بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

تجسيد‭ ‬الصحابة‭ ‬وآل‭ ‬البيت‭ ‬يثير‭ ‬جدلًا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬تاريخى

الدراما‭ ‬التاريخية‭.. ‬بين‭ ‬الفن‭ ‬والتقديس

بوابة الوفد الإلكترونية

يثير تجسيد الصحابة وآل البيت فى الدراما جدلًا متجددًا مع كل عمل تاريخى لحقبة الإسلام المبكرة، ومع عرض مسلسل معاوية فى رمضان، الذى يجسد بعض الصحابة والمبشرين بالجنة، تصاعدت الفتاوى المتباينة بين التحريم والقبول باعتباره طرحًا تاريخيًا، ورغم مرور أكثر من قرن على رفض الأزهر لهذا التجسيد، لم يمنع ذلك إنتاج أعمال سابقة كفيلم لرسالة∪ ومسلسل عمر∪، مما يطرح تساؤلًا: هل يعيد معاوية النقاش حول حدود المنع؟ أم أنه خطوة أخرى نحو تقبّل تجسيد الصحابة فى الدراما؟

احمد ممدوح
احمد ممدوح


مسلسل معاوية.. من يجسد ولماذا؟
يتناول المسلسل أحداث الفتنة الكبرى التى اندلعت بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، مرورًا بتولى على بن أبى طالب الخلافة، ثم استشهاده، وتولى الحسن بن على قبل تنازله لمعاوية بن أبى سفيان، ما أدى إلى تأسيس الدولة الأموية.
وبالتالى أثار جدلاً واسعًا لأنه يتضمن تجسيدًا لشخصية على بن أبى طالب (ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وصهره، ورابع الخلفاء الراشدين)، وعثمان بن عفان (أحد العشر المبشرين بالجنة وثانى الخلفاء الراشدين)، وعمر بن الخطاب الخليفة الثانى للمسلمين وأحد المبشرين بالجنة، وأخيرًا عمرو بن العاص الصحابى الجليل وقائد جيوش النبى وأول والٍ مسلم لمصر.

سعاد صالح
سعاد صالح


الأزهر يرفض تجسيد الصحابة 
يرفض الأزهر الشريف بشكل قاطع منذ عقود تجسيد الأنبياء والصحابة فى الأعمال الدرامية، ويدعو للحفاظ على مكانتهم وهيبتهم، مشددًا على استخدام التقنيات الحديثة كبديل، كما أكد سابقًا عند عرض مسلسل ∩عمر∪ −عن حياة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب− عام 2010.
أما عن مسلسل ∩معاوية∪، فقد أكد الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، أن المسلسل لم يُعرض على الأزهر، مشيرًا إلى أن المشيخة لا تتحدث فى قضايا لم تُعرض عليها رسميًا، وموضحًا أن الأزهر يضم لجانًا متخصصة لفحص الأعمال الفنية التى تُعرض عليه، ولطالما رفض الأزهر الأعمال التى تجسد الأنبياء والصحابة، ودعا إلى بدائل تقنية.

محمد الضوينى
محمد الضوينى


ومن جانبها أبدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، رأيها حول الجدل المثار بشأن مسلسل معاوية، موضحةً أن هناك فرقًا فى الحكم الشرعى بين الصحابة، فالعشرة المبشرون بالجنة، الذين كانوا أقرب الناس إلى النبى صلى الله عليه وسلم، لا يجوز تجسيدهم أو التشبه بهم بأى شكل من الأشكال. أما الشخصيات التى عاصرت النبى صلى الله عليه وسلم دون أن تكون فى نفس الدرجة من القرب، مثل معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه، فيجوز تجسيدها من الناحية الفقهية.
∩معاوية∪ يثير الخلافات التاريخية والمذهبية
وأشارت إلى أن مسلسل ∩معاوية∪ قد يؤدى إلى تأجيج الخلافات التاريخية والمذهبية بين السنة والشيعة، خاصةً أن بعض الفرق الإسلامية لا تزال تنظر إلى فترة حكمه على أنها بداية الانقسامات الكبرى بين المسلمين.
كما أكدت أن الأزهر الشريف يرفض تلك الأعمال حفاظًا على وحدة الأمة الإسلامية ومنعًا لإثارة الفتنة، مشددة على موقفها الرافض لإظهار الصحابة فى الأعمال الدرامية، لأنهم أصحاب مكانة خاصة فى الإسلام، ولا يمكن لأى ممثل، مهما بلغت مهارته، أن يجسدهم بصورة تليق بهم دون أن يكون ذلك تحريفًا أو مسخًا لصورتهم الحقيقية.
تجسيد الصحابة جائز بشروط
فى المقابل، تتبنى دار الإفتاء موقفًا أكثر مرونة، إذ أجازت تمثيل الصحابة بشروط، منها الالتزام بالسياق التاريخى وإبرازهم بما يليق بمقامهم، مع استثناء العشرة المبشرين بالجنة، وأمهات المؤمنين، وآل البيت، نظرًا لمكانتهم الرفيعة، ومع ذلك يظل مسلسل ∩معاوية∪ مرفوضًا لأنه يُجسد عددًا من العشرة المبشرين بالجنة وآل البيت الكرام، حيث أكد الدكتور أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية، أن العلماء أجمعوا على منع تجسيد الأنبياء فى الأعمال الدرامية، مستندين إلى عدة أدلة شرعية، منها استحالة محاكاة جانب الوحى فى شخصياتهم، وضرورة صيانة قدسيتهم من أى ابتذال أو تشويه.
أما فيما يخص تجسيد الصحابة، فأوضح ممدوح أن هناك خلافًا بين العلماء بين مبيح ومُضيّق، لكن الفتوى فى دار الإفتاء المصرية تستثنى العشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين وآل البيت من جواز تمثيلهم، حرصًا على مكانتهم. وأضاف أن التمثيل فى حد ذاته ليس محرمًا، إذ عُرف منذ القدم، لكنه قد يُمنع إذا اقترن بمضمون يخالف الشريعة، مثل الإساءة للشخصيات المقدسة أو تقديمها بشكل لا يليق.
فى الختام، يبقى الجدل قائمًا حول تجسيد الصحابة فى الدراما، ومع استمرار إنتاج الأعمال التاريخية، يظل الخلاف مستمرًا بين رؤية شرعية تصون الرمزية الدينية، وتوجه فنى يعتبرهم شخصيات تاريخية قابلة للتجسيد، ما يجعل القضية مفتوحة للنقاش مع كل عمل جديد.