رسالة احتجاج من 1000 عسكري في سلاح الجو الإسرائيلي تهز المؤسسة العسكرية

أثارت رسالة علنية وقعها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي، ضجة واسعة في الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية، بعدما دعوا فيها إلى إعطاء الأولوية لإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، حتى وإن تطلّب الأمر وقف الحرب فورًا.
وكتب الجنود والضباط الموقعون على الرسالة، ومن بينهم عناصر في الاحتياط ومتقاعدون، بعضهم كشف عن هويته الكاملة وآخرون اكتفوا بالأحرف الأولى من أسمائهم: "نحن، مقاتلو الطاقم الجوي في الاحتياط والمتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين إلى ديارهم دون تأخير، حتى على حساب الوقف الفوري للأعمال العدائية"، في إشارة واضحة إلى ضرورة وقف الحرب الدائرة في غزة منذ أشهر.
اتهامات بتسييس الحرب وتحذير من مقتل الأسرى
وأكدت الرسالة أن "الحرب في هذه المرحلة تخدم بالأساس مصالح سياسية وشخصية، وليس مصالح أمنية"، معتبرة أن استمرار العمليات العسكرية لم يعد يحقق الأهداف التي أعلنت عنها الحكومة، بل يؤدي إلى نتائج عكسية، منها مقتل الأسرى والجنود والمدنيين الأبرياء، فضلًا عن استنزاف وحدات الاحتياط.
وحذّرت الرسالة من أن "كل يوم يمر دون اتفاق، يعرض حياة الأسرى للخطر"، مشددة على أن "الضغط العسكري لا يعيد المختطفين، بل غالبًا ما يؤدي إلى قتلهم". وأوضحت أن "التجارب السابقة تثبت أن الاتفاقات وحدها تعيدهم سالمين".
موقعون بارزون ورد عسكري صارم
ومن بين الموقعين البارزين على الرسالة، القائد الأسبق لأركان الجيش الفريق (احتياط) دان حلوتس، والقائد الأسبق لسلاح الجو اللواء (احتياط) نمرود شيفر، إلى جانب الرئيس الأسبق لسلطة الطيران المدني العقيد (متقاعد) نيري يركوني، والرئيس السابق لقسم الموارد البشرية في الجيش اللواء (متقاعد) غيل ريغيف. كما وقّع العميدين المتقاعدين ريليك شافير وأمير هاسكل، والعميد (متقاعد) عساف أغمون.
وبعد انتشار الرسالة، رد قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال تومر بار بصرامة، قائلًا: "أي جندي لن يسحب توقيعه على الرسالة سيتم فصله نهائيًا من الخدمة العسكرية"، معتبرًا التوقيع "خرقًا للثقة" بين القيادة والجنود.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن خمسة جنود فقط تراجعوا عن توقيعاتهم حتى الآن، رغم التهديدات المباشرة من القيادة العسكرية. كما أصدر رئيس الأركان إيال زامير، وقائد سلاح الجو، قرارًا بفصل جنود الاحتياط الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية وشاركوا في التوقيع.
الجيش يقلل من تأثير الرسالة ونتنياهو يهاجم الموقعين
من جهته، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر في الجيش الإسرائيلي تأكيدها أن "معظم الموقعين ليسوا في الخدمة الفعلية"، دون أن تفصح عن عددهم الدقيق.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاجم بشدة الرسالة والموقعين عليها، وكتب على منصة "إكس": "أؤيد تماما قرار وزير الدفاع ورئيس الأركان بإقالة موقّعي الرسالة. فالرفض للخدمة هو رفض حتى عندما يُقال بلغة مهذبة أو ضمنية".
واعتبر نتنياهو أن هذه التصريحات "تضعف الجيش وتُقوي أعداء إسرائيل في زمن الحرب"، واصفًا الموقعين بأنهم "مجموعة هامشية ومتطرفة تحاول مرة أخرى تفكيك المجتمع الإسرائيلي من الداخل". وأضاف: "لقد فعلوا ذلك قبل السابع من أكتوبر، وحماس فسّرت دعواتهم للرفض كعلامة على الضعف. هذه مجموعة صاخبة لا تمثل لا الجيش ولا الجمهور. جيش الدفاع الإسرائيلي يقاتل ونحن جميعًا خلفه".
وزير الدفاع يؤكد موقف الحكومة: لن نقبل التشكيك في شرعية الحرب
وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، انتقد بدوره الرسالة بشدة، وقال في بيان: "أرفض بشدة رسالة جنود الاحتياط في سلاح الجو، ومحاولة تقويض شرعية الحرب العادلة التي يقودها جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة من أجل إعادة الرهائن وهزيمة منظمة حماس الإرهابية القاتلة".
وأضاف: "أثق في حكم رئيس الأركان وقائد سلاح الجو، وأنا على يقين من أنهما سيتعاملان مع هذه الظاهرة غير المقبولة بالطريقة الأنسب".
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه إسرائيل جدلًا داخليًا متصاعدًا بشأن جدوى استمرار الحرب على غزة، مع تزايد الضغوط الشعبية والسياسية لإعادة الأسرى، وسط تحذيرات من تفكك وحدة الصف الداخلي الإسرائيلي في ظل استمرار النزاع.