مفتي الجمهورية: التصوف في مصر نهج للعلم والعمل وليس الغلو والتطرف

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن التصوف في مصر هو تصوف العلم والعمل، المستند إلى نهج الكتاب والسنة، والذي يتميز بالقلوب العامرة بالمحبة والإخلاص، بعيدًا عن الغلو والتطرف.
وأوضح مفتي الجمهورية أن مصر تميزت على مر العصور باجتماع الفقه والتزكية، حيث تربى أهلها على معاني الرحمة والسكينة، مشيرًا إلى أن التصوف فيها لم يكن بابًا للانعزال والانغلاق، بل كان وسيلة لفهم الدين بعمق، والعمل على نشر الخير بين الناس.
وأضاف فضيلته أن المسلم مطالب بالسير على نهج الوسطية والاعتدال، مؤكدًا أن التصوف الحقيقي هو الذي يجمع بين العلم والسلوك القويم، ويبتعد عن البدع والمغالاة، ليكون وسيلة للارتقاء بالروح والقيم الأخلاقية.
وفي ختام حديثه، دعا مفتي الجمهورية بأن يجعل الله قلوب المسلمين معمورة بحبه، وأرواحهم متصلة به، كما توجه بالدعاء لعلماء الأزهر ودعاته الصادقين بأن يبارك الله في جهودهم في نشر صحيح الدين وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح.
التصوف في مواجهة التطرف
وتأتي تصريحات الدكتور نظير عياد في ظل تزايد الاهتمام بالتصوف كمنهج روحاني يعزز القيم الأخلاقية ويواجه الأفكار المتطرفة، حيث يُعد التصوف الأزهري الوسطي جزءًا من الهوية الدينية لمصر، وساهم في نشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة في مختلف بقاع العالم.
ويرى علماء الأزهر أن التصوف المعتدل هو درع واقٍ ضد التشدد والغلو، خاصة في ظل محاولات بعض الجماعات استغلال الدين لتحقيق أجندات متطرفة، مؤكدين أن التصوف الصحيح يعزز قيم المحبة والتسامح، ويدعو إلى تهذيب النفس وتزكيتها.
إسهامات الأزهر في نشر الفكر الصوفي المعتدل
ويؤدي الأزهر الشريف، بمؤسساته المختلفة، دورًا بارزًا في نشر الفكر الصوفي المعتدل، حيث يقوم علماؤه بتوضيح المفاهيم الصحيحة للتصوف، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تحاول بعض الجماعات إلصاقها به.
كما ينظم الأزهر ندوات ومؤتمرات داخل مصر وخارجها، بهدف إبراز الدور الحقيقي للتصوف في بناء الشخصية المسلمة المتوازنة، والتأكيد على أهمية القيم الأخلاقية والروحانية في مواجهة الأزمات التي يمر بها العالم الإسلامي.
ويؤكد المتخصصون أن التصوف ليس مجرد ممارسات شكلية، بل هو نهج فكري وسلوكي يقوم على التزكية والتقرب إلى الله بالعمل الصالح، بما يحقق التوازن بين متطلبات الحياة المادية والروحانية، ويسهم في بناء مجتمع قائم على المحبة والسلام.
التصوف.. نهج مستمر عبر العصور
ومن المعروف أن مصر شهدت عبر تاريخها العديد من الشخصيات الصوفية البارزة، التي ساهمت في نشر قيم الإسلام السمحة، ومن أبرزهم الإمام أبو الحسن الشاذلي، والإمام السيد أحمد الرفاعي، وسيدي إبراهيم الدسوقي، وغيرهم من أعلام التصوف الذين تركوا بصمة واضحة في الفكر الإسلامي.
ويؤكد الباحثون أن التصوف الأزهري كان ولا يزال نموذجًا يُحتذى به في نشر الإسلام الوسطي، الذي يجمع بين العلم والعمل، ويدعو إلى البناء لا الهدم، ويعزز من قيم الرحمة والتسامح بين الناس.
يظل التصوف في مصر جزءًا لا يتجزأ من هويتها الدينية، ويؤدي دورًا مهمًا في نشر التعاليم الإسلامية الصحيحة، بعيدًا عن التشدد والانغلاق. وفي ظل التحديات التي يواجهها العالم اليوم، يبقى التصوف الأزهري نموذجًا للإسلام الوسطي الذي يجمع بين العلم والعمل، ويعزز قيم المحبة والسلام في المجتمعات.