خط أحمر
ملخص الموضوع
استيقظ الإسرائيليون فى مدينة حيفا هذا الأسبوع على رجل ينزل من سيارته، ثم يفتح النار فيقتل شخصًا ويصيب آخر قيل إنه فى حالة حرجة.
الحادث ليس الأول من نوعه فى إسرائيل أو فى العالم عمومًا، فلا يمر وقت طويل إلا ونجد أنفسنا أمام شخص يطلق النار عشوائيًا، أو يستقل حافلة ثم يدوس بها المتواجدين فى المكان.
وفى كل مرة لم يكن الفاعل مجنونًا، ولكنه كان ينتقم لشيء ما يجد أنه يستحق الانتقام من جانبه، وبصرف النظر طبعًا عما إذا كان انتقامه فى مكانه، أو كان ما يفعله أو يرتكبه صوابًا لا يجب أن يؤاخذ عليه.. فالقاسم المشترك الأعظم فى كل الحالات كان هو إحساس مرتكب مثل هذه الأعمال التى تصيب أبرياء بأنه يعيش فى عالم بلا ضمير إنسانى.
أقصد أن العالم وهو يشاهد ويتابع المقتلة التى يتعرض لها الفلسطينيون فى قطاع غزة، لا يبادر إلى فعل ما يجب أن يفعله، ولا يحركه فى شيء أن هؤلاء الذين يقتلهم الإسرائيليون بالجملة هُم بشر فى النهاية.. هذا إذا نحينا جانبًا أنهم فلسطينيون، وأنهم أصحاب أرض محتلة، وأنهم يقعون تحت ظلم لا حد له ولا سقف.
هذا كله لا بد أن يكون له صداه لدى أصحاب ضمير يرون ما يجرى، ثم يشعرون بأنهم مدعوون إلى أن يتحلوا بالحد الأدنى من الإحساس الإنسانى الذى لا يفرق بين شخص وشخص على أى أساس، وإنما يكفيه أن يكون هذا الشخص إنسانًا من بنى آدم.
لقد تبين أن مرتكب الحادث فى حيفا من فلسطينيى الداخل فى إسرائيل، وأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية.. أى أنه من الفلسطينيين الذين فضلوا البقاء فى الأراضى المحتلة فى مرحلة ما بعد النكبة عام ١٩٤٨، فعاشوا يعملون داخل الدولة العبرية، ويحملون جنسيتها، ولا يجدون بديلًا عن ذلك أمامهم فى الأفق المفتوح.
ماذا يعنى هذا؟ يعنى أن ما لا تتحسب له إسرائيل أن ما تواصل على ارتكابه فى غزة سوف لا يمر كما قد تتصور حكومة التطرف فيها.. فمثل هذا الفلسطينى الذى ارتكب ما ارتكب فى حيفا مجرد مثال.. وسوف تكتشف إسرائيل أنها أورثت التوحش الذى ترتكبه لجيل كامل، بل لأجيال من الفلسطينيين، وأن ما تمارسه مدفوع الثمن على المدى الطويل. ولا شيء يراهن عليه أحد وسط هذه الأجواء البائسة، إلا أن يتمكن الإسرائيليون من طرد هذه الحكومة من مقاعد الحكم بأى طريقة. وكانت صحيفة ديلى تلجراف البريطانية قد لخصت الموضوع فقالت إن مواصلة الحرب هى الخيار الوحيد أمام نتنياهو للبقاء خارج السجن!