حفنة كلام
زينة رمضان
هذه الطقوس المفرحة ربما لن تراها فى مكان آخر، الأطفال والكبار يعلقون زينة رمضان بفرح، يشترك الجميع فى صنعها وتعليقها، عندما كنا صغاراً كنا نجرى إلى مسجد القرية قبل دخول الكهرباء قريتنا لنشاهد الشيخ خليل أبا جلال مؤذن المسجد وهو يصعد إلى المئذنة بجلبابه الأبيض كى يؤذن المغرب، يركض كل منا إلى بيته فرحاً ونحن نردد «افطر يا صائم، الكعك عايم» تبدأ هذه الفرحة بإعلان المفتى أن غدا أول أيام شهر رمضان، منذ ذلك الإعلان تفتح المنادر للسهر بعد أداء صلاة التراويح، وبعدها بقليل نسمع المسحراتى بطبلته وإيقاعه وكلماته المرتجلة الجميلة؛ هنالك أكلات ومشروبات مصرية لا تجدها إلا فى شهر رمضان، الكنافة، الزلابية والقطايف، مشروب الدوم والسوبيا والعرقسوس والخروب، جلسات السمر وتجمع الأقارب والأصدقاء بالمنادر بعد صلاة التراويح التى كانت تنقسم إلى قسمين؛ قسم يذهبون للصلاة خلف إمام يصلى عشرين ركعة، ويطول فى الصلاة، وآخر يصلى عشرين ركعة بقصار السور أو بآية واحدة، وقد اكتظ مسجده بالمصلين، بينما ظل مع الإمام المطول عدد قليل؛ هذه الفرحة بشهر رمضان والزينات والتهانى والأغانى ليست مستقدمة مع الفاطميين كما روج البعض، ولكنها من صميم روح الشعب المصرى الذى يحب الفرح ما وجد للفرح سبيلاً، وليس كما قيل إنه يميل للحزن، ربما ضغط الحياة مالت به نحو الحزن، لكنه فرح بطبعه، وقد يوجد الفرح من خلال طقوس الزواج أو يضفى عليها مسحة دينية كهلال رمضان ولياليه، والمولد النبوى ولياليه الربيعية، ومجالس الذكر الصوفية التى يختلط فيها الشعر والحركة ناهيك عن المرماح للخيالة وللخيول، ولعبة التحطيب، وكلها رياضات روحية وجسدية ينسى فيها همومه ويغسل جراح روحه وأحزانه، ومن ينظر إلى تدين المصريين واحتفائهم بالطقوس الدينية يجد هذا الحب لله وللدين وللأولياء الذين يحتفى بموالدهم ليقيم فرحه ويحتمى بشهر رمضان وربيع الأول ليعلق زيناته وأفراحه. وإذا كانت هذه الطقوس فاطمية فلماذا لم نرها فى بلادهم؟ الصبغة المصرية فى طقوس الأفراح هى التى جعلت «رمضان فى مصر حاجة تانية»
< مختتم الكلام
قلوب العارفين لها عيون
ترى ما لا يراه الناظرون
badranm@hotmail. com