بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مسار مهم لترسيخ السعادة

قبل أيام قليلة أصدر مركز أبحاث الرفاهية فى جامعة أكسفورد تقريره السنوى عن السعادة فى العالم لعام 2025، وقد تصدرته للعام الثامن على التوالى دولة فنلندا. ويعتمد التقرير على استطلاعات رأى لعينات مختلفة من شعوب نحو 140 دولة على مستوى العالم، يجريها فريق الجامعة على مدار العام.

ووفقاً للتقرير، فقد جاءت فى المراكز التالية لفنلندا كل من الدنمارك، وأيسلندا، والسويد. وعربياً فقد جاءت الإمارات فى المركز الـ21، والكويت فى المركز الـ30، والمملكة العربية السعودية فى المركز 32، وعمان فى المركز 52، بينما جاءت مصر فى المركز الـ130.

أما أتعس دول العالم فكانت أفغانستان نظراً لما تعانيه من انغلاق وصراعات وحروب وعنف، بينما اعتبرت لبنان أكثر الدول العربية تعاسة بناء على شعور الناس هناك بعدم الاستقرار الاقتصادى والمعيشى، وتدهور الخدمات الأساسية.

ولا شك أن الشعور بالسعادة نسبى ومختلف من بلد إلى آخر ومن شعب إلى غيره، فهناك شعوب تربط سعادتها بالقدرة على تلبية احتياجاتها، وبتكوين الثروات والعيش فى رفاهية، وهناك شعوب أخرى يرتبط فيها مفهوم السعادة بمدى تحقيقها لمنجزات علمية وفكرية عظيمة.

وفى ثقافات بعينها يرتبط مفهوم السعادة بشكل كبير بالقدرة على إسعاد ونفع الآخرين، لذا فإن دولاً مثل كوستاريكا، وكندا، والمكسيك تسبق فى تقرير السعادة دولاً أخرى متقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وفى هذا العام تحديداً تراجعت أمريكا على وجه الخصوص فى المؤشر نتيجة تنامى الشعور بالفردية، إذ تشير الأبحاث إلى أن نسبة من باتوا يتناولون الطعام بمفردهم ارتفعت بشكل كبير، وهو ما يعكس خللاً مجتمعياً واضحاً.

وحسبى أن أطالع تقريراً آخر نشرته مؤسسة جالوب للأبحاث يشير إلى ارتباط فهوم السعادة بشكل كبير فى مدى قدرة الحكومات على الاستثمار فى البشر أنفسهم، تحفيزاً، وتشجيعاً وتنمية لمهاراتهم وقدراتهم فى مختلف المجالات.

إن هناك مشروعات جديدة على أرض الواقع من بنى تحتية وخطوط نقل وطرق ومنشآت تستحق فخر الشعوب بحكوماتها، إلا أن مشروعات تنمية الإنسان هى الأكثر تاثيرًا لأنها تُطور الإنسان ذاته، أفكاره، مهاراته، سلوكياته، وقدرته على التميز والتفوق.

وهذا ما يدعونا إلى دعوة حكومتنا إلى التفكير بعمق فى سبل تحقيق آمال الناس فى حياة كريمة، مستقرة، مُرضية، يتمتع فيها الإنسان بشىء من الرضا. وسبق أن قلت من قبل إن تركيز الاهتمام بقطاعى التعليم والصحة يُمكن أن يكون نقطة انطلاق لتنمية مستدامة تشعر بها الأجيال القادمة، وتجعل المواطن العادى يشعر بجدوى التنمية وآثار الإصلاحات.

لقد ضرب الشعب المصرى أروع الأمثلة فى تحمل الشدائد والصعاب، وتمكن بفضل سمات الصبر والرضا والتكيف مع المحن التى حازها عبر الأزمنة، أن ينجو من أزمات خانقة كانت، أملاً فى غدٍ أطيب ومستقبل أكثر إشراقاً.

وهذا الشعب يستحق بلا شك واقعاً أفضل وحياة أكثر سعادة ورضا. ولا شك أن الاستثمار فى البشر هو مفتاح السعادة، للأجيال القادمة.

وسلامٌ على الأمة المصرية