بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم

الغلاء‭ ‬يهدد‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬الخير‮»‬‭ ‬

بوابة الوفد الإلكترونية



مسئولو‭ ‬الجمعيات‭: ‬تراجع‭ ‬الصدقات‭ ‬عن‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭.. ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬طحن‭ ‬الجميع
تزايد‭ ‬الفقراء‭.. ‬وانخفاض‭ ‬أعداد‭ ‬المتبرعين‭ ‬
 


شهدت‭ ‬الأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة،‭ ‬التى‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬سلبى‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬فى‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للمحتاجين،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التى‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬معظم‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وانعكس‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬تراجع‭ ‬حجم‭ ‬التبرعات،‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الخدمة،‭ ‬وصعوبة‭ ‬توفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬جعلت‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬تحت‭ ‬ضغط،‭ ‬ووضعت‭ ‬الفقراء‭ ‬فى‭ ‬مأزق‭ ‬كبير،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬والذى‭ ‬كانت‭ ‬تنشط‭ ‬فيه‭ ‬أعمال‭ ‬الخير،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬التبرعات‭ ‬التى‭ ‬تعد‭ ‬المصدر‭ ‬الأساسى‭ ‬لتمويل‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وصعوبة‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية،‭ ‬تراجعت‭ ‬التبرعات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬مأزقا‭ ‬كبيرا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الصغيرة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬واستدرار‭ ‬عطف‭ ‬المواطنين،‭ ‬والتى‭ ‬أصبحت‭ ‬فى‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التراجع‭ ‬فى‭ ‬التبرعات،‭ ‬يواجه‭ ‬القطاع‭ ‬الخيرى‭ ‬أزمة‭ ‬إضافية‭ ‬تتمثل‭ ‬فى‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الخدمات‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬الجمعيات،‭ ‬فزيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬إلى‭ ‬الأدوية،‭ ‬تجعل‭ ‬الجمعيات‭ ‬أمام‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬لتقديم‭ ‬نفس‭ ‬مستوى‭ ‬الدعم‭ ‬الذى‭ ‬كانت‭ ‬تقدمه‭ ‬فى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬
وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسات‭ ‬التى‭ ‬أُجريت‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭% ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬تعرضت‭ ‬لانخفاض‭ ‬ملحوظ‭ ‬فى‭ ‬التبرعات،‭ ‬وقال‭ ‬أيمن‭ ‬الكرفى‭ ‬المسئول‭ ‬بإحدى‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية،‭ ‬إن‭ ‬الجمعيات‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬بسبب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التى‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬الفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجًا‭.‬
وأوضح‭ ‬الكرفى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأسباب‭ ‬التى‭ ‬تسببت‭ ‬فى‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬هى‭ ‬قلة‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة‭ ‬التى‭ ‬نمر‭ ‬بها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الأشخاص‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجًا‭ ‬قد‭ ‬زادت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬ضاعف‭ ‬الأعباء‭ ‬على‭ ‬الجمعية‭.‬
