بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى ضرورة قراءة التحديات القادمة

يدفعنى اهتمامى بالمستقبل إلى التفكير بعمق شديد فيما ستكون عليه الأحوال الاقتصادية العامة فى بلادنا والمنطقة بعد عشر سنين، وبعد عشرين سنة، وبعد ثلاثين؟ كيف سيعيش أبناؤنا وأبناء أبنائنا؟ وكيف ستكون التحديات فى منطقتنا المُتخمة بالمخاطر والاضطرابات؟ 
إن مثل هذه التساؤلات المُلحة تقودنا قطعا إلى تساؤلات أخرى منطقية حول مدى استعدادنا للغد القريب، القادم بتحولاته وتطوراته، وما يُمكن فعله حيال ثورة التكنولوجيا المذهلة، وثورة الذكاء الاصطناعى الطاغية.. هل نحن مستعدون وإلى اى مدى؟ وهل نُحن نُخطط وندرس ونُفكر فيما يأتى أم نكتفى بالتعامل مع المشكلات الآنية بترحيلها أو حلها جزئيا كما اعتدنا؟
يدور كل ذلك فى ذهنى بعد قراءة تقرير حديث للبنك الدولى أعده ديفوو فوريس، وهارون اندور، ونيللى الملاخ حول مستقبل الوظائف فى منطقة الشرق الأوسط.
يقدم هذا التقرير كثيرا من الحقائق المُدهشة التى تدفعنا للانتباه واليقظة والتخطيط بجدية، والعمل على سيناريوهات متنوعة للسنوات القليلة القادمة. فهو يذكر لنا مثلا أننا خلال الخمس وعشرين عاما القادمة سنكون فى حاجة ماسة لتوفير نحو ثلاثمائة مليون فرصة عمل جديدة، خاصة مع دخول شرائح مستحدثة من السكان إلى سوق العمل كل عام. وهذا يتطلب تحقيق معدل نمو لا يقل عن 4.9 فى المئة فى المتوسط سنويا، وهو ما يتطلب بشكل واضح تحقيق زيادة كبيرة فى الانتاج وتطور السياسات الحاكمة له.
ويُلاحظ مُعدو التقرير أن منطقة الشرق الأوسط تشهد أدنى معدل مشاركة للإناث فى القوى العاملة وهو 16 فى المئة على مستوى العالم، وأنه لا يُمكن زيادة الانتاجية دون زيادة هذا المعدل بدرجة تقارب مشاركة القوى العاملة من الذكور فى العمل والتى تبلغ 75 فى المئة. 
وعلى سبيل المثال، تتوقع مصر نمواً سكانياً بنسبة 1.3% سنويا فى العقود الثلاثة القادمة، ويمكن أن يؤدى سد الفجوات بين الجنسين فى المشاركة فى القوى العاملة إلى زيادة نسبة التشغيل إلى عدد السكان بنحو 2.1% سنوياً.  
ويذكر التقرير أيضا أن هناك تباينا شديدا بين بلدان المنطقة فى الوصول إلى مستوى الاقتصاد الرائد، لذلك ينبغى صياغة أجندات الوظائف بما يلائم أوضاع كل بلد على حدة. من هُنا فإنه ينبغى على كل بلد فى منطقة الشرق الأوسط أن يقوم بوضع أجندة استباقية لخلق الوظائف الجديدة، بما يلائم سياقه الاقتصادى والديموغرافى.
إننى أتصور أن مصر مُرشحة بقوة لتبنى دور ريادى كبير فى منطقة المستقبل، نظرا لاتساع شرائح الشباب، ووجود فرص عظيمة فى مشروعات متعددة ومستحدثة فى مجالات الخدمات، الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعى، وريادة الأعمال.
ويدفعنا كل ذلك إلى تأكيد التوصية الأزلية المتكررة لأى منتدى أو مؤتمر اقتصادى بضرورة فتح كافة الأبواب أمام القطاع الخاص للمشاركة بقوة وفاعلية وسهولة فى الاستعداد للتحديات المستقبلية الجسيمة. لقد كان القطاع الخاص هو المبادر لاستقراء كل حديث، واختبار كل جديد، والاستعداد لكل ما هو قادم، ومازال لدينا آمال أن يتبوأ موقعه المفترض مرة أخرى. فالعالم يتغير، وينبغى ألا نكتفى بالمشاهدة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.