بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الوفد تروى حكايةواسرار مسجد " القائد ابراهيم " ورحانياته مع شهر رمضان بالاسكندرية

مسجد القائد ابراهيم
مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية

 تشتهر محافظة الاسكندرية بالكثير من المساجد الاثرية والتاريخية ذات القيمة الدينية والمعمارية التى لا يجاريها غيرها من الاثار ولها طقوس خاصة بروحانيات شهر رمضان المبارك 

ترتبط مساجد الاسكندرية ارتباطا وثيقا بشهر رمضان ، فهى ليست مجرد مساجد معمارية بل هى رموز دينية وثقافية تشهد على تاريخ المدينة العريق لذلك تقدم " بوابة الوفد " حكايات مساجد الروحانيات بالاسكندرية "

وحكايتنا اليوم لمسجد القائد إبراهيم الإسكندرية من أقدم المساجد التي بُنيت بمنطقة محطة الرمل ، فذلك المسجد يُعد من الأعمال الفذة التي مزجت بين تقاليد العمارة المملوكية وبعض العناصر الشهيرة في العمارة الأندلسية؛ فلقد جاءت عقود الواجهة التي تُزين المسجد على غرار العقود الأندلسية المفصصة، في حين احتفظت القبة بأعلى المحراب والمئذنة والشرفات بالطابع المملوكي المُميز، ويعود تاريخ المسجد إلى فترة الأربعينات حيث تم تصميمه على يد موهبة معمارية منفردة، وأحد أكبر فناني العمارة الإسلامية خلال النصف الأول من القرن العشرين ألا وهو المهندس ماريو روسي الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة، وبُني المسجد في الذكرى المئوية لوفاة القائد إبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر عام 1948 ميلادياً، ويشتهر الجامع بمئذنته الطويلة الرشيقة والزخارف المنتقاة من العصور المُختلفة ولا سّيما الساعة الموضوعة بالواجهة كتقليد جديد آنذاك غير مُتبع، ويتربع مسجد القائد إبراهيم بوسط الإسكندرية جاذباً المُصلين من كافة أنحاء المحافظة  خصوصاً في شهر رمضان، ويوجد بجوار الجامع دار مناسبات تابعة له مُطلة على كورنيش الإسكندرية.

ويعتبر مسجد القائد إبراهيم وسط الإسكندرية، من أشهر المساجد بالمحافظة، وكانت تقام فيه  صلاة التراويح والتهجد في شهر رمضان، حيث كان  يأتيه المصلون من مناطق متعددة بالآلاف.

عندما تدخل المسجد وتتجول فيه تجد ان يحتوى  المسجد على زخارف من عصور مختلفة وملحق به دار مناسبات ويطل على كورنيش الإسكندرية ومقر المركز الإقليمى لصحة المرأة وحديقة الخالدين، كما يمكن رؤية المئذنة الشهيرة من ميدان محطة الرمل ، كما شهدت ساحة المسجد أحداث ثورة 25 يناير وجمعة الغضب، و كان مركز لتجمع المتظاهرين فى ثورة 30 يونيو وهو مركز انطلاق المظاهرات والمسيرات .

كانت قد اختلفت ملامح صلاة التراويح بالإسكندرية، مقارنة بالسنوات الماضية، فلم يعد الآلاف يصطفون بساحات أشهر مساجدها وقِبلة ثوارها “القائد إبراهيم”، للقيام بصلاة التراويح خلال شهر رمضان المُعظم، حيث اكتفى المُصلين هذا العام بالصلاة داخل المسجد والذي يسع 1000 مُصل فقط، في حين أن السنوات الماضية كان يسع لأكثر من 8 ألاف مُصل بعد الاستعانة بساحات المسجد، بل كانت تصل في بعض الأحيان لـ 10 ألاف مُصل، حينما يستعين المُصلين بطريق الكورنيش.

 

قال عبد المنعم سعد احد رواد مسجد القائد ابراهيم 

ان الشهر الفضيل له إحساس مختلف مع إقامة التراويح، أهم الشعائر في شهر الصيام، مشيرًا إلى أن مسجد القائد إبراهيم تحديدًا له تاريخ عريق في مصر والدول العربية، حيث يأتي إليه المصلون من كل مكان، إذ يتواجد بالمسجد جو روحاني قلما يوجد في مكان آخر، وبالذات في شهر رمضان شهر الطاعة والرحمات.

واضاف ان المسجد يتميز بروحانيات عالية وإيمانيات رائعة خصوصًا مع ما تقدمه وزارة الأوقاف من أئمة متميزين في الصوت والحفظ والإتقان تهنوا إليهم القلوب وتدمع مع قراءتهم العيون، حتى أضحى المسجد علامة مميزة في محافظة الثغر عروس البحر الأبيض المتوسط.

