مسلسل لام شمسية.. حينما تفتقر النفس البشرية إلى الفطرة والأمان

ليست مجرد قضية التحرش بالأطفال من الأقربون فحسب، بل التعرض لكافة المشاعر الفطرية الطيبة داخل الإنسان الكبير قبل الصغير، تلك الاجواء المشحونة داخل أحدث مسلسل “لام شمسية” الذي يأخذنا لأخطر العوالم، عالم هتك الطفولة بأحلامها وبراءتها وعنفوانها وفطريتها وتحويلها إما إلى شخصية طائعة ضائعة لاتعرف الصح من الخطأ وإما وحش كاسر يهوى العيش وحيدًا ويرفض كل متع الحياة واقتراب الناس منه.
لم تكن الحلقات الاولى من “لام شمسية” تسليط الضوء على قضية التحرش بالطفل فقط وإنما الصراعات التي ولد فيها الآباء والأمهات قبل أنجاب أطفالهم مابين المشاكل العائلية من مشاهدالضرب والعنف والإيذاء اللفظي والجسدي، تراكمات تشوب الرؤية الصحيحة للحياة وعيشها بطريقة سليم وخروج طفل سليم محافى بدنيًا ونفسيًا إلى العالم.

لايزال الغموص يحوم حول ششخصيات المسلسل من رجال ونساء، فـ محمود شاهين لا نعرف من هو هل هو جاني أم مجني عليه، رأيناه في لقطة من المسلسل يقرأ رواية “الشطار” التي تحكي عن شخص مهمش وسط أسرته ومجتمعه يبحث عن منفذ يجد فيه ذاته وأحلامه، يصارع الحياة ورواها ليجد هويته يحلم بأن يكون شخص ذو شأن يتمحور الكون باجمعه عليه، ومن المؤكد ان تسليط الضوء على تلك الرواية داخل المسلسل مع محمد شاهين ليست بمحض الصدفة وإنما هي ومضة ضوء عن خبايا شخصية شاهين الطفولية ماذا زُرع فيها صغيرًا ويحصده كبيرًا.

هل بالفعل كان محمد شاهين تائهًا في طفولته شخصية هشة ليس لها رأي أو أهمية، ينفذ مايؤمر به دون الرجوع لرغباته فقط كعرائس الماريونيت يفعل مايريد من حوله.
تلك الأداة خرجت عن صمتها في الكبر، نعم يتزين بالاخلاق والهدوء والأادب وحب الناس لكن هناك شيء ما مظلم في وجدانه لا يجرؤ أحد الاقتراب منه، وإن حدث نقلب على الدنيا ومافيها.
ومابين شخصية يسرا اللوزي التائهة الشريدة الصامتة، التي تكتم جبال من الهموم والمشاهد التي لاتحكي بالكلام ولا تستطيع العين نسيانها، تحاول بشتى الطرق الابتعاد عن زوجها محمد شاهين والنجاة بابنتهما خارج نطاق حياته، فماذا فعل محمد شاهين بها لتخرج منها تلك الشخصية، يسرا اللوزي التي رأت اتهامات تحرش زوجها بابن صديقه ولم تحرك ساكنًا وكأنها تريد أن تؤكد ماحدث لكن اكتفت بالسكوت.

وأمينة خليل دائمة التوتر والخوف والحنونة بشدة على أفراد عائلتها لاتنتظر مقابل تحنو على ابن زوجها كأنه من جوف رحمها، وتخاف عليه من النسمات الطائرة أن تجرح شيء ما فيه، هي الشاهدة الوحيدة على مشهد التحرش الذي مازال قيد دليل واحد لينفجر الامر من جديد لربما ينكشف وقتها من الجاني ومن المجني عليه.
خوف أمينة خليل وتوترها وقلقها ليس وليد اللحظة وإنما هي بالتأكيد تمتلك أعوامًا من المشاهد المخيفة العنيفة سواء عائلتها أصدقائها أقربائها، فدائمًا احلامها غامضة يملؤها الظلام والمشاهد المتقطعة والبيوت الفارغة والخطر الدائم الذي يحاوط ابن زوجها، فمن أين منبع ذلك الخوف الذي أدى إلى حالة الهياج العصبي التي أصابتها عندما شاهدت محمد شاهين يحتضن ابن زوجها بقوة لتصرخ وتحرك أركان البيت بذلك الامر الذي اعتره الجميع مجرد حضن عادي ، فهل هو عادي.
حلقات المسلسل مازالت قيد النظر والمتابعة وربط الاحداث، نحن أمام مسلسل يهوى التركيز الشديد والحث عن ماوراء كل حدث وتصرف، ليس عرض قضية فقط انما أسبابها وطرقها وإلى إين النهاية.