بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

يوم‭ ‬الجائزة

كيe نعيش فرحة العيد دون أن نفقد روح العبادة؟

بوابة الوفد الإلكترونية

فى شوارع مصر، يتكرر المشهد كل عام دون أن يفقد بريقه؛ أطفال بملابس العيد يمرحون بسعادة، ورائحة الكعك تمتزج بنسمات الليل الأخيرة من رمضان، هناك فى المساجد والشرفات، تتردد التكبيرات، بينما يسارع البعض لإخراج زكاة الفطر، لحظةٌ تتداخل فيها مشاعر الحنين للروحانيات والشوق ليوم الجائزة، حيث يكافأ الصائمون بعد شهرٍ من الصبر والطاعة.
لكن، لماذا يُسمى عيد الفطر بـ∩يوم الجائزة∪؟ وكيف يعيش الناس هذه الفرحة بين العبادة والعادات؟ والأهم، ماذا بعد رمضان؟
ثلاث رسائل من الملائكة
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن عيد الفطر يُعرف فى السماء بـ∩يوم الجائزة∪، يفرح فيه الصائمون بقبول الله لطاعاتهم ومغفرته لذنوبهم، بعد شهرٍ من الصيام والعبادة، مستشهداً بما ورد فى الحديث أن الملائكة تقف على أبواب الطرق صباح العيد، تنادى المسلمين: ∩اغدوا إلى رب رحيم يمنّ بالخير، ويثيب عليه الجزيل، أمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم∪، ثم يُبشَّر العابدون بعد صلاة العيد: ∩ارجعوا إلى منازلكم راشدين، قد غفرت ذنوبكم كلها∪.
وأوضح جمعة أن الملائكة فى هذا الحديث الشريف تُنادى المصلين بعد صلاة العيد بثلاث رسائل: بشرى بالمغفرة، ودعوة للعودة إلى الحياة برشد وصواب، وإعلان هذا اليوم يوماً للفرح والسرور.
وفى نفس السياق قال الشيخ رمضان عبدالرازق عضو اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، إنه بعد انتهاء رمضان، يبدأ الشيطان فى الإفلات ومحاولاته لإغواء الإنسان، لذا علينا أن ننتبه ونستعين بالله، لأن يوم عيد الفطر، هو يوم الجائزة، ويوم الفرح والبهجة.
وأضاف عبدالرازق أنه قد ورد فى الأحاديث النبوية أن عند خروج المسلمين إلى المساجد لصلاة العيد، تناديهم الملائكة: ∩يا أمة محمد، اخرجوا إلى رب كريم يغفر الذنب العظيم∪، وعندما يجتمع الناس للصلاة، ينادى الله عز وجل ملائكته: ∩ما جزاء الأجير إذا أتم عمله؟∪، فتجيب الملائكة: ∩إلهنا، أن توفيه أجره∪. فيقول الله: ∩أشهدكم أنى قد غفرت لهم ورضيت عنهم∪.
الست من شوال.. علامة المحبة والوصال
وتابع ∩عبدالرازق∪ أنه بعد انتهاء عيد الفطر، يُستحب صيام ستة أيام من شوال، كما ورد فى الحديث الشريف: ∩من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال، فكأنما صام الدهر كله∪ (رواه مسلم)، فمن صام رمضان كتب له أجر صيام عشرة أشهر، ومع صيام ستة من شوال يُكمل أجر صيام السنة كاملة. وشدد ∩عبدالرازق∪ على أنه يُحرم صيام يوم عيد الفطر، فهو يوم فرح واحتفال شرعه الله لعباده، لكن يمكن بدء صيام الست من شوال من اليوم التالى مباشرة، مما يسهل على النفس الاستمرار فى الطاعة بعد رمضان.
وأشار ∩عبدالرازق∪ أن إتباع رمضان بصيام ست من شوال هو إعلان محبة لله، فهو دليل على أن العبد لم يكن يصوم فقط لأنه فرض عليه، بل لأنه يحب هذه العبادة ويريد التقرب إلى الله بها، فصيام شوال تعبير عن الشوق للطاعة، وطلبٌ لمزيد من القرب من الله بعد انتهاء شهر الرحمة والمغفرة.
علامات القبول وفتور العبادة
يشير الشيخ رمضان عبدالرازق إلى أنه مع انتهاء شهر رمضان يشعر المسلمون بالحزن على فراقه، لأننا نذوق فى رمضان لذة العبادة والقرب، وكان الصحابة يدعون الله بعد رمضان أن يتقبل منهم، ومن علامات القبول أن يستمر الإنسان فى الطاعة بعد رمضان، فمن وُفّق فى الصيام والقيام والتقرب إلى الله، عليه ألا يعود إلى الذنوب التى تركها، بل يواصل طريق الخير، فقبول الطاعة لا يعنى نهايتها، بل استمرارها بعد انتهاء الشهر الكريم.
وبما أن علامة القبول الاستمرار فى العبادة، قد يشك البعض فى عدم قبول إذا أصابه بعض الفتور بعد رمضان، وهنا يوضح الداعية الإسلامى أمير منير أن الشعور بالفتور بعد شهر رمضان أمر طبيعى، لكنه ليس دليلاً على الفشل أو التراجع، بل مجرد ∩عقبة صغيرة على الطريق.
ويضيف: ∩أن الأمر أشبه بعجلة تعطلت فى منتصف الطريق، لكنها لا تمنعك من الوصول إلى وجهتك، المهم أن تعود وتستكمل الطريق، ولا تستسلم لإحباط الشيطان الذى يحاول إقناعك بأنك لا تستحق العبادة والطاعة∪.
وينصح منير بضرورة تحديد العبادات التى يمكن الحفاظ عليها بعد رمضان ولو بقدر بسيط، مؤكداً أن الاستمرارية هى الأهم، ∩قد لا تستطيع ختم القرآن كما كنت تفعل فى رمضان، لكن يمكنك قراءة صفحة يومياً، قد لا تتمكن من قيام الليل بـ11 ركعة، لكن ركعتين تكفيان، أما عن الصيام يمكن محاول المداومة على ثلاثة أيام من كل شهر، كما كان يفعل النبى صلى الله عليه وسلم.
ويختم الشيخ أمير منير حديثه أن الفكرة هى البناء على ما كنت تفعله، ولو بشكل تدريجى، لأن أحب الأعمال إلى الله أدومها، وأن التوبة من الذنوب لا تعنى عدم السقوط مجدداً، بل تعنى الاستمرار فى العودة إلى الله دون يأس، فإذا وقعتَ فى الذنب مرة أخرى، فتب مرة أخرى، ولو تكرر الأمر ألف مرة، فلتتب ألف مرة، المهم ألا تستسلم.