بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

اتجاه

هكذا.. تسرق أمريكا العالم؟!

مع ما يتمتع به الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، صراحة وبجاحة، فى الوقت نفسه، لكنه ينفرد من بين الرؤساء السابقين، بالنهم- إلى حد الطمع- فى السطو على ثروات الدول، كما فى معادن أوكرانيا وقناة بنما، وحتى أرض غزة الجريحة، التى لم تتعافَ بعد، من مجازر الإبادة الجماعية، التى تتولاها قوات الاحتلال الإسرائيلى، بدعم أمريكي- غربى، غير أن ذلك كله، لا يبدو أكثر من نقطة صغيرة، فى محتوى قرار الرسوم الجمركية، التى فرضها «ترامب» بالقوة، على ما يتجاوز الـ185 دولة، بنسب من 10% إلى 25%، زيادة على الرسوم القائمة، وعلى الصين 125%، وهدفه تحصيل تريليونات دولارية إلى خزينة بلاده، ولو كان الثمن، انهيار وركود الاقتصاد العالمى.

هكذا.. تسرق أمريكا العالم بالفعل، وهو اتهام لو تذكرون، كان الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، أول من تحدث به، فى شهر مارس 2022، وهو يعلن تخلى روسيا عن العملة الأمريكية «الدولار»، وإجبار الدول «غير الصديقة»، على سداد إمدادات الغاز بالعملة الوطنية «الروبل»، كون هذه الدول، انضمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية حليفة، لفرض نظام عقوبات واسع بعد الحرب مع أوكرانيا، على مؤسسات بنكية واقتصادية وأفراد روس، وفى المقدمة الرئيس «بوتين»، ومسئولون كبار فى السلطة، الأمر الذى أظهر مساندة دول حليفة لـ«موسكو»، لقرار التخلى عن الدولار، كما الصين ودول مجموعتى «بريكس» و«شنغهاى»، والاتحاد الأوراسى.

< لكن.. كيف تسرق أمريكا العالم، مثلما اتهمها «بوتين»؟.. ذاكرة التاريخ محشوة، بكافة أساليب الخداع الأمريكى، للسطو على اقتصادات الدول، إما بإثارة الفوضى وإما الحروب، ولعل ما نهبته- وتنهبه- من العراق وسوريا، ما يزال شاهدًا حتى اللحظة، على استباحة مقدرات الشعوب، وهو أسلوب لا أخلاقى، ليست مستعدة لأن تتخلى عنه، وقد استهلته بابتزاز كافة دول العالم، فى يوليو 1944، عندما دعت 44 دولة، إلى مؤتمر للنقد الدولى، عقد على أراضيها فى غابات «بريتون» فى ولاية نيوهامبشير، بدعوى وضع خطط، لاستقرار النظام المالى العالمى، وتشجيع إنماء التجارة بين الدول، فى مرحلة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، التى كانت مشتعلة وقتذاك.

فى هذا المؤتمر، ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر جريمة اقتصادية فى التاريخ، عندما أجبرت الدول المشاركة، على توقيع اتفاقية «بريتون وودز»، وفيها فرضت عملة الدولار، معيارًا دوليًا للنقد العالمى، وحتى تضمن اعتماد المخطط، تظاهرت بالتعهد لدول العالم، بأنها تمتلك غطاء من الذهب، يعادل ما تصدره من دولارات ورقية، بمعدل 36 دولارًا لكل أوقية من الذهب، وهو الفخ الذى استدرج دول العالم، لشراء كل الطبعات الدولارية، التى انكشف خدعة غطائها الذهبى، فى شهر أغسطس 1971، عند أعلن الرئيس الأمريكي- وقتها- ريتشارد نيكسون، فك ارتباط الدولار بالذهب، وتعويمه سوقيًا، لتحديد سعره حسب العرض والطلب.

وكما تناولت تفاصيل القرار هنا، قبل 3 سنوات، كان صدمة عميقة لدول العالم، وما كان بمقدورها الاعتراض، لأن الاعتراض يعنى، أن مخزونها من مليارات الدولارات فى بنوكها، سيتحول إلى أكوام من الورق بلا قيمة، ومع تمادى «نيكسون» فى تلاعبه بأموال الدول، أن قال بكل استخفاف: «يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، ويجب أن يلعبوها كما وضعناها»، وبذلك، تبين أن الولايات المتحدة، تطبع الدولارات دون غطاء ذهبى، وبالتالى تسرق ثروات الدول بأوراق خضراء، وهى الجريمة التى لا تزال تسرق بها العالم، وجاء الرئيس «ترامب»، ليفرط فى ارتكابها بـ«رسومه الجمركية».. لا سبيل إذن، لوقف هذه الـ «أمريكا» عن سرقة الشعوب، إلا مع نظام عالمى جديد.. يمكنه ذلك.