بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

دعاء الرياح والعواصف الترابية.. توسل إلى الله بلطفه ورحمته

بوابة الوفد الإلكترونية

مع تصاعد حدة الرياح وهبوب العواصف الترابية في عدد من محافظات الجمهورية، ورفع درجة الاستعداد القصوى من قِبل الأجهزة المحلية تحسبًا لأي طارئ، تزايد بحث المواطنين عن دعاء الرياح والعواصف الترابية الشديدة، لما فيه من طمأنينة للقلب، وتوسل إلى الله بلطفه ورحمته، اتباعًا لسنة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يدعو ربه عند هبوب الرياح ويتضرع إليه أن يجعلها خيرًا لا شر فيها.

أدعية نبوية عند هبوب الرياح

أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن من السنن النبوية المأثورة عند اشتداد الرياح ما رواه الإمام مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".

وتابعت دار الإفتاء أن هذا الدعاء يعكس فقه النبي صلى الله عليه وسلم في التوسل إلى الله بلطفه، وهو دعاء جامع يحث فيه النبي على طلب الخير في كل ما تحمله الرياح، والاستعاذة من شرورها.

كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه الإمام أحمد في مسنده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا".

أدعية مأثورة من الصحابة

وورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبَّت الرياح جثا على ركبتيه وقال:
"اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا".
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" والشافعي في مسنده، وأكد العلماء على أن المقصود بـ"الرياح" الرحمة، بينما "الريح" المفردة تأتي أحيانًا للعذاب، لذا حرص النبي على الدعاء بصيغة الجمع طلبًا للرحمة.

كما روي عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الرياح قال:
"اللهم لقحًا لا عقيمًا"، رواه ابن حبان وابن السني بإسناد صحيح، وصححه الألباني، ومعناه: ريحًا تحمل الماء كالإبل الحامل، لا ريحًا عقيمًا لا ماء فيها ولا نفع.

دعاء الرياح والغبار

في أوقات الرياح المحملة بالغبار والتي قد تعيق الحياة اليومية وتُشعر الناس بالضيق، يمكن أن يُردَّد هذا الدعاء:
"اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة، ويحبس الرزق، ويرد الدعاء. اللهم افتح لي أبواب رحمتك وارزقني من حيث لا أحتسب، اللهم نوّر لي دربي، واغفر لي ذنبي، وحقّق لي ما يكون خيرًا لي وما أتمناه."

كما ورد في بعض الأدعية النبوية قول:
"اللهم إنا نسألك من خيرِ هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أُمرت به."

النهي عن سبّ الرياح

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبّ الرياح، وأكد أنها مأمورة بأمر الله، تجري بقدر، وأن الإنسان لا يملك أن يُنزل بها اللعن أو السخط.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلًا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
"لا تلعنوا الريح؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئًا ليس له بأهل رجَعت اللعنة عليه".

وفي رواية الإمام الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تسبُّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمِرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمِرت به."

ذكر عند سماع الرعد

وكان من هدي عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال:"سبحان الذي يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" [الرعد: 13]، ثم يضيف:"إن هذا لوعيدٌ شديد لأهل الأرض"، رواه البخاري في الأدب المفرد ومالك في الموطأ، وصححه النووي في "الأذكار".

 

في هذه الأوقات التي يشتد فيها اضطراب الطقس وتزيد فيه مظاهر الخوف والاضطراب، يظل الدعاء هو الملجأ والملاذ الآمن، فعلّنا نحيي سنن نبينا الكريم، ونلجأ إلى الله بالدعاء الذي يشرح الصدور، ويطمئن القلوب، ويبعث الأمل بأن يكون ما نراه من ظواهر طبيعية، إنما هو لطف من الله ورحمة لا عذاب.