بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مجدي سلامة يكتب: لجان رئيس الوزراء ..الحكاية أخطر بكثير  من عودة رجال مبارك (1-3)

بوابة الوفد الإلكترونية

 نهاية الأسبوع الماضي زف مجلس الوزراء بشرى للمصريين: قال إن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرر تشكيل 6 لجان استشارية مُتخصصة لتعزيز التواصل بين الحكومة والخبراء في مجالات القطاع الخاص المختلفة".. وفور الإعلان عن تشكيل هذه اللجان امتلأت وسائل السوشيال ميديا هجومًا على  تلك اللجان استنادًا إلى أنها تمثل عودة رجال مبارك إلى دائرة صنع القرار في مصر، بعد أن أطاحت بهم ثورة يناير التي تحل الآن ذكراها الـ14، ولكن من يدقق قي الحكاية من البداية، سيكتشف أنها تحمل كوارث أخطر بكثير من عودة رجال مبارك. 

 طبعًا من حق رئيس الوزراء أن يشكل ما يشاء من لجان، وأن يستعين بمن شاء من الخبراء، فالمهم عند المصريين، هو تحسين مستوى معيشتهم، تمامًا مثلما كانت تردد الجميلة "ميمي شكيب" في فيلم "30 يوم في السجن"، المهم.. "الإيراد يا مدحت".. نفس العبارة يكررها كل المصريين: "المهم الإيراد يا "مدبولي"– مع حفظ الألقاب.

 وطبعًا لا يمكن الحكم على أداء اللجان الستة التي أعلن رئيس الوزراء عن تشكيلها، فتأثيرها ونتيجة عملها ستكشفه الأيام المقبلة، إلا أن ما يجب أن نتوقف عنده الآن هو دلالة تشكيل هذه اللجان الآن، ودلالة اختيار أعضائها، ودلالة مهمتها الأساسية! 

 وأول ما يستحق أن نتوقف أمامه هو مسمى تلك اللجان: "لجان استشارية مُتخصصة لتعزيز التواصل بين الحكومة والخبراء في مجالات القطاع الخاص المختلفة"، فما معنى هذا المسمي الطويل؟ معناه ببساطة أن الحكومة وقطاعات كبيرة من الأنشطة والأعمال لا يتم التواصل معها بشكل جاد وحقيقي، وإلا لما كنا بحاجة إلى تشكيل تلك اللجان.. وأول سؤال هنا هو: ما الذي منع تعزيز التواصل بين الحكومة وقطاعات مهمة في مصر ؟.. ولماذا لم يتم تعزيز التواصل معها من زمان؟ فهل من الطبيعي أن يظل الدكتور مدبولي رئيسًا للوزراء 8 سنوات متواصلة ثم بعد هذه السنوات يقرر اتعزيز التواصل بين الحكومة ومجموعة من الخبراء؟.. ولماذا اكتفى بأن يكون التواصل بين الحكومة ومجموعة من الخبراء فقط ؟ لماذا لا يكون التواصل بين الحكومة والقطاعات نفسها وليس  فقط مع مجموعة من الخبراء؟!

 وإذا ما تجاوزنا المسمي، فإننا نتوقف أمام العدد، فلماذا اكتفى الدكتور مدبولي بخبراء 6 قطاعات فقط؟ ـ فحسب الإعلان الحكومي فإن اللجان الست تضم: لجنة الاقتصاد الكلي، ولجنة تنمية الصادرات، ولجنة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال، ولجنة تطوير السياحة المصرية، ولجنة الشئون السياسية، ولجنة التنمية العمرانية وتصدير العقار.

 فلماذا لم يُشكل رئيس الوزراء لجنة خاصة بالتنمية الزراعية؟ مثلا، فالتنمية الزراعية واحدة من المجالات شديدة الأهمية خصوصًا أن مصر تستورد جزءًا كبيرًا من غذائها، فنستورد أكثر من 50% من احتياجاتنا من القمح، وحوالي 98% من استهلاكنا من الزيت، ونسب كبيرة من الأعلاف وغيرها، فهل قطاع بهذه الخطورة وهذا النقص لا يستحق لجنة تضاف للجان ريس الوزراء الست؟!

  وأيضًا لماذا لم يضف رئيس الوزراء للجانه لجنة عن الصناعة وتطويرها وحل أزماتها، ولجنة خاصة بالقطاع الصحي، ولجنة خاصة بالتعليم ؟! 

 سيقول قائل إن لجنة الاقتصاد الكلي هي من ستتولى مناقشة ما يتعلق بالزراعة والصناعة – مثلًا-  والرد على ذلك أن الاقتصاد الكلي يستوعب أيضًا تطوير الصادرات وتطوير السياحة، فماذا شكل لهم رئيس الوزراء لجنتين لهما إذا كانت لجنة الاقتصاد الكلي ستتولى مناقشة كل الملفات التي لها علاقة بالاقتصاد؟

 وإذا ما تجاوزنا المسمى والعدد يبقى توقيت إعلان تشكيل تلك اللجان، فلماذا الآن؟.. طرحت هذا السؤال على عدد من خبراء السياسة والاقتصاد، فتلقيت إجابات كلها تدور حول معني واحد وهو أن تشكيل تلك اللجان حاليًا ربما يكون له علاقة بصندوق النقد الذي طلب من مصر صراحة مزيدًا من تشجيع القطاع الخاص ـ فهل  تشكيل تلك الجان يستهدف إرضاء صندوق النقد بالفعل؟ أم أن له مأرب أخرى؟.. ثم هل هذه اللجان ستكون بديلًا عن عشرات اللجان الموجودة بالفعل في جهات حكومية عدة والمفروض أن مسئوليتها الأولى تعزيز التواصل بين الحكومة وكل القطاعات في مصر؟  وكيف تم اختيار أعضاء تلك اللجان؟ ولماذا تم اختيارهم بالذات؟ وهل هذا الاختيار يعني عودة رجال مبارك إلى دائرة صنع القرار في مصر بعد أن أطاحت بهم ثورة يناير؟.. الإجابة في الحلقة المقبلة.