الإمام الطيب ومشيخة الأزهر
خمسة عشر عاما فى مشيخة الأزهر حلّق فيها إمامنا الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بأزهرنا الشريف عاليا فى سماء المجد.
فمتى ذُكرت أرض الكنانة ذُكر أزهرنا الشريف، ومتى ذُكر الأزهر ذُكرت مصرنا العزيزة، فقد ارتبطت به وارتبط بها ارتباطًا وثيقا فى حمل مشعل ولواء الوسطية والتسامح الدينى، وصار لعمامة الأزهر دلالتها ولعلماء الأزهر مكانتهم أينما ارتحلوا أو حلوا، عُرفوا بالوسطية وعُرفت بهم.
لقد ظل أزهرنا الشريف على مدار ما يزيد على ألف عام يحمل لواء الدين واللغة العربية، وظل قامة عظيمة سامقة شامخة، عم أثره وصداه ربوع الدنيا وما فيها، وله من اسمه نصيب، فالأزهر يعنى الأبيض النقى، فلم يحد الأزهر يوما عن طريق الوسطية وحمل لواء التسامح، وظل ينشر علوم الدين واللغة فى الآفاق من خلال علمائه ومبعوثيه الذين عرف العالم كله لهم مكانهم وحفظ لهم مكانتهم وتلقى علومهم بالقبول، وما فتئ المسلمون من ربوع الدنيا يرسلون إليه فلذات أكبادهم لينهلوا من معينه الصافى فتعلم به مئات الآلاف من ربوع الدنيا وما زالوا يقصدونه ويتوافدون عليه على اختلاف أعمارهم طالبين بعشق علومه والتلمذة على يدى علمائه، وهو قائم بذلك عبر تاريخه خير قيام.
ولو لم يكن للأزهر عبر تاريخه العظيم سوى أنه حفظ للأمة علومها وحافظ على لغة القرآن الكريم ما يزيد على ألف عام ولا يزال يحمل اللواء فى ذلك عاليا خفاقا لكفاه وكفى مصر وأهلها فخرا.
وظل الأزهر يؤدى دوره ورسالته حتى جاء أستاذنا الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وكما أن للأزهر من اسمه نصيب فلإمامه شيخنا وأستاذنا الأستاذ الدكتور أحمد الطيب من اسمه نصيب عظيم، فما عرفناه إلا عالما راسخا ووالدا حانيا للجميع صادقا صدوقا طيب الأصل والنفس والقلب.. فزاد الأزهر فى عهده بفضل الله تعالى أَلَقًا، وازداد إقبال الدارسين والباحثين عليه وعلى علومه من داخل مصر وخارجها.
خمسة عشر عاما فى مشيخة الأزهر حلّق فيها إمامنا الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بأزهرنا الشريف عاليا فى سماء المجد وأعاد للأزهر مكانه ومكانته على المستويين الوطنى والدولى، فاتسع نطاق معاهده وكلياته برعاية ودعم كبير من الدولة المصرية التى عرفت للأزهر مكانه ومكانته، فدعمت جهود إمامه الأكبر الإصلاحية والعلمية فى مختلف جوانبهما، فطور الأزهر مناهجه وبنيته التعليمية، وأسهم بجهد ودور لا ينكر فى المجال الوطنى والمجتمعى سواء من خلال بيت العائلة المصرية الذى رسخ بالتعاون مع الكنيسة المصرية وبدعم كبير من القيادة السياسية الحكيمة نموذجا عظيما للتسامح الدينى والعيش الوطنى المشترك، بل قل الفهم الصحيح للأديان ومشتركاتها الإنسانية وإعلائها للقيم الإنسانية وصوت الحكمة والعقل.. وتجاوز الأمر ذلك إلى المحيط العالمى من خلال وثيقة الأخوة الإنسانية التى وقعها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان فكانت نموذجا لترسيخ ثقافة العيش الإنسانى المشترك على المستوى الدولى.
وجاء إنشاء بيت الزكاة والصدقات المصرى ليكون بمثابة جناح اجتماعى للأزهر الشريف ليؤدى دوره فى ضوء توجه الدولة المصرية واهتمامها البالغ ببرامج الحماية الاجتماعية.. وليمثل نموذجا عظيما فى العمل المجتمعى، ولم يقف دوره عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى مساعدة المنكوبين حيث كانوا وشكلت قوافله إلى أهل غزة رافدا عظيما من روافد الدولة المصرية فى مساعدة أهل غزة.
الأزهر الشريف جزء من كيان الدولة المصرية وتاريخها العظيم المشرف وسيظل بفضل الله تعالى حصنا منيعا لعلوم الدين واللغة وحمل لواء التسامح والوسطية، بلا إفراط أو تفريط، يذود عن ديننا الحنيف وينفى عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وتنطع المتكلفين.
فمصر محفوظة بحفظ الله لها وبما منّ عليها به من أجناد هم خير أجناد الأرض، فهم وذووهم فى رباط إلى يوم القيامة، فإذا كان أبناء مصر الأوفياء من رجال قواتنا المسلحة الباسلة فى رباط إلى يوم الدين، ورجال شرطتنا البواسل ساهرون معهم على أمن الوطن وأمانه، فإن أزهرنا الشريف بأبنائه الأوفياء لدينهم ووطنهم وأزهرهم مرابطون على أمنه الفكرى وصد أباطيل أهل الشر إفراطا أو تفريطا غلوا أو تقصيرا، فكلا طرفى النقيض ذميمان، حفظ الله مصر.. حفظ الله الأزهر، حفظ الله إمامنا الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وبارك فى عمره وحياته ونفع به الإسلام والمسلمين والوطن.
الأستاذ بجامعة الأزهر