مخاطر مخفية.. "أوبر" وأخواتها تهدد الأمان في مصر

شهدت تطبيقات النقل الذكية وأشهرها "أوبر، كريم، دي دي" انتشارًا واسعًا في مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث قدمت حلولًا بديلة لوسائل النقل التقليدية، ورغم المزايا العديدة التي توفرها هذه التطبيقات، إلا أن هناك مجموعة من السلبيات والمخاطر التي باتت تثير قلق المستخدمين وصُناع القرار على حد سواء.
انتشار خدمات النقل الذكي:
تُقدّر التقارير أن أكثر من 64% من المصريين يستخدمون خدمات النقل الذكي، مع وجود حوالي 250.000 سائق (كابتن) يعملون في هذا القطاع عبر مختلف الشركات، ومن بين أبرز شركات النقل الذكي العاملة في مصر "أوبر ، كريم، دي دي، سويفل، زووم كار، بولت، بروفيشنال تاكسي، إيجي تاكسي، تاكسي لندن، دابسي".
تعمل هذه الشركات على تقديم خدمات النقل الذكي في مختلف أنحاء الجمهورية، مما يعكس تنوع الخيارات المتاحة للمستخدمين، وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة حول عدد الشركات المرخصة في هذا القطاع منذ عام 2014 حتى الآن.
تعتمد هذه التطبيقات على ميزات الأمان مثل مشاركة تفاصيل الرحلة والتقييمات، إلا أن هناك عددًا من الحوادث التي كشفت عن ثغرات خطيرة في معايير السلامة، من بينها، حوادث تحرش وجرائم عنف، فقد تعرض بعض الركاب، خصوصًا النساء، لحالات تحرش أو اعتداء أثناء الرحلة، ورغم وجود خاصية تقييم السائقين، إلا أن ذلك لم يمنع تكرار هذه الحوادث.
كما أن هناك ضعفًا في إجراءات التحقق من هوية السائقين، فعلى الرغم من أن الشركات تشترط مستندات رسمية، إلا أن بعض السائقين يتمكنون من التسجيل باستخدام بيانات مزيفة أو سيارات مستعارة، مما يرفع من مخاطر الجريمة؛ بالإضافة إلى عدم فاعلية خدمة الطوارئ، فبعض المستخدمين اشتكوا من تأخر استجابة خدمة الدعم في حالات الطوارئ، مما يترك الركاب في موقف خطر دون تدخل سريع.
ورغم إصدار قانون تنظيم النقل الذكي، إلا أن بعض التطبيقات لا تمتثل لجميع الاشتراطات الحكومية، مما يجعلها تعمل دون رقابة كافية، فضلًا عن عدم وجود تعويضات واضحة للضحايا؛ ففي حال تعرض راكب لحادث أو سرقة أثناء الرحلة، قد يواجه صعوبة في الحصول على تعويض، حيث تعتمد الشركات على شروط خدمة قد لا تكون في صالح المستخدم.
أما بالنسبة للسائقين، تفرض التطبيقات عليهم عمولات تصل إلى 20-25% من إجمالي الرحلة، مما يقلل من أرباحهم، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف التشغيل مثل الوقود والصيانة، كما يعانون من عدم وجود مزايا تأمينية، فمعظمهم يعملون بشكل حر، مما يعني أنهم لا يحصلون على أي تأمين صحي أو معاشات أو مزايا تأمينية أخرى، مما يجعل مستقبلهم المهني غير مستقر، بالإضافة إلى عملهم لساعات طويلة تتجاوز 12 ساعة يوميًا، مما قد يؤثر على مستوى تركيزهم ويزيد من خطر الحوادث.
كما أثرت وسائل النقل الذكي سلبًا على نظيرتها التقليدية، فمع انتشار هذه التطبيقات، انخفضت أرباح سائقي التاكسي العادي، حيث يفضل الركاب استخدام التطبيقات لسهولة الدفع وتحديد السعر مسبقًا، وقد شهدت مصر احتجاجات من قبل سائقي التاكسي اعتراضًا على المنافسة غير العادلة من تطبيقات النقل الذكية.
يتعرض الركاب إلى تلاعب في الأسعار وعدم استقرار التسعير، فالتطبيقات تعتمد على نظام التسعير الديناميكي، الذي يرفع الأجرة تلقائيًا في أوقات الذروة أو عند ارتفاع الطلب، مما يجعل تكلفة الرحلة غير مستقرة، وأحيانًا يتم فرض رسوم إضافية مثل رسوم الازدحام أو رسوم الإلغاء، دون توضيح واضح للمستخدم، مما يثير شكاوى حول الشفافية، وفي بعض التطبيقات يتم التفاوض على السعر بين السائق والراكب، قد يرفض السائقون الرحلات بأسعار معقولة ويطالبون بمبالغ أعلى، مما يجعل الأمر غير منظم.
وعلى عكس ما كان متوقعًا، فإن تطبيقات النقل الذكي لم تقلل من الازدحام بل زادته، حيث دفعت الكثيرين لاستخدام السيارات الخاصة بدلًا من المواصلات العامة، ومع تزايد عدد سيارات التطبيقات على الطرق، ارتفع استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية، مما يؤثر سلبًا على البيئة.
وتقوم هذه التطبيقات بجمع بيانات حساسة عن المستخدمين، بما في ذلك مواقعهم وتفاصيل رحلاتهم، مما يثير مخاوف بشأن كيفية تخزين هذه المعلومات واستخدامها، كما تعرضت شركات نقل ذكي عالمية لهجمات إلكترونية أدت إلى تسريب بيانات المستخدمين، مما قد يعرضهم لعمليات احتيال وسرقة هوية.
مستقبل تطبيقات النقل الذكية في مصر:
لا يزال مستقبل تطبيقات النقل الذكية في مصر واعدًا، رغم هذه التحديات، خصوصًا مع التوسع في الرقمنة وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا في الحياة اليومية، ومع ذلك، فإن نجاح هذه التطبيقات يتطلب معالجة المشكلات المذكورة عبر، تشديد الرقابة على معايير السلامة والأمان، وتحسين ظروف عمل السائقين، وتوفير آليات أكثر شفافية لتحديد الأسعار، وتعزيز سياسات حماية البيانات الشخصية، والتعاون مع الحكومة لتخفيف تأثيرها السلبي على قطاع النقل التقليدي.