دراسة تكشف لون سطح المريخ الحقيقي

منذ العصور القديمة، كان الإنسان على دراية بكوكب المريخ، الذي يعد الكوكب الرابع في ترتيب المسافة من الشمس.
ورغم المسافة الهائلة التي تفصلنا عنه، والبالغة حوالي 140 مليون ميل، فقد تمكن علماء الفلك من دراسة هذا الكوكب الأحمر بشكل مكثف.
كان لون المريخ الأحمر، الذي يثير الإعجاب، يُعزى تقليديًا إلى غبار أحمر منتشر على سطحه، وهو ما أطلق عليه العلماء "الصدأ" أو أكسيد الحديد. إلا أن بحثًا جديدًا من وكالة الفضاء الأوروبية يغير الفهم التقليدي لهذه الظاهرة ويقدم تفسيرًا أكثر دقة.
وفقًا لأدوماس فالنتيناس، الباحث في جامعة براون، فإن "المريخ يظل الكوكب الأحمر، لكن فهمنا لما يسبب لونه الأحمر قد تطور بشكل كبير". في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Communications، يناقش العلماء كيف أن الغبار الأحمر الذي يغطي سطح المريخ ليس مجرد أكسيد الحديد التقليدي، بل يحتوي على معادن أخرى كانت مغمورة بالماء في فترات تاريخية قديمة.

الغبار على المريخ، الذي كان يُعتقد أنه يتكون فقط من أكسيد الحديد البسيط، يحتوي الآن على معدن جديد يُعرف باسم فيريهيدريت، وهو أكسيد حديدي مائي، يتكون في وجود الماء البارد. وعليه، فإن اللون الأحمر المميز للمريخ يرجع إلى أكاسيد الحديد التي تحتوي على الماء، وليس مجرد غبار الصدأ كما كان يُعتقد سابقًا.
وأظهرت الدراسة أن هذا المعدن يتشكل في بيئات باردة، مما يعني أن المريخ شهد وجود الماء على سطحه في وقت أبكر مما كان يُعتقد في السابق.
في هذه الدراسة، قام الباحثون باستخدام تقنيات متقدمة لإعادة إنشاء غبار المريخ في المختبر، من خلال مطحنة متطورة تقطع الغبار إلى جزيئات دقيقة جدًا. ثم تم مقارنة هذه العينات مع البيانات التي تم جمعها من المركبات الفضائية التي تدور حول المريخ، مثل مسبار Trace Gas Orbiter التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، ومسبار Mars Reconnaissance Orbiter التابع لوكالة ناسا، وكذلك المركبة الجوالة Perseverance.
وتؤكد النتائج أن الفيريهدريت يمكن أن يكون مستقرًا في الظروف الحالية على سطح المريخ، ويشير إلى أن الكوكب كان يحتوي على ماء سائل في الماضي. هذه الاكتشافات قد تساعد العلماء في فهم تاريخ المريخ بشكل أفضل، وكيفية تأثير الماء على تشكيل معالمه الجغرافية، وكذلك إمكانية وجود حياة على الكوكب في أزمنة سابقة.
وبينما يواصل العلماء جمع البيانات من المريخ، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي تتطلب إجابات. فالعينات التي جُمعت حديثًا بواسطة المركبات الفضائية تنتظر العودة إلى الأرض، ومن المتوقع أن تساعد هذه العينات في قياس كمية الفيريهدريت بشكل دقيق، مما قد يفتح المجال لفهم أعمق لتاريخ الماء والحياة على المريخ.
ويعيد هذا البحث رسم حدود معرفتنا بكوكب المريخ، ويعكس كيف أن الأدوات العلمية الحديثة قادرة على تغيير وتحديث مفاهيمنا حول أجسامنا السماوية.