون.
عليك بالمعرفة، فهى قوة كلما اكتسبتها ساعدتك فى مسيرتك.. اقرأ كثيراً، استمع جيداً، كن فضولياً فى العلم، فهى من عادات العظماء، الذين يمتلكون قدرة الحفاظ على القمة.. وعلى هذا الأساس اتسمت رحلته بالكفاح.
الدكتور محمد شعراوى، العضو المنتدب لشئون التدريب والتطوير بشركة «أسطول القابضة للاستثمارات المالية».. منهجه: عندما لا توجد استمرارية لا يوجد تطوير، يسعى دائما لصنع التغيير ليكون أفضل مما عليه، ثقته بنفسه تفتح له أبواب الفرص، سعادته فى خدمة الآخرين، والتعلم المستمر هو ما يميزه.
على الضفة الشرقية لنهر النيل، تلتقى الفخامة بروعة الطبيعة، وفى أعالى البنايات السكنية الراقية، ترتسم لوحة فاتنة، بتفاصيلها الساحرة وتحاكى الجمال فى أبهى تجلياته، تبدو الواجهة بتصميمها أكثر أناقة من أن توصف، تتجلى البساطة الممزوجة بالإبداع فى رسومات هندسية تنمّ عن ذوق فنى راقٍ، عند المدخل الرئيسى، يهيمن اللون البيج الدافئ على الجدران، مزينا بنخبة من اللوحات؛ بعضها يعكس جذور الانتماء بشجرة العائلة، وأخرى تنقل هدوء الطبيعة وسحرها. تتناثر تفاصيل الديكور، فازات وأنتيكات تنطق بتراث حضارات متعددة، كل قطعة منها تروى حكاية. أما الأثاث المودرن، بلونه البيج المنسجم مع الجدران، فيضفى لمسة من السكون على لوحة جمالية مكتملة الملامح.
على بعد خطوات، تنفتح غرفة المكتب على عالم خاص من السكون والإلهام، أثاثها بسيط، لكن المكتبة تحفل برفوف تعج بالكتب والمجلدات، ما بين تخصصه العلمى والعملى، وبين صفحات التاريخ وسطور الروايات.. على سطح المكتب، تتراص القصاصات الورقية بترتيب دقيق، تحمل خططاً ليومه وتقييمات لإنجازاته، بينما تستقر إلى جانبها أجندة ذكريات، تحفظ بين طياتها محطات مفصلية شكّلت مسار حياته، تلك الرحلة التى نُقشت حروفها بنور العزم، واستثمر فيها ذاته بحكمة وإصرار، ليبدأ ملحمته قائلاً: «أمى هى من زرعت بداخلى الإيمان بنفسى، وقدرتى على تحقيق المستحيل».
حماسى بطبعه، يزن كل مشهد بعين الباحث، موضوعى ينطلق من الأرقام كمرجعية ثابتة، يبنى عليها تفسيراته، رؤيته للاقتصاد لا تعوم فى التوقعات، بل تغوص فى العمق، لتقدّم قراءة أكثر واقعية.. يقول إن «الاقتصاد الوطنى مر بمحطات عصيبة، واجه خلالها أزمات، ما بين متغيرات خارجية كانت لها اليد الطولى فى التأثير على مساره، وتحديات داخلية أعاقت تعافيه وأخّرت انطلاقته، وكان من أبرز تلك التحديات قضية سعر الصرف، التى شكّلت ضغطاً هائلاً على المشهد الاقتصادى، وأثّرت سلباً على جاذبية الاستثمار، فى وقت ظلّت فيه الموارد الدولارية غير مستقرة، وتفاقم فيه نشاط السوق الموازى للدولار، مما أضاف مزيداً من الضبابية، استمر المشهد فى حالة من التأرجح حتى تم الإعلان عن مشروع «رأس الحكمة» الاستثمارى ليشكل نقطة تحول فارقة، أعاد ثقة المستثمر الأجنبى فى قدرة السوق المحلى على الجذب والتعافى، وبفضل خطوات حاسمة فى ضبط سوق الصرف، وتوافر العملة الصعبة، وإيفاء احتياجات المستثمرين، تمكنت الدولة من كبح جماح السوق السوداء للدولار، لتبدأ صفحة جديدة من الاستقرار الاقتصادى وتعزيز الثقة فى مستقبل الاستثمار».
