25 رمضان.. ليلة القدر وعلاماتها وأسرارها العظيمة
نترقب مساء كل يوم بعد غروب الشمس حيث ليالي العشر الأواخر من رمضان، حيث نسعى لاستغلالها بالعبادة والتقرب إلى الله، إذ قد تكون ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وخاصة الليالي الوترية، واليوم الليلة الوترية الثالثة حيث ليلة الخامس والعشرون من رمضان 1446هـ.
فضل ليلة القدر
منح الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام ليلةً عظيمةً ذات فضلٍ كبير، حيث قال في محكم تنزيله:
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (سورة القدر: 1-5).
وشدد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على تحري ليلة القدر والاجتهاد في العبادة خلالها، حيث جاء في الحديث الشريف:
"مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (متفق عليه).
معجزات ليلة القدر
ليلة القدر تحمل فضائل عظيمة، منها:
غفران الذنوب: فمن قامها إيمانًا واحتسابًا نال مغفرةً لما تقدم من ذنوبه، وفقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
نزول القرآن الكريم: فقد أنزل الله فيها القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾.
تقدير الأمور للعام المقبل: في هذه الليلة، يُفرق كل أمر حكيم، وتُكتب فيها مقادير العباد.
نزول الملائكة: تملأ الملائكة الأرض في هذه الليلة، وتحف المؤمنين بالسكينة والرحمة.
كونها ليلة سلام: فهي ليلة خالية من الشرور، يعمّها السلام والطمأنينة حتى طلوع الفجر.
علامات ليلة القدر
بحسب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ليلة القدر تتميز بعلامات معينة، منها:
الجو يكون معتدلًا، لا حارًا ولا باردًا، كما قال النبي:
"ليلة القدر ليلة سمحة، طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء".
عدم وجود شعاع قوي للشمس في صباحها، وذلك بسبب نزول الملائكة التي تحجب أشعتها.
لماذا أُخفيت ليلة القدر؟
أخفى الله سبحانه وتعالى موعد ليلة القدر لحكمة عظيمة، وهي حث المسلمين على الاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر، لا في ليلة واحدة فقط. فقد أراد الله أن يُقبل المسلمون عليه في جميع هذه الليالي، بدلًا من الاقتصار على ليلة بعينها.
أفضل دعاء في ليلة القدر
ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟"
فقال صلى الله عليه وسلم: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
كذلك ورد في السنة النبوية دعاء شامل جامع، نصه:
"اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، وأعوذُ بِكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ من خيرِ ما سألَكَ عبدُكَ ونبيُّكَ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عاذَ بِهِ عبدُكَ ونبيُّكَ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا".
كيف نحيي ليلة القدر؟
لإحياء ليلة القدر، يُستحب للمسلم القيام بعدة أعمال، منها:
الصلاة والقيام: حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحيي هذه الليالي بالصلاة والتعبد.
قراءة القرآن: فالقرآن نزل في ليلة القدر، لذا من المستحب الإكثار من تلاوته.
الإكثار من الذكر والاستغفار: من أفضل العبادات التي يُمكن للمسلم القيام بها في هذه الليلة المباركة.
الدعاء بإخلاص: حيث إن الدعاء في هذه الليلة مستجاب.
الصدقة: فهي من الأعمال الصالحة التي تُضاعف الأجر في هذه الليلة المباركة.
ليلة القدر.. فرصة لا تعوض
ليلة القدر ليست مجرد ليلة عادية، بل هي ليلة مباركة تفوق في فضلها عبادة 83 سنة، إنها فرصةٌ عظيمة لمن يرغب في القرب من الله، والتكفير عن الذنوب، وطلب المغفرة والرحمة. فلنحرص على استغلالها بأفضل صورة ممكنة، سائلين الله أن يبلغنا إياها، ويكتب لنا فيها الخير والقبول.
