بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

أمريكا ... وسيناريو تهجير غزة


 

الصراع الدائر في غزة اليوم بين حماس وإسرائيل لا يمكن اختزاله في معادلة النصر والهزيمة. نحن أمام مرحلة جديدة قد تعيد رسم الخارطة السياسية في المنطقة، وقد تكون نهاية لحقبة الإسلام السياسي كما عرفناها، وهو ما يمهد لنهج سلام جديد سيفرض بالقوة. هذه الرؤيةالإسرائلية الأمريكية  ليست جديدة، وجاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليؤكدها مؤخراً.

السلام الذي تريده أمريكا و يتم الحديث عنه لن يشمل غزة، وإنما سيتركز على الفلسطينيين في الضفة الغربية وإسرائيل بمشاركة العالم العربي هذا النهج هو ما تريد أمريكا فرضه بالقوة، ولن يكون لغزة دور فيه. ما يجري في غزة اليوم ليس سوى جزء من مشهد أكبر يعيد تشكيل ملامح المنطقة حيث المصالح السياسية والاقتصادية تحكم ، إسرائيل بعد أن تحقق جميع أهدافها العسكرية والسياسية في غزة ستسلم ملفها للإدارة الأمريكية وجهة دولية ومن ثم ستنسحب لكن هذا السيناريو ليس وشيكاً الأن وسيتم تأجيلة بعض الوقت 

نص إتفاق غزة بات مكشوفًا أمام الجميع، واتضح ضعفه وهشاشته. فهو اتفاق سهل الاختراق وغير قابل للتطبيق طالما أن إسرائيل وأمريكا لم يحققا كامل أهدافهما في غزة ، ومن الواضح أن الهدف الأساسي لإسرائيل حاليًا هو استعادة جميع الرهائن الإسرائيليين، سواء كانوا أحياء أو أموات. وما عدا ذلك، سيُترك الاتفاق عرضة للاختراق، أما الحديث عن مفاوضات قادمة فهو مجرد وهم فبعد تسليم الرهائن الإسرائيليين لن يكون هناك مجال لأي مفاوضات .

أما بالنسبة لسكان غزة، فإن مصيرهم قد يكون مرتبطاً بخروجهم التدريجي من القطاع، وعلى مراحل بقرار ذاتي أو دولي. قضية إعادة إعمار غزة لن تكون لصالح الفلسطينيين بل ستكون مرهونة بشروط الدول الداعمة والحليفة لأمريكا وإسرائيل. ما يجري في غزة اليوم ليس سوى جزء من مشهد أكبر يعيد تشکیل ملامح المنطقة، حيث المصالح السياسية والاقتصادية تحكم

ما تخطط له أمريكا هو إعادة بناء غزة لأمريكا وليس للفلسطينيين  فالتطلعات الواقعية تختلف عن الأمنيات فما يحدث في غزة قد يعيد رسم الخارطة السياسية في المنطقة، وقد تكون نهاية لحقبة الإسلام السياسي كما عرفناها وهو ما يمهد لنهج سلام جديد سيفرض بالقوة، كما أن قضية إعادة إعمار غزة لن تكون لصالح الفلسطينيين بل ستكون مرهونة بشروط الدول الداعمة والحليفة لأمريكا وإسرائيل.

أمريكا تعتقد أن حماس ضعفت  كقوة عسكرية وسياسية فاعلة، لكن إسرائيل ما زالت تعمل على تحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى في غزة، أحد أبرز السيناريوهات هو فتح المعابر أمام سكان غزة للهجرة الطوعية. هذه الخطوة لن تُنتج لاجئين بالمعنى التقليدي، بل سيجري دمج الغزيين كمواطنين في الدول التي يلجؤون إليها. بهذه الطريقة تحاول إسرائيل تجنب تكرار تجربة نكبة عام 1948 التي أفرزت ملايين اللاجئين الفلسطينيين ومؤسسات إغاثة دائمة. وإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل جذري وهو أحد أهداف إسرائيل منذ أحداث 7 أكتوبر

أما بالنسبة لإعادة تشكيل حكم غزة. فالسيناريو الأمريكي المطروح قد يتضمن تقسيم غزة بين قوى دولية، عربية، وأمريكية، مع تمثيل فلسطيني محدود. الهدف النهائي قد يكون تحويل غزة إلى منطقة ذات سيطرة أمريكية مباشرة، بما يتيح لواشنطن تنفيذ مشاريع اقتصادية وأمنية طويلة المدى،  مع تحويلها إلى منطقة اقتصادية شبيهة بسنغافورة  خلال عقد أو أكثر، لتغيير طبيعة المنطقة بأكملها.

ما يحدث الأن في غزة هو مرحلة تدمير لبعض الأماكن، مع العمل على دفع الغزيين لمغادرة غزة تدريجيًا وعلى مدار سنوات بطريقة تبدو طوعية. وسيتم تفتيت الحكم في غزة عبر إدخال قوات متعددة الجنسيات بقيادة أمريكية  ووجود فلسطيني جزئي لا يتمثل بالسلطة الفلسطينية، مع دور بارز للمؤسسات الفلسطينية الاقتصادية في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار.

و لن تتردد إسرائيل  في فتح معابرها لخروج الغزيين، لكنها لن تسمح لهم بالعمل داخل أراضيها. ستصبح الحياة في غزة مستحيلة، مما سيدفع السكان إلى مغادرتها طوعًا وخلال عشر سنوات لن يبقى فيها سكان

كما أن الإعمار  في غزة قد يكون على أطراف غزة وفي شمالها، وتحت إشراف شركات عالمية ومؤسسات أمريكية، وسيتضمن إنشاء ميناء، مطار، منتجعات سياحية، ومناطق تجارية. وقد تصبح أمريكا صاحبة النفوذ الأكبر في غزة، وستختفي تدريجيًا الأخبار عنها. ولن يسمع أحد صوت الغزيين سوى عبر أخبار خفيفة بين الحين والآخر.كما أن الصدى الإعلامي سيتوقف والغزيون سيعانون من واقعهم القاسي بصمت والهدف هو مغادرتهم غزة بلا ضجيج.