واضح وصريح فى تحليلاته لأزمة فرض الرسوم الجمركية. ففى الوقت الذى قد يراها البعض عائقاً، يطرح رؤيته الموضوعية التى ترى فيها فرصة كامنة يمكن تحويلها لصالح الاقتصاد الوطنى، بما يملكه من مقومات جاذبة، قادرة على استثمار هذه التحديات وتحويلها إلى مزايا تنافسية، فحتى مع فرض رسوم جمركية على الصادرات المصرية بحد أدنى 10%، تظل الفرص قائمة، بل متنامية، بفضل ما تحقق من تطوير هائل فى البنية التحتية، وشبكة لوجيستية متقدمة، وبيئة استثمارية تتجه بثبات نحو الاستقرار، والقدرة على استقطاب المزيد من رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وفرصة واسعة لنمو الأسواق البديلة
• إذن ما رؤيتك لمستقبل الاقتصاد الوطنى؟
علامات حيرة ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى، تساءل: ما الإجراءات التى اتخذتها الدولة بشأن تخارجها من حصصها لصالح القطاع الخاص، ومزاحمتها فى العديد من القطاعات الاستثمارية، وكذلك أسعار الفائدة، المرتفعة؟.. ليعود مجيباً أن «الدولة نجحت فى اتخاذ العديد من الإجراءات التى ساهمت فى دعم القطاعات الصناعية، ووضع ضوابط للفاتورة الاستيرادية، وإحلال محل الواردات، وكل ذلك مؤشرات جيدة للاقتصاد، خاصة مع العمل على زيادة حجم الصادرات، وتراجع الصادرات».
يعبر عما يراه بثقة وشفافية، وهو ما يظهر فى تناوله لملف السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة خلال الفترات الماضية، حيث يعتبر أن قرارات البنك المركزى برفع أسعار الفائدة كانت تهدف إلى الحفاظ على تدفقات «الأموال الساخنة» ومنع خروجها إلى أسواق أخرى، كما أن ارتفاع معدلات التضخم لم يكن نتيجة زيادة فى الطلب، بل كان ناتجاً عن زيادة فى تكاليف الإنتاج، مما انعكس سلباً على السوق المحلى، متوقعا أن تشهد أسعار الفائدة على مدار العام انخفاضا بنحو 300 نقطة.
يستعرض المشهد كما هو، مجرّدا من التجميل أو التهويل، تجده أكثر تركيزا خلال حديثه عن الديون الخارجية، والتوسع فى حجمها ودور وثيقة ملكية الدولة فى تخفيف حدة هذه الديون، عبر 3 وسائل مهمة منها الصندوق السيادى، الذى يبنى على عملية تعظيم أصول الدولة، المستغلة، وغير المستغلة بمشاركة القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، بالإضافة إلى برنامج الطروحات الحكومية، من خلال اكتتابات للشركات فى البورصة، وكذلك إلى نظام عقود الامتياز، وحق الانتفاع، وكل ذلك سيسهم فى تخفيف الاعتماد على الاقتراض الخارجى.
لا يزال ملف السياسة المالية مثار جدل واسع بين الخبراء والمراقبين، لما يحمله من تأثير مباشر على هيكل الاقتصاد ومساراته، إلا أن محدثى يتبنّى رؤية مختلفة تتسم بالهدوء والواقعية، حيث يرى أن هذا الملف شهد فى الآونة الأخيرة تطورات ملموسة عكست مرونة متزايدة، لاسيما فى جانب المنظومة الضريبى، فقد اتجهت الدولة -من وجهة نظره- إلى تبنى سياسات أكثر ديناميكية، تقوم على تعظيم الإيرادات دون إثقال كاهل الممولين، مستفيدة من أدوات التحول الرقمى، وتوسيع قاعدة الشمول المالى، كركيزة رئيسية لضم الاقتصاد غير الرسمى إلى الإطار الرسمى، وتحقيق هذا الدمج بشكل فعّال ومستدام يتطلب خطة زمنية واقعية، يمكن أن تتحقق خلال خمس سنوات، باستمرار الحوافز، وتعزيز الثقة بين الدولة وأصحاب الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، باعتبارهم شركاء فى بناء اقتصاد أكثر شمولاً وعدالة.
