إطلالة
والقتل لمغتصب الجسد أيضاً
استكمالاً للحديث السابق عن قضايا اغتصاب الأطفال في مصر التي تعد من أكثر القضايا الاجتماعية والقانونية إثارة للقلق في السنوات الأخيرة. فهذه الجرائم البشعة لا تقتصر على انتهاك براءة الأطفال، بل تمثل تهديداً حقيقياً لمستقبلهم النفسي والجسدي . ذكرنا أن القانون يعاقب مرتكبي هذه الجرائم بعقوبات تترواح بين السجن المؤبد والإعدام وذلك في إطار التشريعات القانونية .
لقد أصبحت قضايا العنف الجنسي، وخاصةً جرائم الاغتصاب، من أخطر الجرائم التي تهدد الأمن المجتمعي وتزعزع استقرار الأسر والمجتمعات. مما يطرح أمامنا سؤال هام عن مدى كفاية العقوبات الحالية التي تُفرض على مرتكبي هذه الجرائم، وهل هي رادعة بما يكفي لردع المجرمين الذين يفسدون حياة الأبرياء؟ وهل يجب تعديل قانون العقوبات ليتضمن عقوبة الإعدام للمتهمين في قضايا الاغتصاب؟
من المعروف أن الاغتصاب ليس مجرد جريمة جنسية، بل هو جريمة تمس كرامة الإنسان وتؤثر في أعمق جوانب شخصيته وحياته. فالضحية، سواء كانت امرأة أو طفلاً أو حتى رجلًا، تتعرض لتدمير نفسي وجسدي قد يرافقها طيلة حياتها. ولذلك فإن معالجة هذه الجريمة من خلال قوانين صارمة يعد أمرًا بالغ الأهمية.
إن فكرة إقرار عقوبة الإعدام في قضايا الاغتصاب قد تثير الجدل لدى البعض، إلا أن هناك مبررات منطقية تجعل من هذا الاقتراح ضرورة ملحة. أولاً، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الاغتصاب ليس مجرد فعل فردي يعبر عن رغبة أو نزوة، بل هو اعتداء على حق الإنسان في سلامته الجسدية والنفسية. ومن ثم فإن متطلبات العدالة تقتضي أن تكون العقوبة مساوية لخطورة الجريمة المرتكبة. وفي هذه الحالة، قد تكون عقوبة الإعدام هي الأكثر قدرة على ردع المجرمين المحتملين.
ثانيًا، إذا نظرنا إلى التشبيه الذي يطرحه البعض بين مغتصب الجسد ومغتصب الوطن، نجد أن المنطق يفرض نفسه. في حالة اغتصاب الأرض، يتم اتخاذ أقصى التدابير لاسترداد الحق، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية في بعض الحالات. فكيف يعقل أن يُعفى من ارتكب جريمة اغتصاب الجسد من عقوبة قاسية، في حين أن جريمة انتهاك الأراضي والسيادة الوطنية، رغم تعقيداتها السياسية والاقتصادية، تُقابل بعقوبات قاسية لا تتردد الدولة في تنفيذها؟
إن المغتصب، الذي يعرض حياة شخص للتدمير الجسدي والنفسي، يكون قد ارتكب جريمة لا تقل في بشاعتها عن جريمة اغتصاب الأرض. فبينما يتم الدفاع عن الأرض والسيادة الوطنية بكل السبل، يجب أن يكون الدفاع عن الكرامة الإنسانية والجسد بنفس القدر من الحسم. وإذا كانت القوانين الوطنية والشرائع السماوية تُقر بأن الاعتداء على الحياة والكرامة يجب أن يُعاقب بأشد العقوبات، فإن الاغتصاب يعد اعتداء على الأفراد بقدر أكبر من الخطورة.
تعديل قانون العقوبات ليشمل الإعدام كعقوبة للاغتصاب ليس فقط خطوة نحو تحقيق العدالة، بل هو أيضاً رسالة مجتمعية بأن الاعتداء على الكرامة الإنسانية لن يمر مرور الكرام. من خلال هذه العقوبات الصارمة، يمكن تعزيز الوعي العام بضرورة احترام حقوق الآخرين، وخلق بيئة أكثر أمانًا لأفراد المجتمع. يظل تعديل قانون العقوبات أمرًا بالغ الأهمية في مواجهة هذه الجريمة الوحشية. ففي حال تم تطبيق عقوبة الإعدام في قضايا الاغتصاب، ستكون هذه خطوة نحو مجتمع أكثر أمانًا، وتحقيقًا لعدالة تكون في متناول الجميع.
ومن أجل مواجهة هذه الظاهرة بشكل فعال، يجب تكثيف برامج التوعية المجتمعية الخاصة بحقوق الأطفال، وتعليم الأسر كيفية التعرف على علامات الاعتداء الجنسي. وهناك أمر هام تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية من أجل تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا.
ويجب على النظام القضائي الإسراع في التحقيقات وإصدار الأحكام لحماية الأطفال من الجناة، وتعزيز الرقابة على المؤسسات التي تتعامل مع الأطفال مثل المدارس ودور الرعاية ، ومن الضروري توفير آليات فعالة للتبليغ عن الجرائم وحماية الشهود لضمان عدم تعرض الضحايا لأي ضغوط.