وأضاف‭ ‬الكرفى‭ ‬أن‭ ‬التبرعات‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تصل‭ ‬من‭ ‬المتبرعين‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬تراجعًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يساهمون‭ ‬بمبالغ‭ ‬بسيطة،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬فى‭ ‬الموارد‭ ‬المالية،‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الجمعيات‭ ‬أصبحت‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المتبرعين‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬لمحاولة‭ ‬تحفيزهم‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬للتبرع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تحديًا‭ ‬جديدًا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ضغوط‭ ‬الحياة‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭.‬
وأكد‭ ‬الكرفى‭ ‬أن‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الجمعيات‭ ‬أصبح‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬يتطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التبرعات‭ ‬والموارد،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬التبرعات،‭ ‬تواجه‭ ‬الجمعيات‭ ‬صعوبة‭ ‬فى‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاتهم‭. ‬وطالب‭ ‬الكرفى‭ ‬بضرورة‭ ‬تكاتف‭ ‬المجتمع‭ ‬والمساهمة‭ ‬الفعالة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لضمان‭ ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬الخيرى‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للمحتاجين‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭.‬
ارتفاع‭ ‬الأسعار
وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬أشار‭ ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬العليم‭ ‬مسؤول‭ ‬بإحدى‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬بالقاهرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬ارتفعت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وهذا‭ ‬أثر‭ ‬فى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تغطية‭ ‬متطلبات‭ ‬الأسر‭ ‬المحتاجة‭. ‬حتى‭ ‬الأدوات‭ ‬الطبية‭ ‬التى‭ ‬نقدمها‭ ‬للمحتاجين‭ ‬أصبحت‭ ‬عالية‭ ‬السعر‮»‬‭.‬
وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الجمعيات‭ ‬تواجه‭ ‬تحديًا‭ ‬إضافيًا‭ ‬يتمثل‭ ‬فى‭ ‬محدودية‭ ‬المخزون‭ ‬المتاح‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭. ‬ومع‭ ‬تناقص‭ ‬التبرعات،‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬شراء‭ ‬الكميات‭ ‬الكافية‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬جميع‭ ‬المستفيدين‭. ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬المساعدات‭ ‬المقدمة،‭ ‬فبدلًا‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬سلة‭ ‬غذائية‭ ‬متكاملة‭ ‬تحتوى‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬متنوعة،‭ ‬قد‭ ‬يتلقى‭ ‬المستفيدون‭ ‬كرتونة‭ ‬تحتوى‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬فقط،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فعالية‭ ‬الدعم‭ ‬المقدم‭ ‬لهم‭.‬
اختيار‭ ‬صعب
وتقول‭ ‬لمياء‭ ‬إحدى‭ ‬المتطوعات‭ ‬بالجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬التى‭ ‬تسهم‭ ‬فى‭ ‬تجهيز‭ ‬العرائس‭: ‬‮«‬‭ ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬أصبح‭ ‬مختلفا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التبرع‭ ‬مثل‭ ‬السابق،‭ ‬فالجميع‭ ‬يعانى‭ ‬من‭ ‬ضيق‭ ‬الحال،‭ ‬وفى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬ميزانية‭ ‬ثابتة،‭ ‬وكان‭ ‬لدينا‭ ‬أمل‭ ‬فى‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭. ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فقد‭ ‬أصبحنا‭ ‬نختار‭ ‬بين‭ ‬الأسر‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجًا‭ ‬–‭ ‬وهو‭ ‬اختيار‭ ‬صعب‭- ‬ونضطر‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬إخبار‭ ‬البعض‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬مساعدتهم‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‮»‬‭.‬
