بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

بين آية دخول النعيم بالأعمال وحديث "لن يدخل أحدكم عمله الجنة".. الإفتاء توضح

بوابة الوفد الإلكترونية

في فتوى جديدة صادرة عن دار الإفتاء المصرية، أجاب فضيلة الدكتور نظير محمد عياد عن سؤالٍ حول كيفية التوفيق بين قول الله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 32]، وبين الحديث النبوي الصحيح: "لن يُدْخِلَ أحدَكم عملُه الجنة"، حيث أكد أن الحديث النبوي متفقٌ عليه، وليس هناك تعارض بينه وبين الآيات التي تشير إلى دخول الجنة بالأعمال.

المعنى الحقيقي للحديث والآية

أوضح فضيلة المفتي أن المنفي في الحديث هو فكرة "المقابلة والعِوَض"، أي أن دخول الجنة ليس بمثابة صفقة تجارية يُدفع فيها ثمن محدد (الأعمال الصالحة) مقابل الجنة، لأن نعيم الجنة لا يُقارن بأعمال الإنسان مهما كثرت. فالجنة دار الخلود ونعيمها لا نهاية له، في حين أن أعمال الإنسان محدودة ومتناهية، ولذلك فهي ليست ثمنًا لها.

أما الآيات التي تشير إلى دخول الجنة بالأعمال، فإنها تعني أن هذه الأعمال هي سبب في شمول رحمة الله للعبد، أي أن الله يُدخل العبد الجنة برحمته، ولكنه يُرتِّب المنازل والدرجات داخلها بحسب الأعمال الصالحة. 

فهناك فرق بين كون الأعمال "ثمنًا" لدخول الجنة، وهذا منفي، وبين كونها "سببًا" في نيل رحمة الله ورفع الدرجة في الجنة، وهذا مثبت في القرآن الكريم.

دليل من السنة النبوية

استشهدت دار الإفتاء بحديث صحيح أخرجه الشيخان عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لن يُدْخِلَ أحدًا الجنةَ عملُه". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل".


وهذا يدل على أن حتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم البشر عملًا وعبادةً، لم يعتمد على أعماله وحدها، بل على رحمة الله وفضله.

رأي العلماء في التوفيق بين الحديث والآية

تناولت كتب التفسير والحديث هذه المسألة وأوضحت عدم وجود تعارض، ومن ذلك ما قاله الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب":
"العمل لا يوجب دخول الجنة لذاته، وإنما يوجبه لأجل أن الله بفضله جعله علامة عليه ومعرفة له."

كما قال الإمام ابن كثير في تفسيره:
"أعمالكم الصالحة كانت سببًا لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يُدْخِل أحدًا عملُه الجنةَ، ولكن برحمة الله وفضله، وإنما الدرجات تُنال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحة."

وأوردت دار الإفتاء أيضًا حديثًا قدسيًا عن عبدٍ من عباد الله عبد الله خمسمائة عام، ثم عند الحساب أمر الله أن يُدخل الجنة برحمته، فاعترض العبد قائلًا: "بل بعملي"، فأمر الله الملائكة بمقارنة نعمة البصر التي منحها له وحدها مع عبادته طوال حياته، فوجد أن نعمة البصر وحدها تفوق كل عمله، فحُكم عليه بالنار لولا رحمة الله التي أدخلته الجنة في النهاية.

 

أكدت دار الإفتاء أن دخول الجنة يتحقق برحمة الله، لكن الأعمال الصالحة هي السبب في نيل هذه الرحمة، كما أن الدرجات والمنازل في الجنة تُحدد بناءً على الأعمال. ولذلك، على المسلم أن يجتهد في العمل الصالح مع إدراك أن الفضل والمنة لله وحده، وأنه لا بد من الاستعانة برحمة الله وطلب مغفرته للفوز بالجنة.