بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

حفنة كلام

المبانى التاريخية

تحكى المبانى التاريخية تاريخ مصر عبر العصور بما تتميز به من جمال ومن تنسيق معمارى يريح العين ويمنح الشوارع جمالا خلت منه لذا ينبغى أن نحافظ عليها؛ لكن هنالك عصبة تخصصت فى هدم القصور التاريخية لموقعها المتميز ويقومون بتسليط مواتير المياه ليلا عليها وهم يعرفون أنها مبنية «بالقصرمل» وهى مادة خليط من الرمل والحُمرة والجير ولذلك تتأثر بالماء أيما تأثير، وكم من المبانى التاريخية هُدمت تحت مرأى ومسمع كافة المؤسسات ليحل محلها القبح والشقق الإسمنتية التى تخلو من الجمال والاتساع، وقد اعتادت مجموعات ذوى المليار أن يطرقوا الأبواب ليشتروا المبانى التاريخية بأى ثمن، ولا أدرى من سلّمهم مبنى «ملَك حفنى ناصف» من التربية والتعليم؟ ومن سلمهم مبنى مكرم عبيد بقنا؟، فما يحدث فى أسيوط مشابه لما يحدث فى جميع محافظات مصر وما حدث فى وسط القاهرة؛ وهذا يتطلب سن تشريعات تحول دون الهدم وتعوض أصحاب هذه المبانى التاريخية تعويضا ماليا مقنعا حتى لا يفكروا فى هدمها هربا من الإيجارات القديمة الهزيلة، ولا بد من الاهتمام بترميمها حتى لا تتساقط وتتحول ركاما يحل محله أبراج مشوهة.
لقد أقمتُ بفندق جوته فى مدينة بامبرج الألمانية وهم محافظون عليه على الرغم من أن الشاعر الألمانى لم يقم فيه سوى ليلة واحدة فى طريقه لميونيخ وتفتخر المدينة كلها بأن جوته بات بها ليلة وحافظوا على المبنى رغم وفاة جوته فى 1832. 
أما نحن فقصر باحثة البادية فى أيد غير أمينة، فهل يجد عقولا أمينة تحافظ على ذاكرة وطن وجمال ماضٍ يصارع قبح الغابات الإسمنتية المعاصرة؟
من بكائية أبوسنة:
هل كان شاعرنا الكبير محمد ابراهيم أبو سنة يستشرف المستقبل عندما كتب قبل سنوات قصيدته الخالدة «بكائية إلى أبى فراس الحمداني» التى حذّر فيها من آتٍ كئيب؟ نلمح فى شعر أبوسنة أسرارا لمّا تكتشف بعد، تحتاج إلى دراسات بحثية ونقاد، لأنه شاعر جيل صَدق شعبه فلم ينافق ولم يجامل وكان رحمه الله وفيا فى كتاباته وصادقا فى شخصه، ومعبرا عن آمال الناس وآلامهم؛ ولأنه لم يلتحق بحزب من الأحزاب لم يجد من يفتح له أبواب الإعلام، لكن شعره فتح له قلوب الناس، سأقتطع بعض أسطره الشاعرة حول حلب: 
«حلبٌ على مرمى سحابهْ /
نثرت ضفائرها ...وفستق دمعها يشكو الصبابهْ/
مالت بنا شمس الغروب إلى الكآبهْ/
وأنا وأنت أبا فراس ننتمى للريح؛ لا شمس الملـوك تضيء ما يعتادنا من ليلنا الوثنى، لا قمر الكتابة/
يهمى بـسوسنـهِ فيلهبنا وتطلع فى فضـاء القلـب أزهار الغرابة/
لا تنكشف للغدِّ
أنت محاصرٌ
​ما بين بحر الروم والمنفي
وتلك نبوءة العراف
​تلمع فى سيوف ذوى القرابة/
​... سرب من الغــربان
​ينعق فوق تاريخ مهـان/
أمم يسابقها الزمـان فتنطوي
حتى لينكـرها الزمــان»