بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خارج المقصورة

لعبة خادعة



فى عصر الذكاء الاصطناعى، أصبحت الفرص غير المحدودة متاحة للجميع، حتى فى عالم الاحتيال وتحقيق المكاسب غير المشروعة. لم يعد الخداع يقتصر على الطرق التقليدية، بل تطور ليشمل أساليب مبتكرة تستغل الثقة والطموح. تارة يظهر فى هيئة «المستريحين»، وتارة أخرى يتجلى فى استثمارات وهمية بوعدٍ بأرباح خيالية. أما فى أسواق البورصة، فقد بلغ المحتالون مرحلة متقدمة من التلاعب، حيث يوهمون المستثمرين بعوائد ضخمة، لا تمت للواقع بصلة، فى لعبة خادعة لا يدرك ضحاياها حقيقتها إلا بعد فوات الأوان.
عمليات استدراج الضحايا فى البورصة أصبحت أكثر دهاءً وإثارة للرعب، بأساليب غير متوقعة تتجاوز حدود الخيال.. فى الماضي، كان الاحتيال فى سوق الأسهم يتم بأساليب بدائية نسبيًا، مثل إرسال فاكس رسمى إلى البورصة يحمل شعار الشركة واسم مدير علاقات المستثمرين، مدّعياً تلقى الشركة عرض استحواذ من كيان مرموق.
قبل انتشار منصات التواصل الاجتماعي، كانت هذه الأخبار تنتقل بين المستثمرين عبر المكالمات الهاتفية، ما يؤدى إلى ارتفاع مفاجئ فى سعر السهم المستهدف، فينجرف خلفه صغار المستثمرين الطامحين لتحقيق ثروات سريعة، ليجدوا أنفسهم فى النهاية ضحايا خدعة محكمة.. لكن مع تشديد الجهات الرقابية وملاحقة المحتالين قانونيًا، تراجعت هذه الحيلة. غير أن لعبة الاحتيال لم تنتهِ، بل عادت بحلة جديدة أكثر تطورًا وتأثيرًا على حركة الأسهم، مستفيدة من أدوات العصر الرقمى وأساليبه المتجددة فى الإيقاع بالمستثمرين.
قبل أيام، استيقظ سوق المال على موجة من الإفصاحات المتعلقة بعروض شراء واستحواذ على أسهم شركات مدرجة فى البورصة، لكن سرعان ما تبيّن أن بعضها مجرد خدعة محكمة. كان من بين هذه الإفصاحات الوهمية ما نُسب إلى شركة القاهرة للزيوت، التى نفت تمامًا علاقتها به، مؤكدة عدم وجود أى عروض استحواذ، وكأنها تصف الأمر بأنه «وهم وسراب».. لم يكن الحال مختلفًا مع شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (راميدا)، التى سارعت هى الأخرى إلى نفى الأمر جملة وتفصيلًا.
رغم أن هذه الإفصاحات لم تكن سوى فقاعات كاذبة، فإنها نجحت فى التأثير على حركة الأسهم، حيث ارتفعت قيمتها بشكل مفاجئ، ليقع العديد من المستثمرين فى الفخ، ويتكبدوا خسائر فادحة.
منصات التواصل الاجتماعى لم تبقَ صامتة، بل تفاعلت بغضب مع هذه الموجة من التضليل، ووصفتها بأنها «لعب بلا ضمير»، فى ظل غياب رقابى صارم. وطالبت الجهات المعنية باتخاذ إجراءات رادعة وتشديد العقوبات على المتلاعبين، حفاظًا على نزاهة السوق وحقوق المستثمرين.
< يا سادة.. لم يعد هناك خيار أمام الجهات الرقابية سوى وضع حدٍّ لهذه المهازل عبر اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا وردعًا، من خلال تشريعات جديدة صارمة تعاقب كل من يعبث باستقرار البورصة. فالعقوبات والغرامات التقليدية لم تعد كافية اليوم، فى ظل تطور أساليب الاحتيال والتلاعب.. لا بد من مواجهة هذه الظواهر بحزم يضمن حماية المستثمرين ويحافظ على نزاهة السوق وشفافيته.