بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

من‭ ‬عظمة‭ ‬الوحى ‭ (‬15‭)‬

•‭ ‬لِمَ‭ ‬أُوثِرَ‭ ‬التَّعبيرُ‭ ‬ب﴿‭ ‬ﯹ﴾‭ ‬دُونَ‭ ‬البشر‭ ‬أو‭ ‬الأنام‭?‬‭ ‬
•‭ ‬النَّاسُ‭: ‬إمّا‭ ‬أنْ‭ ‬تكونَ‭ ‬مُشتقَّةً‭ ‬من‭ (‬النَّوْس‭): ‬تَذَبْذُب‭ ‬الشَّيءِ‭, ‬مِن‭ ‬ناسَ‭ ‬يَنوسُ‭ ‬إذا‭ ‬تَدَلَّى‭ ‬وتَحَرَّك‭, ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ (‬الأُنْسِ‭), ‬وهو‭ ‬يُعبِّر‭ ‬عن‭ ‬ظُهُورِ‭ ‬الشَّيءِ‭, ‬وهو‭ ‬ضِدُّ‭ ‬التَّوَحُّشِ‭; ‬ولذا‭ ‬سُمِّيَ‭ (‬الجِنُّ‭) ‬بهذا‭ ‬الاسْمِ‭, ‬لخَفائِه‭ ‬واسْتِتارِه‭. ‬
•‭ ‬وإذا‭ ‬اسْتَعْرَضْنَا‭ ‬السِّياقَ‭ ‬القُرْآنِيَّ‭ ‬وَجَدْنَا‭ ‬أنَّ‭ ‬الإِنسَ‭ ‬تأتى‭ ‬فى‭ ‬الأَغْلَبِ‭ ‬مُرتَبِطَةً‭ ‬بالجِنِّ‭ ‬﴿ﯙ‭ ‬ﯚ‭ ‬ﯛ﴾‭, ‬ومَواضِع‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭, ‬وكأنَّ‭ ‬بَيْنَ‭ ‬اللَّفظَيْنِ‭ ‬تَلازُمًا‭ ‬ذِكْرِيًّا‭, ‬ولَمْ‭ ‬تأتِ‭ ‬مُرتَبِطَةً‭ ‬بالنّاسِ‭ ‬إلّا‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: (‬‭ ‬لَأَمْلَأَنَّ‭ ‬جَهَنَّمَ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْجِنَّةِ‭ ‬وَالنَّاسِ‭ ‬أَجْمَعِينَ‭ ‬ﭮ﴾‭ [‬هود‭], ‬ومع‭ ‬لَفْظِ‭ (‬الجِنَّةِ‭) ‬وليس‭ (‬الجِنّ‭); ‬وذلك‭ ‬ليَشْمَلَ‭ ‬الإنْسَ‭ ‬والجِنَّ‭ ‬معًا‭; ‬وكذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬الجِنَّةَ‭ ‬فى‭ ‬الأَصْلِ‭, ‬لا‭ ‬تَدُلُّ‭ ‬على‭ ‬معانى‭ ‬الاسْتِتارِ‭ ‬والتَّخَفِّي‭; ‬لِذا‭ ‬فإنَّه‭ ‬اخْتارَ‭ ‬لَفْظَ‭ (‬النّاسِ‭) ‬لعُمومِه‭; ‬ولكَوْنِه‭ ‬لا‭ ‬يَقْتَضِى‭ ‬تَلازُمًا‭ ‬مع‭ ‬ألفاظٍ‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭: (‬الجِنّ‭) ‬مَثَلًا‭. ‬
