حكم صيام الإثنين والخميس بنية القضاء أو النفل.. الإفتاء توضح

صيام يومي الإثنين والخميس من النوافل المستحبة التي كان النبي ﷺ يحرص عليها، وقد يتزامن ذلك مع الحاجة إلى قضاء أيام فُطرت في رمضان لأسباب شرعية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية التطوع عند صيام هذين اليومين؟ وما هو الحكم الشرعي لمن تصوم الإثنين والخميس بنية "إن كان عليَّ قضاء فهو قضاء، وإلا فهو نفل"؟
في هذا التحقيق الصحفي، نستعرض فتوى فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، الصادرة عن دار الإفتاء المصرية بتاريخ 5 أكتوبر 2023، والتي تحمل رقم 7987، مع توضيح الأسس الفقهية لهذا الحكم بناءً على آراء الفقهاء من مختلف المذاهب الإسلامية.
أنواع الصيام وأحكامه
قبل الإجابة عن السؤال المطروح، من المهم توضيح أنواع الصيام من حيث الحكم التكليفي، وهي:
- الصيام الواجب: يشمل صوم شهر رمضان، صوم النذر، وصيام الكفارات.
- النفل الراتب: وهو الصوم الذي له زمن معين، مثل صيام يوم عرفة، يوم عاشوراء، ستة أيام من شوال، والإثنين والخميس.
- النفل المطلق: وهو الصيام غير المقيد بزمن معين، مثل صيام أي يوم من أيام السنة باستثناء الأيام المحرمة كالعيدين.
صيام الإثنين والخميس
يُعد صيام يومي الإثنين والخميس من النفل الراتب، وقد وردت أحاديث صحيحة في فضله، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم" (رواه الترمذي).
حكم الجمع بين نية القضاء والتطوع
جاءت فتوى دار الإفتاء المصرية لتوضيح المسألة، حيث أكدت أن:
- من صامت يومي الإثنين والخميس بنية: "إن كان عليَّ قضاء فهو قضاء، وإلا فهو نفل"، فإن صيامها يقع عن القضاء إن كان في ذمتها صيام واجب، وإن لم يكن، فيكون نفلًا.
- ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا الأمر عادة مستمرة، بل يُفضَّل تحري الأيام التي يجب قضاؤها بحيث يكون الصوم بنية جازمة، إما للقضاء أو للنفل، وذلك إبراءً للذمة ومنعًا للوساوس والتردد في العبادة.
أقوال الفقهاء في المسألة
اتفق جمهور الفقهاء على ضرورة الجزم بالنية عند أداء الصيام الواجب، سواء كان قضاءً عن رمضان، أو نذرًا، أو كفارة، لكنهم اختلفوا في صحة الصيام إذا نوى الشخص صيام يوم معين بنية القضاء أو التطوع معًا:
- المذهب الحنفي: يرى الإمام أبو يوسف أن الصيام يقع عن القضاء، لأن تعيين القضاء أولى من النفل، لكن الإمام محمد بن الحسن يرى أن التردد بين النيتين يجعله نفلًا فقط.
- المذهب المالكي: يشترط الجزم بالنية لصحة القضاء، فمن نوى الصيام ولم يحدد هل هو قضاء أو نفل، فإنه يُحسب نفلًا.
- المذهب الشافعي: يشترط التعيين في النية، فلا يصح أن يكون الصيام مترددًا بين القضاء والتطوع.
- المذهب الحنبلي: يرى أن التردد بين النيتين يُبطل القضاء، لكن في رواية أخرى يُحتسب الصوم نفلًا.
بناءً على ذلك، فإن صيام الإثنين والخميس بنية "إن كان عليَّ قضاء فهو قضاء، وإلا فهو نفل"، يعد صحيحًا عند بعض الفقهاء، لكنه لا يُحقق الجزم المطلوب في نية القضاء عند الجمهور.
الرأي الفقهي النهائي
دار الإفتاء المصرية أكدت أن هذا الصيام صحيح من حيث الجواز، لكن يُفضل تحري الأيام التي على المسلم قضاؤها، بحيث يكون الصيام بنية قاطعة لتجنب الشكوك والوساوس.
وينصح الفقهاء بأن من كان عليه قضاء من رمضان، فالأفضل له أن يعقد النية الجازمة على القضاء، ولا يجعل صيامه مترددًا بين القضاء والنفل، وذلك لإبراء الذمة بشكل يقيني.
من خلال هذه الفتوى، يتضح أن الجمع بين نية القضاء والتطوع في صيام الإثنين والخميس يجوز لكنه ليس الأفضل.
فمن كان عليه قضاء، فالأحوط أن ينوي القضاء بشكل قاطع حتى يؤدي الفرض كما هو مطلوب شرعًا.
أما من لم يكن عليه قضاء، فيبقى صيامه نافلة مستحبة يتقرب بها إلى الله.
لذا، يُنصح المسلمون بالحرص على وضوح النية، خاصة في العبادات المفروضة، حتى لا يكون هناك مجال للشك أو الوسوسة، وليحصلوا على الأجر كاملاً سواء في القضاء أو في التطوع.