بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

جرﻳﻤﺔ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻌﻴﺪ

الوفد تحقق في مأساة قتل طالب الشرابية علي يد الفتوة

بوابة الوفد الإلكترونية

صكّت وجهها وانسابت دموعها، ونظرت إلى طبق فارغ أمامها، ترى فيه ذكرى نجلها، ومشهدًا أخيرًا فقدت فيه فلذة كبدها، خطف روحه مسجل خطر، طعنه فى رقبته وانصرف، شلال دمائه غطّى المكان، رمق قاتله بنظرة عتاب «ماذا فعلت يا جبان»، استسلم للموت وأراح رأسه المطعون، ليرسم مسرح جريمة غدر ضاع فيها شهيد الشرابية.

اتشح شارع «درب السكة» القديم فى منطقة الشرابية شمال القاهرة بالسواد، وفى بنيان مرصوص، وُضعت كراسى استقبال المعزين فى وفاة «عبدالرحمن أيمن زكى»، يتوافد الأهالى على منزل الضحية، يجتهدون فى تقديم عبارات التعازى والمواساة لأسرة «شهيد الغدر»، محاولين تخفيف الصدمة عنها.

«فايزة أحمد عبدالعزيز»، ربة منزل، 47 عامًا، سيدة تضع يدها على خدها، تجلس فى عباءة سوداء بغرفة ضيقة بين بنتيها وزوج مكلوم، وطفل صغير باكٍ يفتش عن أخيه، لا يدرك معنى الفراق، ولا تعنيه التجمعات، فقط يريد «عبدالرحمن».

تقول والدة الضحية فى حديث لـ«الوفد»: ابنى عبدالرحمن طالب فى الصف الثالث الثانوى صناعى، 17 عامًا، فى ثالث أيام العيد، أستيقظ أبنى وارتدى ملابسه الجديدة، وأخبرنى بذهابه لشراء مقرمشات وتسالى «عشان أفرّح أخويا»، لا يملك أصدقاء فقد اكتفى بأشقائه.

وتابعت «فايزة»: ابنى رغم صغر سنه إلا أنه يساعد والده «من ذوى الهمم» فى مصاريف المنزل، يتحرك بمركبة التوك توك فى شوارع الشرابية بحثًا عن الرزق الحلال ليأتى لنا بجنيهات، نتعكز عليها حتى آخر الشهر.

خرج نجلى عبدالرحمن، وجهزت الأطباق، فى انتظار التسالى التى سيحضرها نجلى، طبق أبيض كبير فى منتصف الصالة، سنجلس حوله ونتحدث ونضحك، نتجول فى الذكريات الجميلة، هذه كانت خطتنا لثالث أيام العيد.

وعلى رأس الشارع يقف شاب عُرف بين الأهالى باسم «بودا»، يبلغ من العمر 22 عامًا، فى يده فرد خرطوش، وبين طيات ملابسه سكين مسنون، يفتعل مشاجرة مع المارة، ويتوعد آخرين بالطعن والعاهات المستديمة.

نصحه أبنى بتجنب الشر، والحفاظ على حريته بعيدًا عن ظلمات السجن، فلم يقضِ وقتًا طويلًا على مفارقته لزنازينه، استشاط حامل الأسلحة النارية والبيضاء غضبًا، رافضًا النصيحة، مستنكرًا قول الشاب الصغير، «أنت مين عشان تقولى كده».

رأى الشاب المسلح أن يعاقب «عبدالرحمن» على جريمته التى لا يغفرها له «النصيحة»، أخرج فرد الخرطوش، صوّبه نحو رأسه، وبضغطه على الزناد لم تخرج طلقته كونه فارغًا، ألقى سلاحه النارى، وأخرج سكينة، ليضعها فى رقبة «حامل التسالى».

طعنة نافذة فى رقبة سائق التوك توك، أسقطته أرضًا، حاول مصارعة الموت، لكن تمكن منه فى النهاية، استسلم له، وفارق الحياة، ليُصد لقب شهيد الغدر فى الشرابية.

تتابع الأم المكلومة حديثها الحراق لقلبها، حسبما وصفت: «بأى ذنب قتل بودا أبنى»، حرمنى من عكازى، سندى، وحامى بناتى، لن يُشفى غليلى إلا بإعدام خصيمى.

وبجوار والدة المجنى عليه، يجلس زوجها، «أيمن زكى»، البالغ من العمر 53 عامًا، موظف بالتأمين الصحى، يستمع لحديث أم شهيده، وفاضت عيناه بالدمع كبدًا على فقد ولد، استجمع شتات نفسه وقال: احتسبته عند الله شهيدًا، ولن يرضى قلبى حتى يُنفذ القصاص فيه.

وأردف والد المجنى عليه، إن المتهم بخطف روح أبنى، هو مسجل خطر، صحيفته الجنائية تعج بالجرائم، وضيف دائم على السجن، فكونه طليقًا فى شوارع الشرابية، يمثل خطرًا على الأهالى.

وذكر «محمد زكى»، موظف بشركة مقاولات، 46 سنة، عم الضحية، أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المتهم، وطالب بالعدالة الناجزة، لعلها تريح قلوبنا.

وعن سيرة الضحية عبدالرحمن فى المنطقة، أوضح عمه، فهو طيب القلب، يتجنب خوض الشجار، مهتم بمن حوله، فقد راح ضحية لنصيحة قدمها لمجرم لم يتحملها.

تحرر محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، التى أمرت بانتداب الطب الشرعى لتشريح الجثمان، والتصريح بدفنه، وحبس المتهم على ذمة التحقيقات.