بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«يا خبر»

إسرائيل هى من تخرق المعاهدات

حديث إسرائيل المغلوط مؤخرا عن خروقات مصرية لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979 ما هو إلا حزمة من الأكاذيب المقصودة, تطلقها منصات إسرائيلية فى توقيت بعينه لتحقيق أهداف سياسية لنتنياهو وحكومته فى ظل أزمتها الكبيرة, فمن جانب تستهدف هذه المزاعم إشغال الداخل الإسرائيلى عن المشاكل والانقسامات الداخلية وخسائر الحرب فى غزة وعدم عودة باقى الرهائن, ومن جانب آخر تبرير الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حماس فى 19 يناير 2025 وعدم استكمال مرحلته الثانية والتى تتضمن تنفيذ الانسحاب من محور فيلادلفيا الذى يقع ضمن بنود معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل والذى بتواجد إسرائيل فيه تكون قد قامت بخرق صريح لبنود المعاهدة.

المزاعم الإسرائيلية الكاذبة ليست الأولى من نوعها على مدار الأشهر القليلة الماضية، فمثلاً فى يناير الماضى زعمت «القناة 14» الإسرائيلية، انتهاك مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل بأنشطة لوجيستية فى وسط سيناء، وبالتزامن تحدثت صحيفة «يسرائيل هيوم» - التى قادت المزاعم الأخيرة - عن ضرورة وجود بلادها فى «محور فيلادلفيا» لدعم أمنها، ومن فرط التبجح أن يتحدث أوفير جندلمان، متحدث نتنياهو، وقتها بأن وجود إسرائيل فى محور فلادلفيا لا يخالف على الإطلاق معاهدة السلام المبرمة بين الجانبين!!, فى حين تعلق إسرائيل على أن مصر تقوم بتدشين بنية تحتية وتشق طرقًا وتبنى مطارات وموانى فى سيناء التى هى أرض مصرية توليها الدولة النصيب الأكبر من خطة التنمية وكأن إسرائيل لا تريدنا أن ننمى سيناء!!, وهو ذات التبجح الذى تحدث به دانى دانون مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة عندما تسآل: لماذا تسلح مصر جيشها بكل هذا العتاد العسكرى القوى والصخم رغم عدم وجود أى تهديد لها, والرد القاطع عليه هو وما شأنك؟

إسرائيل تصدع العالم بالحديث عن أمنها القومى وتستكثر على مصر أن تأمن حدودها وتستعد لأى سيناريو من الممكن أن يشكل خطرا على أمنها القومى فى ظل الظروف الحالية وما تقوم به إسرائيل الآن فى قطاع غزة. 

المزاعم الإسرائيلية المتكررة فى هذا الشأن يمكن تفسيرها بأنها محاولة للضغط على مصر للتأثير على موقفها الصلب الرافض للمخططات الإسرائيلية فى غزة وعلى رأسها مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم, وردا على الخطة المصرية لإعادة الإعمار التى تنسف مخطط التهجير, وكذلك يمكن اعتبارها انزعاج إسرائيلى من المساعى المصرية لنصرة القضية الفلسطينية وجعل الحل السياسى بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيه 1967 هو الأساس وهو ما ترفضه إسرائيل وتعرقل أى جهود تجاهه. 

الملحق الأمنى لاتفاقية السلام مع إسرائيل يتضمن تحديد عدد القوات التى على الجانبين وبرقابة دولية من قوات أممية, وعندما كانت الظروف فى مصر تستدعى مثلا زيادة عدد القوات عندما كانت مصر تواجه الإرهاب فى سيناء كان يتم التنسيق مع الجانب الإسرائيلى على ذلك وبموافقته, وفقا للمعاهدة, وأى مزاعم عن خروقات، ببساطة شديدة يمكن رصدها لأن هناك لجنة أمنية أممية تراقب التنفيذ والأخيرة لم ترصد أى خروقات.

الحقيقة أن مصر لم تخرق المعاهدة، وإسرائيل هى من فعلت ذلك باحتلالها «محور فيلادلفيا» والجانب الفلسطينى من معبر رفح فى 7 مايو 2024 وسجل إسرائيل حافل بانتهاك الاتفاقيات عبر السنين, فمنذ عام 1948 وبعدما أنهت الهدن المبرمة بين الدول العربية وإسرائيل، برعاية الأمم المتحدة، القتالَ الدائر بينهم شاركت إسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر مع فرنسا، وبريطانيا، ثم شنت حربًا شاملة على مصر وسوريا، والضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وجعلت حدودها الأولية هى آخر ما وصلت إليه قواتها العسكرية أى 77% من مساحة فلسطين التاريخية، وليس ما تضمنه قرار التقسيم عام 1948 أى 55%، وفى عام 1967 احتلت ما تبقى من فلسطين: الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس.

فيما يخص الهدنة مع لبنان، لم تحترم إسرائيل أى معاهدات، وارتكبت مجزرة الحولة, وفى عام 1967 ألغت الهدنة من طرف واحد، واحتلت جزءًا من أراضيه، ثم واصلت انتهاكها إلى أن احتلت جزءًا آخر منه عام 1978, وانتهى الأمر بنشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) التى دعت إلى انسحاب إسرائيل، وقبل يومين خرقت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الموقع فى نوفمبر 2024 بشنها غارة على ضاحية لبنان الجنوبية, وفى سورية أنهت إسرائيل من طرف واحد اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع سورية عام 1974 فى جنيف برعاية الأمم المتحدة. 

وفقا لاتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيل الموقعة عام 1993 كان من المنتظر خلال 5 سنوات أن تتم مناقشة قضايا الحل النهائى كالاستيطان، والقدس، والأمن والحدود، واللاجئين تمهيدًا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكن إسرائيل تنصلت وأستولت على أراضٍ واسعة من الضفة والقدس، كما فرضت حصارًا قاسيًا على قطاع غزة ليصعُب إقامة دولة فلسطينية. 

خلال سنوات (2008، 2012، 2014، و2021 و2023)، شنت إسرائيل ولا تزال عدوانا على قطاع غزة وأسهل شيء عندها خرق المعاهدات.