وأكدت‭ ‬أن‭ ‬المشاكل‭ ‬لم‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬المالية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الإدارى‭ ‬والنفسى‭ ‬أيضا‭. ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬والمتطوعين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالضغط‭ ‬النفسى‭ ‬نتيجة‭ ‬للعمل‭ ‬فى‭ ‬بيئة‭ ‬متوترة‭ ‬حيث‭ ‬يتوجب‭ ‬علينا‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬عاجلة‭ ‬ومؤقتة‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الفئات‭ ‬المستحقة،‭ ‬مع‭ ‬قلة‭ ‬الموارد‭ ‬المتاحة‭.‬
تراجع
وعلق‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالله‭ ‬أحد‭ ‬المتطوعين‭ ‬‮«‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬شهدت‭ ‬تراجعًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬فى‭ ‬التبرعات،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توقف‭ ‬علاج‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬وتأخر‭ ‬صرف‭ ‬الرواتب‭ ‬الشهرية‭. ‬ويعود‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المؤسف‭ ‬إلى‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬أغلب‭ ‬الناس‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الضغوط،‭ ‬تبرعك‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬مساعدات‭ ‬مالية‭ ‬للأسر‭ ‬المحتاجة‭ ‬لتغطية‭ ‬احتياجاتها‭ ‬الأساسية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يعينها‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬كرامتها‭ ‬ويمنع‭ ‬تعرضها‭ ‬للضغوط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬انقطاع‭ ‬الدعم،‭ ‬وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬تنزيل‭ ‬تطبيقات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فودافون‭ ‬كاش‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬اتصالات‭ ‬كاش‮»‬‭ ‬للتبرع‭ ‬ويساهم‭ ‬بما‭ ‬يستطيع‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بمبلغ‭ ‬صغير‭ ‬مثل‭ ‬10‭ ‬جنيهات،‭ ‬فهذا‭ ‬المبلغ‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭. ‬وتعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬وفعالية‭ ‬من‭ ‬التبرع‭ ‬للأشخاص‭ ‬فى‭ ‬الشوارع،‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكونون‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬فعلية‭ ‬للصدقة‭.‬
البحث‭ ‬عن‭ ‬بدائل
فى‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬فى‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬حلول‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬الوضع،‭ ‬فالبعض‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬التى‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬جمهور‭ ‬أوسع‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭. ‬كما‭ ‬بدأ‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬فى‭ ‬تنظيم‭ ‬فعاليات‭ ‬خيرية‭ ‬مبتكرة‭ ‬لجذب‭ ‬الدعم‭ ‬المالى،‭ ‬مثل‭ ‬المزادات‭ ‬الخيرية‭ ‬والأنشطة‭ ‬التى‭ ‬تتيح‭ ‬للناس‭ ‬التبرع‭ ‬بطرق‭ ‬مختلفة‭.‬
