أمر بريطاني يجبر آبل على إنشاء باب خلفي في iCloud

مخاوف من تأثير عالمي لأمر المراقبة البريطاني أثار أمر المراقبة الذي أصدرته المملكة المتحدة لشركة آبل موجة من الجدل، حيث يُلزم الشركة بإنشاء باب خلفي يتيح الوصول إلى البيانات المشفرة في خدمة iCloud.
هذا القرار لا يهدد خصوصية المستخدمين في بريطانيا فقط، بل يمكن أن يمتد تأثيره ليشمل جميع مستخدمي آبل Apple حول العالم، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين.
تحركات الكونجرس الأمريكي للرد على القرار:
بعد أيام قليلة من التحذيرات التي أطلقها خبراء الأمن، تحرك الكونجرس الأمريكي لاتخاذ إجراءات حيال الأمر، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، أرسل كل من السيناتور رون وايدن (ديمقراطي من أوريجون) والنائب آندي بيجز (جمهوري من أريزونا) خطابًا إلى مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، يطالبان فيه بإجراءات تحد من التعاون الاستخباراتي مع المملكة المتحدة في حال عدم تراجعها عن القرار.
وورد في الخطاب أن "إجبار آبل على بناء باب خلفي في منتجاتها سيؤدي إلى تعريض بيانات المواطنين الأمريكيين للخطر، بالإضافة إلى بيانات العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية". وأضاف المشرّعان أن الولايات المتحدة يجب ألا تسمح "بهجوم إلكتروني أجنبي يتم شنه من خلال وسائل سياسية".
مشروع قانون جديد لتقييد الطلبات الأجنبية:
في محاولة للحد من تأثير الأمر البريطاني، يقوم السيناتور وايدن بتقديم مشروع قانون معدل لقانون CLOUD لعام 2018. يقترح التعديل أن أي طلب للحصول على بيانات من شركات أمريكية يجب أن يمر أولًا عبر أمر قضائي في البلد الذي يُصدر الطلب منه.
كما يسعى المشروع إلى منع الدول الأجنبية، مثل المملكة المتحدة، من فرض تغييرات على بروتوكولات التشفير الخاصة بمنتجات الشركات الأمريكية، مع إعطاء المحاكم الأمريكية الاختصاص القضائي للنظر في أي طعون تتعلق بهذه الطلبات.
ما هو الأمر البريطاني؟
وفقًا لتقرير واشنطن بوست، تطالب المملكة المتحدة شركة آبل بإنشاء باب خلفي لميزة "الحماية المتقدمة للبيانات"، التي تم تقديمها في iOS 16.2 عام 2022. توفر هذه الميزة تشفيرًا شاملاً لبيانات iCloud مثل النسخ الاحتياطية، الرسائل، الملاحظات، والصور، مما يجعلها غير قابلة للوصول حتى من قبل آبل Apple نفسها. وبموجب الأمر الجديد، ستضطر الشركة إلى تزويد السلطات البريطانية بإمكانية الوصول الكامل إلى البيانات المشفرة.
تم إصدار الأمر استنادًا إلى قانون سلطات التحقيق لعام 2016، المعروف باسم "ميثاق المتطفلين"، والذي يوسع صلاحيات المراقبة الإلكترونية لوكالات الاستخبارات البريطانية. ووفقًا لهذا القانون، يُعتبر الكشف عن استلام الأمر جريمة جنائية، ما يمنع Apple من التعليق عليه علنًا.
تحذيرات خبراء الأمن من العواقب المحتملة:
حذر خبراء الأمن من أن تنفيذ هذا الباب الخلفي قد يُعرّض بيانات مستخدمي Apple حول العالم لخطر القرصنة والتجسس من قبل جهات أجنبية أو قراصنة إلكترونيين. وصرح كيران مارتن، الرئيس التنفيذي السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة، بأن "ما تقترحه الحكومة البريطانية سيؤدي إلى إضعاف الأمن الرقمي للجميع، ليس فقط داخل المملكة المتحدة، بل في جميع أنحاء العالم".
موقف Apple وإمكانية الطعن:
تلقت Apple مسودة الأمر في العام الماضي عندما بدأت الحكومة البريطانية بمناقشة التعديلات المقترحة. في مذكرة احتجاجية، أكدت الشركة أن هذا القرار قد يجبرها على "سحب ميزات أمنية رئيسية علنًا من السوق البريطانية"، مما قد يكون له تأثير سلبي على خصوصية المستخدمين عالميًا. وعلى الرغم من أن الشركة تستطيع الطعن في القرار، إلا أن ذلك لن يمنع تنفيذ الأمر خلال فترة الاستئناف.
يشكل الأمر البريطاني سابقة خطيرة قد تؤثر على مستقبل التشفير والخصوصية الرقمية عالميًا. وبينما تحاول الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات لحماية بيانات مواطنيها، يبقى السؤال الأهم: هل ستستطيع Apple الحفاظ على التزامها بحماية خصوصية المستخدمين، أم أن القوانين الجديدة ستجبرها على تقديم تنازلات غير مسبوقة؟