كشف ان  قلة عدد المُصلين إلى غياب الشيخ حاتم فريد الواعر عن إمامة المسجد بالأعوام القليلة الماضية، والذي كان يؤم المُصلين خلال شهر رمضان الكريم ، فكان صوته العذب يجمع شمل كافة مواطني الإسكندرية، أثناء صلاة التراويح وصلاة التهجد، ولكن تم منعه من إمامة المسجد كونه ليس أزهري

واضاف كان  يُصنف مسجد القائد إبراهيم كأشهر مسجد على الإطلاق بمحافظة الإسكندرية، وبشكل خاص في إقامة التراويح والتهجد في شهر رمضان، حيث يقصده المصلون من مُختلف أنحاء المعمورة وتصل ضخامة أعداد المصلين ولا سّيما في العشرة الأواخر من شهر رمضان إلى الآلاف، ويصطف المصلون حول المسجد إلى الميادين المجاورة والكورنيش مما يؤدي إلى شلّ حركة المرور بحيث تُغلق الشوارع لكثافة عدد المصلين.

يُمكنك حضور الاحتفالات الدينية مثل الحلقات التي تُقام في المسجد للاحتفال بذكرى المولد النبوي، إلى جانب الندوات التي تُعقد للتعريف بالدين الإسلامي وغيرها من الدورات التعليمية والتربوية.

ويُعد مسجد القائد إبراهيم من أبرز الأماكن الهادئة للقيام بالعبادة والاسترخاء إذ يضم المركز مصلى للرجال وآخر للنساء، كما تهتم إدارة المسجد بتعليم الأطفال العلوم الإسلامية والشرعية.

ومما زاد من شهرة مسجد القائد إبراهيم هو وقوعه ضمن زُمرة من أشهر المزارات السياحية، فمن كل اتجاه ستجد رمز محوري من أهم معالم الإسكندرية، فبالقرب منه توجدة مكتبة الإسكندرية الجديدة هذا إن كنت من عُشاق القراءة ومُحبي الاطلاع والتي تبُعد 1.5 كم، أما إن كنت ممن تجذبه الآثار والأماكن التراثية فبإمكانك التوجه إلى المسرح الروماني ويستغرق فقط 9 دقائق بالسيارة.

قال الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التاريخ المعاصر والحديث، ونقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، إن مسجد القائد إبراهيم، واحد من المساجد الهامة بمحافظة الإسكندرية الذي كان وراء بنائه قصة، وأنه لم يكن مخطط بناء أي مسجد في المنطقة التي شيد بها، حيث كانت منطقة خالية لفترة كبيرة وكانت تابعة للكرانتينا.

 

وأضاف  أن قصة المسجد بدأت مع تولي الملك فاروق حكم مصر رسميا عام 1936، وعند زيارته لمدينة الإسكندرية وتفقد شوارعها رأي المواطنين يفترشون ميدان محطة الرمل «سعد زغلول» للصلاة في الشارع، وكان هناك مطالبات من الأهالي بتواجد مسجد، فوجه الأوقاف ببناء مسجد في هذه المنطقة.-

وتابع أنه بعد تفكير استقرت الأوقاف في عام 1941، على بناء مسجد بمنطقة ميدان محطة الرمل أمام منشأة المعارف، وإطلاق إسم جامع «الميناء الشرقي» عليه لإطلالته على الميناء، ولكن ظهرت بعض المعارضات حينها، أولها أن المكان الذي خُصص للمسجد مساحته صغيرة، فضلًا عن أن تلك المنطقة بها محلات كثيرة و بعضها يبيع الخمور في تلك الفترة لذا اعترضت المحلات على إقامة المسجد في ذلك المكان، ليعقب ذلك إندلاع الحرب العالمية الثانية، والتي عانت الإسكندرية خلالها من مشاكل كثيرة لينتهي الأمر بعدم إنشاء المسجد بسبب الأحداث المتعاقبة.

وأوضح" عاصم " أن في عام 1948 كان هناك حدث هام، وهو الذكرى المئوية لوفاة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا، وتوافق ذلك مع إقبال مصر على المشاركة في حرب فلسطين.

لذا قرر الملك فاروق إعادة فكرة بناء مسجد في مدينة الإسكندرية، يحمل إسم إبراهيم باشا تخليدا لذكراه، ووقع الاختيار على المكان الذي عليه المسجد الآن، والذي كان يقع أمام القنصلية البريطانية في تلك الفترة، حيث تم البدء في بناء المسجد عام 1948، بهدف إحياء ذكرى مئوية إبراهيم باشا، ورجوع فكرة القائد إبراهيم محارب الأسرة العلوية وتذكير الشعب بتاريخه، خاصة مع توافق توقيتها بدخول مصر حرب فلسطين، حيث كان الهدف من بناء المسجد هدف سياسي عن جدارة لبث الحماس في الشعب المصري.

وتابع أستاذ مساعد التاريخ المعاصر والحديث، أنه عقب ما تم في حرب فلسطين أصبح الهدف السياسي الذي بني من أجله المسجد غير موجود، وتم الإنتهاء من المسجد في 1951، حيث أرسل الملك فاروق وزير الأوقاف مندوبا عنه لافتتاحه، وتم ذبح الذبائح وتوزيع لحومها على الفقراء، وتوزيع النقود على العمال، وافتتح المسجد في هدوء تام.