من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تسعى‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬وتقليص‭ ‬النفقات‭ ‬التشغيلية‭. ‬وهى‭ ‬خطوة‭ ‬تعتبر‭ ‬مهمة‭ ‬لضمان‭ ‬الاستمرارية،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الحالى‭. ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬الجمعيات‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬عملياتها‭. ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مجالات‭ ‬يمكن‭ ‬تقليص‭ ‬التكاليف‭ ‬فيها‭ ‬دون‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُنفذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‮»‬‭.‬
وتعتبر‭ ‬إدارة‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬بمثابة‭ ‬اختبار‭ ‬حقيقى‭ ‬لمهاراتهم‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭. ‬ففى‭ ‬وقت‭ ‬يشهد‭ ‬فيه‭ ‬القطاع‭ ‬الخيرى‭ ‬انخفاضًا‭ ‬فى‭ ‬الموارد،‭ ‬يصبح‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجًا‭ ‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭. ‬وتحتاج‭ ‬الجمعيات‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬جهودها‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬بديلة‭ ‬وتبنى‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مبتكرة‭ ‬لزيادة‭ ‬التبرعات‭.‬
منافع‭ ‬الصدقة
ومن‭ ‬جانبه‭ ‬أوضح‭ ‬دكتور‭ ‬أحمد‭ ‬متولى‭ ‬سعد‭ ‬الأستاذ‭ ‬بكلية‭ ‬التربية‭ ‬جامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬أن‭ ‬للصدقة‭ ‬منافع‭ ‬كثيرة‭ ‬تعود‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بالخير‭ ‬العميم،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭: ‬أنها‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التضامن‭ ‬والتكافل‭ ‬والتعاون‭ ‬والمساعدة‭ ‬المتبادلة‭ ‬والتراحم‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفى‭ ‬ذلك‭ ‬قول‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬المُؤْمِن‭ ‬للمؤمنِ‭ ‬كالبُنْيانِ‭ ‬يشدُّ‭ ‬بَعضُهُ‭ ‬بعضًا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تؤدى‭ ‬الصدقة‭ ‬إلى‭ ‬طهارة‭ ‬المجتمع‭ ‬كله‭ ‬أغنيائه‭ ‬وفقرائه‭ ‬من‭ ‬آفات‭ ‬الكره‭ ‬والحسد‭ ‬والحقد،‭ ‬كما‭ ‬تحمى‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬الهدم‭ ‬والتفرقة‭ ‬والصراع‭ ‬والفتن،‭ ‬وتساهم‭ ‬فى‭ ‬تضييق‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الغنى‭ ‬والفقير،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬الصدقة‭ ‬يراعى‭ ‬الغنى‭ ‬حقوق‭ ‬وكرامة‭ ‬الفقير‭ ‬والمحتاج،‭ ‬وبالتالى‭ ‬يسود‭ ‬التكافل‭ ‬والتماسك‭ ‬والانسجام‭ ‬والوحدة‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬تأثير‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬يمكن‭ ‬للفرد‭ ‬المتصدق‭ ‬أن‭ ‬يوازن‭ ‬بين‭ ‬احتياجاته‭ ‬الشخصية‭ ‬والتصدق‭ ‬على‭ ‬الغير،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يوازن‭ ‬بين‭ ‬التصدق‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬اليسر‭ ‬وأوقات‭ ‬العسر‭ ‬بأن‭ ‬يداوم‭ ‬على‭ ‬التصدق‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بالقليل،‭ ‬فخير‭ ‬التصدق‭ ‬بما‭ ‬يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬القلة‭ ‬والحاجة،‭ ‬ودليل‭ ‬ذلك‭ ‬سُئِل‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭-: ‬‮«‬أيُّ‭ ‬الصَّدقةِ‭ ‬أفضلُ؟‭ ‬قال‭: ‬جُهْدُ‭ ‬المقِلِّ‮»‬،‭ ‬والمُقِلُّ‭: ‬هو‭ ‬الفقير‭ ‬الذى‭ ‬معه‭ ‬شيء‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬المال‭: ‬أى‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬الصَّدقة‭ ‬هى‭ ‬صدقة‭ ‬الفقير‭ ‬قليل‭ ‬المال‭ ‬الذى‭ ‬يتصدق‭ ‬على‭ ‬قدْر‭ ‬طاقتِه‭ ‬ووُسْعِه‭ ‬مع‭ ‬مَشقَّة‭ ‬ذلك‭ ‬عليه‭.‬
