آسيا.. امرأة تحدت جبروت فرعون وسجلها القرآن رمز الصبر والإيمان

في أروقة قصر فرعون، حيث السلطة والترف، سطرت امرأة مؤمنة قصة من أعظم قصص الثبات على الحق، إنها آسيا بنت مزاحم، زوجة الطاغية الذي ادّعى الألوهية، لكنها اختارت طريق الإيمان، متحدية جبروته وطغيانه، لتصبح نموذجًا خالدًا للمرأة الصابرة الصامدة.
أم موسى بالتبني.. وقلب ينبض بالإيمان
حينما ألقى النهر بموسى عليه السلام إلى قصر فرعون، كان قرار آسيا واضحًا منذ اللحظة الأولى، إذ رأت فيه نورًا لم يره غيرها، فأقنعت فرعون بعدم قتله، قائلة:
"قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا" (القصص: 9).
كبر موسى في كنفها، وكانت ترى فيه الخير والحق، لكن حين جاءته النبوة، لم تتردد آسيا في تصديقه والإيمان برسالته، رغم إدراكها أن ذلك يعني مواجهة قسوة فرعون.
إيمان تحت العذاب
لم يكن إيمان آسيا بالله سرًا، بل وقفت في وجه فرعون بكل شجاعة، متحدية سلطته، فكان رد فعله قاسيًا، حيث تعرضت لأشد أنواع التعذيب. ومع ذلك، لم تتزعزع، وظلت تردد دعاءها الشهير الذي سجله القرآن الكريم:
"رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (التحريم: 11).
قدوة للنساء والمؤمنين في كل زمان
لم تكن آسيا مجرد زوجة ملك أو امرأة عاشت في رفاهية القصور، بل كانت رمزًا للصبر والإيمان والثبات على المبدأ، رغم كل التحديات التي واجهتها.
فضرب الله بها مثلًا خالدًا، ليظل اسمها محفورًا في كتابه الكريم، وليتخذها المؤمنون نموذجًا في التمسك بالحق مهما كانت العواقب.
قصة آسيا بنت مزاحم لم تكن مجرد حكاية تاريخية، بل هي رسالة لكل من يسعى للثبات على الحق، وتذكير بأن الإيمان الصادق لا يضعف أمام التهديد أو الترهيب، بل يسمو بصاحبه حتى يصل إلى جنات النعيم.