•‭ ‬وأمّا‭ ‬البَشَرُ‭: ‬فهو‭ ‬لَفْظٌ‭ ‬مَأخُوذٌ‭ ‬من‭ ‬البَشَرَة‭, ‬وهو‭ ‬ظاهِرُ‭ ‬جِلْدِ‭ ‬الإنسانِ‭, ‬وسُمِّيَ‭ ‬الإنسانُ‭ ‬بَشَرًا‭ ‬اعْتِبارًا‭ ‬بظُهورِ‭ ‬جِلْدِه‭ ‬من‭ ‬الشَّعْرِ‭ ‬بخِلافِ‭ ‬الحَيَواناتِ‭, ‬إذْ‭ ‬يكون‭ ‬عليها‭ ‬صُوفٌ‭, ‬أو‭ ‬شَعْرٌ‭, ‬أو‭ ‬وَبَرٌ‭, ‬والبَشَرُ‭ ‬لَفْظٌ‭ ‬يَقْتَضِى‭ ‬حُسْنَ‭ ‬الهَيْئَةِ‭, ‬لاشْتِقاقِه‭ ‬من‭ ‬البِشارَة‭; ‬ولكَوْنِ‭ ‬الإنسانِ‭ ‬أَفْضَلَ‭ ‬مِن‭ ‬الحَيَوانِ‭ ‬سُمِّيَ‭ ‬بَشَرًا‭. - ‬ويُطْلَق‭ ‬لَفْظُ‭ ‬البَشَرِ‭ ‬على‭ ‬الواحِدِ‭ ‬والجَمْعِ‭, ‬قال‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬﴿ﮁ‭ ‬ﮂ‭ ‬ﮃ‭ ‬ﮄ﴾‭ [‬المؤمنون‭: ‬47‭];‬‭ ‬وإذا‭ ‬قُصِدَ‭ ‬من‭ ‬الإنسانِ‭ ‬جُثَّتُه‭ ‬وظاهِرُ‭ ‬بَشَرَتِه‭, ‬عُبِّرَ‭ ‬بلَفْظِ‭ ‬البَشَرِ‭ ‬نَحْو‭: ‬﴿ﯬ‭ ‬ﯭ‭ ‬ﯮ‭ ‬ﯯ‭ ‬ﯰ‭ ‬ﯱ﴾‭ [‬الفرقان‭: ‬54‭], ‬﴿ﯟ‭ ‬ﯠ‭ ‬ﯡ‭ ‬ﯢ‭ ‬ﯣ‭ ‬ﯤ‭ ‬ﯥ﴾‭ [‬الحجر‭: ‬28‭], ‬واسْتَعْمَلَهُ‭ ‬المُعانِدونَ‭ ‬للأنبياءِ‭ ‬والمُكَذِّبونَ‭ ‬لَهُم‭; ‬فقَالُوا‭: ‬﴿ﮡ‭ ‬ﮢ‭ ‬ﮣ﴾‭ [‬التغابن‭: ‬6‭], ‬وقوله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬﴿ﭬ‭ ‬ﭭ‭ ‬ﭮ‭ ‬ﭯ‭ ‬ﭰ﴾‭ [‬الأنبياء‭: ‬3‭]; ‬تَنْبِيهًا‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬النّاسَ‭ ‬يَتَساوُونَ‭ ‬فى‭ ‬البَشَرِيَّة‭. ‬
•‭ ‬والأَنَامُ‭: ‬لَفْظٌ‭ ‬يَقْتَضِى‭ ‬تَعظِيمَ‭ ‬شَأْنِ‭ ‬المُسَمَّى‭;‬‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّكَ‭ ‬تَقُول‭: ‬جاءَنِى‭ ‬النَّاسُ‭, ‬وأَنْتَ‭ ‬تَقْصِد‭ ‬وَاحِدًا‭, ‬ولا‭ ‬تَقُول‭: ‬جاءَنِى‭ ‬الأَنَامُ‭. ‬
وقد‭ ‬أُوثِرَ‭ ‬التَّعبيرُ‭ ‬بلَفْظِ‭ (‬النَّاسِ‭) ‬المُقتَضِى‭ ‬للكَمَالِ‭ ‬فى‭ ‬الإنْسانِيَّة‭, ‬والعَمَل‭ ‬بمُقتَضَى‭ ‬العَقْلِ‭; ‬تَهَكُّمًا‭ ‬مِن‭ ‬حالِهِم‭; ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يُسْلِمهم‭ ‬عَقْلُهم‭, ‬وكَمالُ‭ ‬إنْسانِيَّتِهِم‭ ‬إلّا‭ ‬إلى‭ ‬تَخْوِيفِ‭ ‬المُسْلِمِينَ‭ ‬من‭ ‬النَّصْرِ‭ ‬أو‭ ‬الشَّهادَةِ‭, ‬والفرارِ‭ ‬من‭ ‬لِقائِهِم‭ ‬بمِثْلِ‭ ‬هذه‭ ‬الحِيلَة‭. ‬
وسبحان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كلامه

[email protected]