وللصدقة‭ ‬أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬الصدقة‭ ‬بالمال؛‭ ‬ومنها‭ ‬الصدقة‭ ‬بالبدن‭ ‬سواء‭ ‬بالقول‭ ‬أو‭ ‬بالعمل،‭ ‬وسواء‭ ‬فيه‭ ‬نفع‭ ‬قاصر‭ ‬على‭ ‬صاحبه‭ ‬أو‭ ‬متعد‭ ‬إلى‭ ‬الغير،‭ ‬ويتضح‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬المال‭ ‬ليتصدق‭ ‬به،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فتح‭ ‬له‭ ‬أبواب‭ ‬الصدقة‭ ‬بالبدن،‭ ‬ومنها‭ ‬الصدقات‭ ‬القولية‭ ‬والتى‭ ‬تتعدى‭ ‬نفعها‭ ‬إلى‭ ‬الغير‭ ‬كالأمر‭ ‬بالمعروف‭ ‬والنهى‭ ‬عن‭ ‬المنكر،‭ ‬والنصيحة،‭ ‬وتعليم‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬أو‭ ‬تعليم‭ ‬العلم‭ ‬النافع،‭ ‬والدعاء‭ ‬للغير‭ ‬والاستغفار‭ ‬لهم،‭ ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬صدقات‭ ‬قولية‭ ‬نفعها‭ ‬قاصر‭ ‬على‭ ‬صاحبها،‭ ‬ومنها‭ ‬تلاوة‭ ‬وحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬والتفقُه‭ ‬فى‭ ‬الدين،‭ ‬والذكر‭ ‬والتسبيح،‭ ‬وإمساك‭ ‬اللسان‭ ‬عن‭ ‬الغيبة‭ ‬والنميمة‭.‬
وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬توجد‭ ‬صدقات‭ ‬عملية‭ ‬يتعدى‭ ‬نفعها‭ ‬إلى‭ ‬الغير،‭ ‬ومنها‭ ‬إغاثة‭ ‬الملهوف،‭ ‬وإماطة‭ ‬الأذى‭ ‬عن‭ ‬الطريق،‭ ‬والإصلاح‭ ‬بين‭ ‬المتخاصمين،‭ ‬والتعاون،‭ ‬ومساعدة‭ ‬الغير،‭ ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬صدقات‭ ‬عملية‭ ‬نفعها‭ ‬قاصر‭ ‬على‭ ‬صاحبها،‭ ‬ومنها‭ ‬الصلاة‭ ‬فى‭ ‬المسجد،‭ ‬والإكثار‭ ‬من‭ ‬صلاة‭ ‬النوافل،‭ ‬وصيام‭ ‬النوافل،‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التى‭ ‬تعد‭ ‬صدقة‭ ‬من‭ ‬الشخص‭ ‬على‭ ‬نفسه‭.‬
وأوضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬صنف‭ ‬الصدقة‭ ‬إلى‭ ‬نوعين‭ ‬وهما‭ ‬الصدقة‭ ‬بالمال‭ ‬والصدقة‭ ‬بالطعام،‭ ‬واختلف‭ ‬العلماء‭ ‬فى‭ ‬أفضلية‭ ‬إخراجها‭ ‬مالًا‭ ‬أو‭ ‬طعامًا؛‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السلف‭ ‬يفضل‭ ‬إطعام‭ ‬الطعام‭ ‬للفقراء؛‭ ‬ففيه‭ ‬أجر‭ ‬عظيم‭ ‬لفاعله،‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: ‬وَيُطْعِمُونَ‭ ‬الطَّعَامَ‭ ‬عَلَى‭ ‬حُبِّهِ‭ ‬مِسْكِينًا‭ ‬وَيَتِيمًا‭ ‬وَأَسِيرًا‭. ‬إِنَّمَا‭ ‬نُطْعِمُكُمْ‭ ‬لِوَجْهِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬لا‭ ‬نُرِيدُ‭ ‬مِنْكُمْ‭ ‬جَزَاءً‭ ‬وَلا‭ ‬شُكُورًا،‭ ‬كما‭ ‬فضل‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬إخراجها‭ ‬مال‭ ‬للفقير‭ ‬ليشترى‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬يُريد‭ ‬من‭ ‬احتياجاته،‭ ‬والحاصل‭ ‬أن‭ ‬كلًاّ‭ ‬من‭ ‬الصدقة‭ ‬بالمال‭ ‬وإطعام‭ ‬الطعام‭ ‬له‭ ‬فضل‭ ‬كبير،‭ ‬فلا‭ ‬تجب‭ ‬فى‭ ‬شيء‭ ‬معين‭ ‬بل‭ ‬بما‭ ‬يجود‭ ‬به‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬تحديد‭.‬
وأكد‭ ‬أن‭ ‬الصدقة‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الأعمال‭ ‬التى‭ ‬شرعها‭ ‬الإسلام،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬فوائد‭ ‬وحكم‭ ‬عظيمة‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬فوائدها‭ ‬أنها‭ ‬تُعد‭ ‬سببًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لزيادة‭ ‬الرزق،‭ ‬حيث‭ ‬تحفظ‭ ‬المال‭ ‬وتبارك‭ ‬فيه،‭ ‬وتكون‭ ‬وسيلة‭ ‬لتجديده‭ ‬وإخلافه‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أنفع‭ ‬وأكثر‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬الصدقة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬النفع‭ ‬المادى‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تُسهم‭ ‬فى‭ ‬تزكية‭ ‬النفس،‭ ‬حيث‭ ‬تطهرها‭ ‬من‭ ‬البخل،‭ ‬وتنمى‭ ‬فيها‭ ‬صفات‭ ‬الجود‭ ‬والكرم‭ ‬والإيثار‭ ‬وتعد‭ ‬وسيلة‭ ‬لغفران‭ ‬الذنوب‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء، مما‭ ‬يبرز‭ ‬دورها‭ ‬فى‭ ‬حماية‭ ‬المؤمن‭ ‬من‭ ‬الشدائد‭ ‬والمصائب‭.‬