خارج المقصورة
مشاهد 2008
لم يكن الجدل الدائر حول مصير بنك القاهرة، سواء ببيعه لمستثمر استراتيجى أو طرحه فى البورصة، وليد اللحظة، بل يمتد جذوره إلى سنوات مضت، وتحديدًا إلى عام 2008، عندما تقدم البنك الأهلى اليونانى بعرض قيمته 2.25 مليار دولار للاستحواذ عليه.
وقتها أحدثت الصفقة ضجة كبرى، وتصدرت تفاصيلها المشهد، وأشعلت موجة من الرفض الشعبى، حيث توحدت الأصوات بين المتخصصين والعامة فى رفض البيع، ليس فقط لارتباط البنك الوثيق بتاريخ مصر الاقتصادى، ولكن أيضا للدور المحورى الذى لعبه منذ تأسيسه عام 1952 فى دعم الاقتصاد الوطنى.
أمام هذا الرفض العارم، توقفت خطط البيع تمامًا، ليتم اتخاذ مسار جديد نحو إعادة هيكلة البنك، وتتحول استراتيجيته من البيع المباشر إلى الطرح فى سوق الأوراق المالية، فى خطوة تعكس توازنًا بين الحفاظ على الكيان الوطنى وإتاحة الفرص الاستثمارية للمصريين.
منذ ذلك الحين، والجميع يترقب بفارغ الصبر تنفيذ الحكومة لوعدها بطرح البنك فى سوق الأسهم. وبالفعل، تم قيد أسهم البنك فى البورصة، إيذانًا بالاقتراب من لحظة الانطلاق والإعلان عن ساعة الصفر للتداول. ومع ذلك، لا يزال الموعد المرتقب لم يحن بعد، ليظل الطرح المنتظر حبيس الترقب والتكهنات، فى انتظار القرار الحاسم الذى سيحدد مصير أحد أعرق الكيانات المصرفية فى مصر.
فى الأيام القليلة الماضية، تصاعدت الأنباء حول اقتراب إتمام صفقة بيع بنك القاهرة إلى بنك دبى الإماراتى مقابل نحو مليار دولار، مما أثار موجة جديدة من الجدل. لكن الحكومة سارعت بالرد، مؤكدة أن مستشارًا ماليًا مستقلًا يجرى حاليًا الفحص النافى للجهالة، وهو إجراء يهدف إلى تقييم البنك بشكل دقيق لتحديد قيمته الحقيقية.
وسط هذه الأجواء، تحرك بعض المحامين فى محاولة لوقف عملية البيع، لتعود إلى الأذهان مشاهد عام 2008، وكأن التاريخ يعيد نفسه. فما أشبه اليوم بالبارحة.
< يا سادة.. لا يهمنى، ولا يزعجنى ما إذا كان البيع سيتم عبر البورصة أو من خلال مستثمر استراتيجى، ولكن كل ما يهمنى ألا يتم تقييم البنك وأصوله بثمن بخس.. فمهلاً على بنك أرباحه بمليارات الجنيهات وتنمو بوتيرة قياسية وكان ولا يزال «أيقونة» للاقتصاد الوطنى منذ تأسيسه، لنقف قليلًا ونتأمل قيمته الحقيقية.