«أخلاقنا.. نور طريقنا في رمضان»
الأخلاق في التعامل مع النفس: الرضا والقناعة

شهر رمضان المبارك هو شهر التزكية والتطهير، شهر يعيد فيه المسلم ترتيب أولوياته، ويراجع علاقته بنفسه وبالآخرين، إنه شهر يذكرنا بأهمية الرضا والقناعة، وهما صفتان أساسيتان لتحقيق السعادة الحقيقية فى الدنيا والآخرة، في هذا الشهر الفضيل، نتعلم كيف نرضى بما قسمه الله لنا، وكيف نقنع بما لدينا، وكيف نسعى إلى تحقيق أهدافنا دون جشع أو طمع.
ومفهوم الرضا في الإسلام هو التسليم بقضاء الله وقدره، والاطمئنان إلى حكمته وعدله، أما القناعة هي الاكتفاء بما رزق الله، وعدم التطلع إلى ما في أيدى الآخرين.
وفضل الرضا أنه يجلب السعادة والطمأنينة، ويطرد القلق والاضطراب.
أما القناعة تحفظ الكرامة والعزة، وتجنب الذل والمهانة.
والرضا والقناعة يقربان العبد من ربه، ويجعلان حياته أكثر بركة وسعادة، كما جاء فى آيات كتاب الله الكريم عن الرضا والقناعة، قال تعالى: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (التغابن: 11), وقال تعالى: «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ» (طه: 131).
وكما جاء فى الأحاديث النبوية عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» (رواه البخارى ومسلم).
وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه» (رواه مسلم).
ولتطبيق الرضا والقناعة في الحياة اليومية، خاصة في رمضان، يجب أن نتأمل فى نعم الله علينا، ونشكره عليها، وعدم مقارنة أنفسنا بالآخرين، والتركيز على ما لدينا، والتصدق على الفقراء والمحتاجين، والشعور بمعاناتهم، كما يجب الامتناع عن الإسراف والتبذير، والاكتفاء بما يكفينا، الدعاء إلى الله أن يرزقنا الرضا والقناعة.
أما الرضا فى رمضان فهو شهر الصبر والتحمل، وهو فرصة لتدريب النفس على الرضا، بزيادة الشعور بالرضا عند الإفطار، وشكر الله على نعمة الطعام والشراب، وأيضا الرضا بقضاء الله فى هذا الشهر الفضيل، سواء كان صوماً أو قياماً أو غير ذلك، والرضا عن النفس عند إتمام شهر رمضان بالصيام والقيام والأعمال الصالحة.
إن الرضا والقناعة هما مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. فلنجعل من شهر رمضان المبارك فرصة لتعزيز هاتين الصفتين في أنفسنا، ولنجعل حياتنا أكثر سعادة ورضا.