• ماذا عن رؤيتك حول ملف الاستثمار الأجنبى المباشر؟ وهل يشهد نموا خلال الفترة القادمة؟
• لحظات صمت تسود المكان قبل أن يجبنى قائلا إنه «كان هناك تخطيط محكم لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، غير أن مسار هذا الملف تعرقل بفعل الأزمات العالمية والمتغيرات الخارجية، إلى جانب تحديات داخلية عطلت انطلاقته بالشكل المأمول، لكن مع بوادر الاستقرار التى تلوح فى الأفق فرصة لانطلاقة قوية قادمة، مدفوعة بحزمة واسعة من الحوافز الاستثمارية التى تعزز الميزة التنافسية للسوق المحلى، عبر خطوات عملية تشمل تفعيل نظام الشباك الواحد لتبسيط الإجراءات، وتسهيل تأسيس الشركات والمشروعات الجديدة، إلى جانب ضمان سهولة التخارج من السوق، وتوفير العملة الصعبة عند الخروج، بالإضافة إلى الاهتمام بالمستثمر المحلى كونه اللاعب الأهم» فى معادلة جذب الاستثمار الأجنبى، باعتباره المرآة التى تعكس جدية السوق ومتانة مناخه.
البساطة واحدة من السمات التى تميزه عندما يتناول ملف القطاع الخاص، حيث يرى أن القطاع الخاص لا يزال يواجه تحديات حقيقية، فى مقدمتها غياب عدالة المنافسة، وهو ما يضعف قدرته على النمو والمنافسة فى السوق، لذا لا بد العمل على إزالة المعوقات، وتقديم تسهيلات جاذبة، إلى جانب إعفاءات ضريبية محفزة تُعيد التوازن، وتشجعه على التوسع والاستثمار، مشددا على أهمية تنفيذ «وثيقة ملكية الدولة» بفاعلية.
• ماذا عن القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد؟
• علامات تفاؤل ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «تكامل مجموعة من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصناعة والزراعة والخدمات المالية، فهذه القطاعات، كما يراها، تملك القدرة الكامنة على دفع عجلة النمو وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل».
كلمته تحمل مسئولية، والتزاماً، لذلك تجده دائماً دقيقاً فى حديثه، خاصة حينما يتناول ملف برنامج الطروحات الحكومية، حيث يتعامل مع الملف برؤية واقعية، يرى أن اتجاه الحكومة نحو المستثمر الاستراتيجى كان خياراً منطقياً فى ظل الحاجة لتوفير العملة الصعبة، وهو ما لا غبار عليه، لكن فى الوقت نفسه، يؤكد ضرورة أن يكون هناك مسار موازٍ للطروحات فى البورصة، باعتبارها أداة مهمة لتعزيز الشفافية، وتوسيع قاعدة الملكية، وتنشيط سوق المال، مع الوضع فى الاعتبار تحديد جدول زمنى واضح وملزم لتنفيذ الطروحات، مع مراعاة اختيار الوقت المناسب وتسعير عادل غير مبالغ فيه، من خلال منظومة متكاملة من التوقيت، والتسعير، والترويج يسهم فى استقطاب أموال وشرائح جديدة من المستثمرين.
لم يخش التحديات، بل كان يراها وقوداً للتقدم، ومحطات حقيقية لبناء نجاحات متتالية، وهو ما يحرص على استكماله عبر رؤيته فى تحقيق 4 مستهدفات، تتمثل فى استمرار تنشيط الثقافة المالية عبر نشرها فى الجامعات وبدأت بالفعل مع 5 جامعات، بالإضافة إلى 3 جامعات أخرى، وكذلك العمل على عقد 4 ورش عمل، والتوسع فى المحافظات، استهداف مليون عميل من فئات المجتمع المختلفة، بالتركيز على شباب الجامعات، والنقابات والأندية الرياضية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مع العمل على التوسع فى فتح فروع بالخارج، وأيضاً العمل على التطوير المستمر للعاملين بالشركة من خلال التدريب ورفع كفاءتهم المهنية.
التعثر لا يُميت، لكن الشجاعة هى التى تجعلك تكمل الطريق فى أى ظرف كان، وهو سر نجاحه، محب للرياضة، وعاشق للموسيقى التى تتسم بالهدوء، مغرم بالألوان الزرقاء لما تمنحه من صفاء ذهنى، حريص على حث أولاده على الرضا، وعمل الخير والسعى الدائم.. لكن يظل شغله الشاغل الحافظ مع مجلس إدارة الشركة على ريادتها.. فهل يستطيع ذلك؟