بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

سمة وعنوان للأمة الإسلامية

الوســـــطية.. منهـــــج حيـــــاة وتوازن ربــــانى

بوابة الوفد الإلكترونية

‭ ‬جعل الله عز وجل الوسطية سمة وعنواناً للأمة الإسلامية، وما نالت الأمة هذا الوصف إلا من خلال تمسكها بالدين القيم الذى أنعم الله به عليها، فقال تعالى: ∩اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً∪ (المائدة: 3)، فالوسطية فى الإسلام ليست مبدأ عابراً، بل هى جوهر أصيل فى كل ما جاء به هذا الدين العظيم، فى العقيدة، والعبادة، والسلوك، والمعاملات. 
قال الشيخ ثروت عبداللطيف سرحان، عضو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، إن الأمة الإسلامية امتازت بكونها أم وسطاً، وقد منحها الله تعالى هذا الوصف الربانى، وخصها به تكريماً وتشريفاً، حيث يقول سبحانه: ∩وكذلك جعلناكم أم وسطاً∪ (البقرة: 143)، وتعد ∩الوسطية∪ من أبرز خصائص هذه الأمة، فهى وسطية فى شريعتها، ووسطية فى عقيدتها، ووسطية فى عبادتها. 


وأضاف ∩سرحان∪ أنه فى الاصطلاح، تعنى الوسطية التوسط بين طرفين، والاعتدال بين الإفراط والتفريط، والتوازن بين النقيضين، موضحاً أنه لما كان الإنسان مكوناً من عقل وجسد وروح، جاءت الشريعة الإسلامية لتحقق التوازن والتوسط بين هذه الأبعاد الثلاثة، فأنقذت الإنسان من الغلو فى استخدام العقل دون ضوابط، وجاء الوحى ليضىء له ما غاب عنه، كما أنقذته من الانغماس فى شهوات الجسد، ونظمت له أعمال الجوارح، وسمت بروحه، فطهرتها وزكتها. 
وتابع: إذا استطاع الإنسان أن يحقق هذا التوازن بين العقل والجسد والروح، أصبح إنساناً وسطياً متكاملاً، ولا يتحقق هذا التوازن إلا من خلال الشريعة الإسلامية، التى جاءت بمنهج متكامل فى كل جانب من جوانب الحياة، ومن هذه الشريعة المتوازنة استحقت الأمة الإسلامية وصف ∩أمة الوسط∪، وهى المعانى التى يمكن استخلاصها من حديث النبى صلى الله وعليه وسلم مع أمين الوحى جبريل عليه السلام، كما فى الحديث المشهور الذى رواه سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، عندما سأله جبريل عن الإيمان والإسلام والإحسان. 


من جانبه قال الدكتور عبدالحليم إبراهيم كرسون، إن الله تعالى جعل الوسطية سمة وعنواناً لهذه الأمة، وما نالت الأمة المحمدية هذا الوصف إلا من خلال تمسكها بالدين القيم الذى أنعم الله به عليها، فقال تعالى: ∩اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينًا∪ ∩المائدة: 3∪، وبهذه الوسطية استحقت الأمة أيضاً الخيرية، كما قال تعالى: ∩كنتم خير أمة أخرجت للناس∪ ∩آل عمران: 110∪. 
وأوضح ∩كرسون∪ أنه تتجلى الوسطية فى أحكام الشريعة وتوجيهاتها، ومن أبرز مظاهرها التوازن بين أفراد المجتمع، فالشريعة لم تسلب الأغنياء أموالهم، بل أقرت بحق الملكية الفردية، وفى الوقت نفسه لم تهمل الفقراء، بل فرضت الزكاة بمقدار معلوم، يؤخذ من غنيهم ويرد على فقيرهم، محققة بذلك التكافل الاجتماعى، والعدالة، والاعتدال فى توزيع الثروات، إنه منهج وسطى يحقق السلم المجتمعى، ويخلص الناس من مشاعر الحقد والكراهية والبغضاء، موضحاً أن من مظاهر الوسطية ما ورد فى وصف عباد الرحمن، فى قوله تعالى: ∩والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا∪ ∩الفرقان: 67∪، أليس هذا أبلغ تعبير عن الوسطية فى أسمى معانيها؟. 

التحذير من الغلو
وتابع: لقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم من الغلو فى العبادة، فقال: ∩أما والله إنى لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتى فليس منى∪ ∩متفق عليه∪. 
وأردف: وحرص النبى صلى الله عليه وسلم على توجيه الناس إلى الاعتدال فى العمل، فقال: ∩يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل∪ ∩متفق عليه∪، كما أقر النبى صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبى الدرداء رضى الله عنهما: ∩إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذى حق حقه∪ ∩البخارى∪. 
وذكر ∩كرسون∪ أنه قد مثلت الوسطية انعكاساً صادقاً لمنهج القرآن الكريم، الذى خاطب الإنسان فى كل جوانب حياته، ولبى حاجاته، وطموحاته، دون ظلم أو تجاوز. ومن ذلك قوله تعالى: ∩وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغِ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين∪ ∩القصص: 77∪، وقوله تعالى: ∩وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين∪ ∩الأعراف: 31∪. 
واختتم قائلاً: الوسطية فى الإسلام ليست مبدأ عابراً، بل هى جوهر أصيل فى كل ما جاء به هذا الدين العظيم، فى العقيدة، والعبادة، والسلوك، والمعاملات. وهى ضمان لتحقيق توازن الإنسان فى دنياه وأخراه، واستقرار المجتمع وسعادته. فالاعتدال ليس خياراً، بل هو السبيل الأقوم الذى ارتضاه الله تعالى لعباده المؤمنين.