«أخلاقنا.. نور طريقنا فى رمضان»
الأخلاق في التعامل مع النفس: تطوير الذات
شهر رمضان المبارك هو فرصة عظيمة لتجديد العلاقة مع الله تعالى، وتقوية الصلة به، وأيضًا فرصة لتطوير الذات وتزكيتها، إنه شهر الرحمة والمغفرة، شهر العتق من النار، وشهر التغيير نحو الأفضل، فى هذا الشهر الفضيل، يتجلى كرم الله تعالى ورحمته بعباده، حيث يدعوهم إلى الارتقاء بأنفسهم وتطهيرها من المعاصى.
ومفهوم تطوير الذات فى الإسلام يعني السعى المستمر لتحسين النفس وتزكيتها، والارتقاء بها إلى أعلى مراتب الكمال الإنسانى، ويشمل تطوير الذات فى الإسلام جوانب متعددة، منها الجانب الروحى والأخلاقى والعقلى والجسدى.
وفضل تطوير الذات فى الإسلام كبير، فهو يقرب العبد من ربه، ويجعله أكثر قدرة على تحقيق مرضاته، ويحقق السعادة والراحة النفسية، ويجعل الإنسان أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.
وينعكس تطوير الذات إيجابًا على المجتمع، ويساهم فى بناء مجتمع صالح ومزدهر، كما جاء فى آيات كتاب الله الكريم عن تطوير الذات:
قال تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» (الشمس: 9-10).
وقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا» (التحريم: 6).
وكما جاء فى الأحاديث النبوية عن عبد الله بن عمر – رضى الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز» (صحيح مسلم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (رواه البخارى).
ولتطبيق تطوير الذات في الحياة اليومية، خاصة فى رمضان، خطوات تعتمد على التخطيط والتنظيم ووضع أهداف واضحة ومحددة، ووضع خطة لتحقيقها، وكذلك اكتساب المعرفة والمهارات بالقراءة والتعلم المستمر، وتطوير المهارات الشخصية والمهنية، وأيضا التحلى بالأخلاق الحميدة: الصدق والأمانة والإخلاص والتواضع، مع ضرورة الاهتمام بالصحة الجسدية بممارسة الرياضة، وتناول الغذاء الصحى، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والإكثار من العبادات والطاعات كالصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والاهتمام بالتأمل والتفكر ومراجعة النفس، وتقييم الأداء، وتحديد نقاط القوة والضعف، واختيار الصحبة الصالحة من الأصدقاء الذين يشجعون على الخير والتطوير.
وتطوير الذات فى رمضان فرصة عظيمة لتطهير النفس من العادات السيئة، واكتساب العادات الحسنة، فشهر رمضان فرصة لتقوية الإرادة والعزيمة، والتحكم فى الشهوات والرغبات، كما انه فرصة للتخلص من الصفات السلبية، واكتساب الصفات الإيجابية.
إن شهر رمضان المبارك هو فرصة لا تعوض لتطوير الذات وتزكيتها، والارتقاء بها إلى أعلى مراتب الكمال الإنسانى، فلنغتنم هذه الفرصة الثمينة، ولنجعل من هذا الشهر بداية جديدة لحياة مليئة بالإنجازات والنجاحات، حياة ترضى الله تعالى، وتجلب لنا السعادة فى الدنيا والآخرة.